موسوعة الآداب الشرعية

ثامنًا: عدَمُ مُسابَقةِ الإمامِ


تَحرُمُ مُسابَقةُ الإمامِ برُكوعٍ، أو رَفْعٍ، أو سُجودٍ.
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ والإجماعِ:
أ- مِنَ السُّنَّةِ
1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((صلَّى بِنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ يومٍ، فلمَّا قضَى الصَّلاةَ أَقبَلَ علينا بوَجهِه، فقال: أيُّها النَّاسُ، إنِّي إمامُكم؛ فلا تَسبِقوني بالرُّكوعِ، ولا بالسُّجودِ، ولا بالقيامِ، ولا بالانصرافِ)) [913] أخرجه مسلم (426). .
2- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أمَا يَخشَى أحدُكُم -أو لَا يخشَى أحَدُكُم- إذا رفعَ رأسَه قبلَ الإمامِ، أنْ يجعَلَ اللهُ رأسَه رأسَ حمَارٍ، أو يجعَلَ اللهُ صورتَهُ صورَةَ حمَارٍ؟!)) [914] أخرجه البخاري (691) واللفظ له، ومسلم (427). .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
هذا تهديدٌ لِمَن سابَقَ الإمامَ، ولا تهديدَ إلَّا على فِعلٍ مُحرَّم، أو تَركِ واجبٍ [915] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (15/111). .
3- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ به، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وإذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، فَقُولوا: رَبَّنَا ولَكَ الحَمْدُ، وإذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وإذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أجْمَعُونَ)) [916] أخرجه البخاري (734) واللفظ له، ومسلم (414). .
4- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ركِب فرسًا فصُرِعَ عنه، فجُحِشَ [917] قال أبو عُبَيدٍ: (قال الكِسائيُّ في جُحِش: هو أن يُصيبَه شيءٌ، فيَنسَحِجَ منه جِلدُه، وهو كالخَدشِ أو أكثرُ مِن ذلك. يُقالُ منه: جُحِش يُجحَشُ، فهو مَجْحوشٌ). ((غريب الحديث)) (3/ 167). شِقُّه الأيمنُ، فصلَّى صلاةً مِن الصَّلَواتِ وهو قاعدٌ، فصَلَّيْنا وراءَه قعودًا، فلمَّا انصرَف قال: إنَّما جُعِل الإمامُ ليؤتَمَّ به، فإذا صلَّى قائمًا فصَلُّوا قِيامًا، فإذا ركَعَ فاركَعوا، وإذا رفَع فارفَعوا، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فقولوا: ربَّنا ولك الحمدُ)) [918] أخرجه البخاريُّ (689) واللفظ له، ومسلم (411). .
5- عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّها قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا ركَع فارْكَعوا، وإذا رفَع فارْفَعوا، وإذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا)) [919] أخرجه البخاري (688)، ومسلم (412). .
وجهُ الدَّلالةِ من الأحاديثِ:
أنَّ قولَه: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به)) معناه: أنَّ الائتمامَ يَقتضي متابعةَ المأمومِ لإمامِه؛ فلا يجوزُ له المقارَنةُ والمسابقةُ والمخالفةُ [920] ((نيل الأوطار)) للشوكاني (2/250). .
ب- مِنَ الإجماعِ
 نُقِل الإجماعُ على ذلك [921] قال ابنُ تَيميَّةَ: (أمَّا مُسابَقةُ الإمامِ فحرامٌ باتِّفاقِ الأئمَّةِ، لا يجوزُ لأحدٍ أن يركعَ قبْلَ إمامِه، ولا يرفَعَ قَبْلَه، ولا يَسجُدَ قَبْلَه). ((مجموع الفتاوى)) (23/336). ووقَع خِلافٌ فيما إذا سابَقَ المأمومُ الإمامَ، ثمَّ عادَ قبْلَ انتقالِ الإمامِ؛ قال ابنُ حجَرٍ الهَيْتَميُّ: (مذهَبُنا: أنَّ مجرَّدَ رفْعِ الرَّأسِ قبْلَ الإمامِ، أو القيامِ أو الهُويِّ قَبْلَه مكروهٌ كراهةَ تنزيهٍ، وأنْ يُسنَّ له العَودُ إلى الإمامِ إنْ كان باقيًا في ذلك الرُّكنِ، فإنْ سبقَه برُكنٍ -كأنْ ركَعَ واعتدلَ، والإمامُ قائمٌ لم يركَعْ- حرُم عليه). ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) (1/242). .

انظر أيضا: