موسوعة الآداب الشرعية

ثالِثَ عَشَرَ: انتِقالُ الإمامِ عن مَكانِه إذا أرادَ أن يَتَطَوَّعَ وكذلك المَأمومُ


انتِقالُ الإمامِ عن مَكانِه إذا أرادَ أن يَتَطَوَّعَ
يُستحَبُّ للإمامِ أن يَنتقلَ عن موضعِه إذا أراد أن يُصلِّيَ النَّافلةَ [947] وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعة، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلَف. يُنظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/35)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/435)، ((المجموع)) للنووي (3/491)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/86،87)، ((مصنف ابن أبي شيبة)) (2/209). قال النَّوويُّ: (النَّافِلةُ الرَّاتِبةُ وغَيرُها يُستَحَبُّ أن يَتَحَوَّلَ لها عن مَوضِعِ الفريضةِ إلى مَوضِعٍ آخَرَ، وأفضَلُه التَّحَوُّلُ إلى بَيتِه، وإلَّا فمَوضِعٌ آخَرُ مِنَ المَسجِدِ أو غَيرِه؛ ليُكَثِّرَ مَواضِعَ سُجودِه، ولتَنفصِلَ صورةُ النَّافِلةِ عن صورةِ الفريضةِ، وقَولُه: حتَّى نَتَكَلَّمَ، دَليلٌ على أنَّ الفَصلَ بَينَهما يَحصُلُ بالكَلامِ أيضًا، ولكِن بالانتِقالِ أفضَلُ؛ لِما ذَكَرناه. واللَّهُ أعلمُ). ((شرح النووي على مسلم)) (6/ 170). .
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ:
عن عَمرِو بنِ عطاءٍ، أنَّ نافعَ بنَ جُبَيرٍ أرسله إلى السَّائبِ ابنِ أُخت نَمِر، يسألُه عن شيءٍ رآه منه معاويةُ في الصَّلاةِ، فقال: ((نعَمْ؛ صليتُ معه الجُمعةَ في المقصورةِ، فلمَّا سلَّم الإمامُ قمتُ في مقامي فصليتُ، فلمَّا دخَلَ أرسل إليَّ، فقال: لا تَعُدْ لِمَا فعلتَ؛ إذا صليتَ الجُمُعةَ فلا تَصِلْها بصلاةٍ حتَّى تَكلَّمَ أو تخرُجَ؛ فإنَّ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَنا بذلك؛ أنْ لا تُوصَلَ صلاةٌ حتَّى نتكلَّمَ أو نَخرُجَ)) [948] رواه مسلم (883). .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ قوله: (أو تخرُج) أفاد أنَّه يَتنحَّى من مكانِه الذي صلَّى فيه [949] ((فتح الباري)) لابن حجر (2/335). .
أمَّا التَّعليلُ فللآتي:
1- لأنَّ في تَحويلِه مِن مَكانِه إعلامًا لمَن أتى المَسجِدَ أنَّه صَلَّى، فلا يَنتَظِرُه [950] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/160)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/86،87). .
2- لأنَّ فيه تَكثيرَ مَحالِّ العِبادةِ؛ حتَّى تَشهَدَ مَواضِعُ السُّجودِ له يَومَ القيامةِ [951] ((المجموع)) للنووي (3/491). .
انتِقالُ المَأمومِ عن مَكانِه إذا أرادَ أن يَتَطَوَّعَ
الأفضَلُ للمَأمومِ أن يَنتَقِلَ عن مَوضِعِه إذا أرادَ أن يُصَلِّيَ النَّافِلةَ [952] وهو مَذهَبُ المالكيَّةِ، والحَنابلةِ، وهو قَولُ طائِفةٍ مِنَ السَّلفِ، واختارَه الشَّوكانيُّ، وابنُ عُثَيمين. يُنظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/436)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/493)، ((مصنف ابن أبي شيبة)) (1/469)، ((فتح الباري)) لابن رجب (5/264)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (3/235)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (14/354). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن عَمرِو بنِ عطاءٍ، أنَّ نافعَ بنَ جُبَيرٍ أرسله إلى السائبِ ابنِ أُخت نَمِر، يسألُه عن شيءٍ رآه منه معاويةُ في الصَّلاةِ، فقال: ((نعَمْ؛ صليتُ معه الجُمعةَ في المقصورةِ، فلمَّا سلَّم الإمامُ قمتُ في مقامي فصليتُ، فلمَّا دخَلَ أرسل إليَّ، فقال: لا تَعُدْ لِمَا فعلتَ؛ إذا صليتَ الجُمُعةَ فلا تَصِلْها بصلاةٍ حتى تَكلَّمَ أو تخرُجَ؛ فإنَّ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَنا بذلك؛ أنْ لا تُوصَلَ صلاةٌ حتى نتكلَّمَ أو نَخرُجَ)) [953] رواه مسلم (883). .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
 أنَّ قولَه: (أو تخرُج) أفاد أنه يَتنحَّى من مكانِه [954] ((فتح الباري)) لابن حجر (2/335). .
أمَّا التَّعليلُ: فلأجْلِ أن تتميَّزَ الفريضةُ عن النَّافلةِ بالقيامِ من المكانِ، أو بالتَّحدُّثِ مع أحدٍ حتَّى يعرفَ التميُّز بينهما، والفَرْق بينهما [955] ((الموقع الرسمي للشيخ محمد بن صالح العثيمين)). .

انظر أيضا: