موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: المُسارَعةُ لأداءِ الصَّلاةِ في أوَّلِ وَقتِها


يُستَحَبُّ تَعجيلُ الصَّلاةِ في أوَّلِ وَقتِها إلَّا إن كان في التَّأخيرِ مَصلَحةٌ [557] قال ابنُ حزمٍ: (وتعجيلُ جميعِ الصَّلَواتِ في أوَّلِ أوقاتِها أفضلُ على كلِّ حالٍ؛ حاشا العَتَمةَ؛ فإنَّ تأخيرَها إلى آخِرِ وَقْتِها في كلِّ حالٍ وكلِّ زمانٍ أفضلُ، إلَّا أنْ يَشُقَّ ذلك على النَّاسِ؛ فالرِّفقُ بهم أَوْلى). ((المحلى)) (2/214، 215). وقال ابنُ تيميَّةَ: (فتقديمُ الصَّلاةِ في أوَّلِ الوَقتِ وإنْ كان هو الأفضَلَ في الأصلِ، فإذا كان في التَّأخيرِ مصلحةٌ راجحةٌ كان أفضلَ، كالإبرادِ بالظُّهرِ، وتأخيرِ العِشاءِ). ((جامع المسائل)) (6/364). ويُنظر تفصيلُ أوقاتِ الصَّلَواتِ وبيانُ أفضَلِها في: ((الموسوعة الفقهيَّة بموقع الدُّرر السَّنيَّة)) https://dorar.net/feqhia .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ:
أ- مِنَ الكتابِ
1- قَولُ اللهِ تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ [البقرة: 238] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
 أنَّ من المحافظةِ عليها تَقديمَها في أوَّلِ الوقتِ؛ لأنَّه إذا أخَّرَها عرَّضَها للفَواتِ [558] ((المجموع)) للنووي (3/51). .
2- قَولُ اللهِ تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [آل عمران: 133] .
3- قَولُ اللهِ تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [البقرة: 148] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ المسارَعةَ إلى الخيرِ والمسابقةَ إليه أفضلُ بنصِّ القُرآنِ [559] قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (أصحُّ دليلٍ على تفضيلِ أوَّلِ الوَقتِ ممَّا قد نزع به ابنُ خُوَيز منداد وغيرُه: قولُه عزَّ وجلَّ: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ؛ فوجبت المسابقةُ إليها وتعجيلُها وجوبَ ندبٍ وفضلٍ؛ للدَّلائِلِ القائمةِ على جوازِ تأخيرِها). ((التمهيد)) (4/341) 342). ويُنظر: ((المحلى)) لابن حزم (2/215). .
ب- مِنَ السُّنَّةِ
عن أبي عَمرٍو الشَّيبانيِّ، قال: حَدَّثَنا صاحِبُ هذه الدَّارِ -وأشارَ إلى دارِ عَبدِ اللَّهِ-، قال: ((سَألتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قال: الصَّلاةُ على وقتِها، قال: ثُمَّ أيٌّ؟ قال: ثُمَّ برُّ الوالدَينِ، قال: ثُمَّ أيٌّ؟ قال: الجِهادُ في سَبيلِ اللهِ. قال: حَدَّثَني بهنَّ، ولوِ استَزَدتُه لزادَني)) [560] أخرجه البخاري (527) واللفظ له، ومسلم (139). .
قال ابنُ بَطَّالٍ: (في حَديثِ عَبدِ اللَّهِ أنَّ الصَّلاةَ لوقتِها أحَبُّ إلى اللهِ مِن كُلِّ عَمَلٍ، وذلك يَدُلُّ أنَّ تَركَها أبغَضُ الأعمالِ إلى اللهِ بَعدَ الشِّركِ... وفيه: أنَّ البِدارَ إلى الصَّلاةِ في أوَّلِ أوقاتِها أفضَلُ مِنَ التَّراخي فيها؛ لأنَّه إنَّما شَرَط فيها أن تَكونَ أحَبَّ الأعمالِ إلى اللهِ إذا أُقيمَت لوقتِها المُستَحَبِّ الفاضِلِ) [561] ((شرح صحيح البخاري)) (2/ 157). ويُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (2/ 9). .

انظر أيضا: