موسوعة الآداب الشرعية

فوائدُ ومَسائِلُ


مسألةٌ: صلاةُ النِّساءِ خَلفَ الإمامِ
يَصُفُّ النِّساءُ خَلْفَ الرِّجالِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ والإجماعِ:
أ- من السُّنَّةِ
1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، ((أنَّ جَدَّتَه مُليكةَ دعتْ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لطعامٍ صنعتْه، فأكَلَ منه، فقال: قُوموا فلأُصلِّي بكم، فقمتُ إلى حصيرٍ لنا قد اسودَّ من طولِ ما لبث، فنضحتُه بماءٍ، فقام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واليتيمُ معي، والعجوزُ مِن ورائِنا، فصلَّى بنا ركعتينِ)) [964] أخرجه البخاري (860) واللفظ له، ومسلم (658). .
2- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((خيرُ صفوفِ الرِّجالِ أوَّلُها، وشرُّها آخِرُها، وخيرُ صفوفِ النِّساءِ آخرُها، وشرُّها أوَّلُها)) [965] أخرجه مسلم (440). .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
في قوله: ((وخيرُ صفوفِ النِّساءِ آخرُها، وشرُّها أوَّلُها)) دلالةٌ على أنَّه يَنبغي تأخُّرُ النِّساءِ عنِ الرجالِ [966] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (4/278). .
ب- مِنَ الِإِجْماعِ
نقَلَ الإجماعَ على ذلك غيرُ واحدٍ [967] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (السُّنَّةُ المُجتَمَعُ عليها أن تَقومَ المَرأةُ خَلفَ الرِّجالِ). ((الاستذكار)) (2/271). وقال أيضًا: (لا خِلافَ في أنَّ سُنَّةَ النِّساءِ القيامُ خَلفَ الرِّجالِ، لا يَجوزُ لهنَّ القيامُ مَعَهم في الصَّفِّ). (الاستذكار)) (2/270). وقال ابنُ رَجَبٍ: (قد كانت صُفوفُ النِّساءِ خَلفَ الرِّجالِ في عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وخُلفائِه الرَّاشِدينَ؛ ولهذا قال ابنُ مَسعودٍ: "أخِّروهنَّ مِن حَيثُ أخَّرَهنَّ اللَّهُ". خَرَّجَه وكيعٌ وغَيرُه. ولا يُعلَمُ في هذا خِلافٌ بَينَ العُلماءِ، إلَّا أنَّه رويَ عن أبي الدَّرداءِ أنَّ الجاريةَ التي لم تَحِضْ تَقِفُ مَعَ الرِّجالِ في الصَّفِّ). ((فتح الباري)) (4/267). .
أمَّا التعليلُ: فلأنَّ الرجالَ أضبطُ فيما لو حصَل للإمامِ سهوٌ، أو خطأٌ في آيةٍ، أو احتاجَ إلى أنْ يَستخلفَ إذا طرأَ عليه عُذرٌ وخرَجَ من الصَّلاةِ [968] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (4/278). .
وَقتُ قيامِ النَّاسِ للصَّلاةِ عِندَ سَماعِ الإقامةِ ورُؤيةِ الإمامِ
الحالةُ الأولى: وقتُ قيامِ المُصلِّينَ إلى الصَّلاةِ إذا كان الإمامُ خارجَ المسجِدِ
إذا كان الإمامُ خارجَ المسجدِ، فلا يقومُ المصلُّونَ حتَّى يَرَوْه [969] وهذا مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ، والحَنابِلةِ، ونُسِبَ إلى الجُمهورِ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ، وقَولُ داودَ، واختارَه ابنُ المُنذِرِ، والشَّوكانيُّ، وابنُ بازٍ، والألبانيُّ. يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (1/70)، ((الإنصاف)) للمرداوي (2/30)، ((فتح الباري)) لابن رجب (3/587، 588)، ((فتح الباري)) لابن حجر (2/120)، ((الأوسط)) لابن المنذر (4/188)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (3/228)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/368)، ((الثمر المستطاب)) للألباني (1/227). .
الدَّليلُ على ذلك من السُّنَّةِ:
عن أبي قَتادَةَ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا أُقيمَتِ الصَّلاةُ، فلا تقُوموا حتى تَرَونِي)) [970] أخرجه البخاري (637)، ومسلم (604). .
الحالةُ الثانيةُ: وقتُ قيامِ المُصلِّينَ إلى الصَّلاةِ إذا كانَ الإمامُ داخلَ المسجِدِ
للمُصلِّي القيامُ متَى شاءَ، في أوَّلِ الإقامةِ، أو في أثنائِها، أو في نهايتِها [971] وهذا مذهبُ المالكيَّة، وقولُ أكثرِ أهلِ العِلمِ، واختارَه ابنُ باز، وابنُ عُثَيمين. ينظر: ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (1/200)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/367) و(26/216)، ((الشرح الممتع)) (3/9). .
وذلك للآتي:
1- لأنَّ مِن الناس مَن يخفُّ عليه القيامُ، فيدركُ الإمامَ قبلَ التَّكبيرِ، ومنهم مَن يَثقُلُ عليه ويحتاجُ فيه إلى التأنِّي والتكلُّفِ؛ فلا حرَجَ عليه في أن يَشْرَعَ في القيامَ قبلَ ذلك؛ ليدركَ التكبيرَ مع الإمامِ [972] ((المنتقى))‏ للباجي (1/135). .
2- لأنَّه ليس للقيامِ للصَّلاةِ عندَ الإقامةِ وقتٌ محدَّدٌ بالشَّرْعِ [973] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (3/9). .

انظر أيضا: