موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: وَضْعُ الطِّيبِ واستِعمالُ السِّواكِ والتَّزيُّنُ ولُبسُ أجملِ الثِّيابِ


يُستحَبُّ أن يَتطيَّبَ ويَستاكَ [1006] قال ابنُ حجر: (قال الزَّينُ ابنُ المُنَيِّرِ: لَمَّا خُصَّتِ الجُمُعةُ بطلبِ تحسينِ الظَّاهِرِ مِن الغُسلِ والتَّنظيفِ والتَّطيُّبِ؛ ناسَبَ ذلك تطييبُ الفَمِ الَّذي هو محلُّ الذِّكْرِ والمُناجاةِ، وإزالةُ ما يَضُرُّ الملائكةَ وبني آدَمَ). ((فتح الباري)) (2/ 375). ويُنظر: ((المتواري على أبواب البخاري)) لابن المُنَيِّر (ص: 108). ، ويتزيَّنَ ويَلبَسَ أحسنَ ثِيابِه لحضورِ صلاةِ الجُمُعةِ [1007] قال ابنُ المُنذِرِ: (ويُستحبُّ أن يستاكَ، ويمسَّ الطِّيبَ، ويَلْبَس من أحسنِ ثيابِه). ((الإقناع)) (1/106). وقال ابنُ القيِّمِ: (الخاصَّةُ الخامسةُ: التَّطيُّبُ فيه، وهو أفضلُ مِن التَّطيُّبِ في غيرِه مِن أيَّامِ الأسبوعِ). ((زاد المعاد)) (1/365). وقال أيضًا: (يُستحبُّ أن يَلبسَ فيه أحسنَ الثِّيابِ الَّتي يَقدِرُ عليها). ((زاد المعاد)) (1/369). وقال ابنُ رجب: (أكثرُ العلماءِ على استحبابِ الطِّيبِ للجُمعةِ). ((فتح الباري)) (5/347). ويُنظر: ((المجموع)) للنووي (4/538)، ((المغني)) لابن قدامة (2/258، 259). .
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ والإجماعِ:
أ- مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عَمرِو بن سُلَيمٍ الأنصاريِّ، قال: أشهَدُ على أبي سعيدٍ، قال: أشهدُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((الغُسلُ يومَ الجُمُعةِ واجبٌ على كلِّ محتلمٍ، وأن يَستنَّ، وأنْ يمسَّ طِيبًا إنْ وَجَد)) [1008] أخرجه البخاري (880) واللفظ له، ومسلم (846). .
2- عن أبي سعيدٍ وأبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنهما، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اغتسل يوم الجمعة، واستاك، ومس من طيب إن كان عنده، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتي المسجد، فلم يتخط رقاب الناس، ثم ركع ما شاء أن يركع، ثم أنصت إذا خرج الإمام، فلم يتكلم حتى يفرغ من صلاته، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة التي قبلها)) قال: وكان أبو هريرة يقول: ((وثلاثة أيام زيادة، إن الله جعل الحسنة بعشر أمثالها)) [1009] أخرجه أبو داود (343)، وأحمد (11768) واللفظ له. حسنه النووي في ((خلاصة الأحكام)) (2/779)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (343)، وحسن إسناده المناوي في ((كشف المناهج)) (1/508)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (343). وذهب إلى تصحيحه ابن خزيمة في ((صحيحه)) (3/244)، وابن حبان في ((صحيحه)) (2778)، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (1059). وأخرجه مسلم (857) مختصرًا مِن حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، ولفظُه: عن أبي هُرَيرةَ، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((مَنِ اغْتَسَلَ ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ، فَصَلَّى ما قُدِّرَ له، ثُمَّ أنْصَتَ حتَّى يَفْرُغَ مِن خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي معهُ، غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى، وفَضْلُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ)). .
3- عن سَلْمانَ الفارِسيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا يَغتَسِلُ رجُلٌ يومَ الجُمُعةِ، ويَتطَهَّرُ ما استطاع مِن طُهرٍ، ويَدَّهِنُ مِن دُهْنِه، أو يَمَسُّ مِن طِيبِ بَيتِه، ثمَّ يَخرُجُ فلا يُفَرِّقُ بيْنَ اثنَينِ، ثمَّ يُصلِّي ما كُتِب له، ثمَّ يُنصِتُ إذا تكلَّمَ الإمامُ؛ إلَّا غُفِر له ما بيْنَه وبيْنَ الجُمُعةِ الأخرى)) [1010] أخرجه البخاري (883). .
4- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ هذا يَومُ عيدٍ جَعَله اللهُ للمُسلمينَ، فمَن جاءَ إلى الجُمُعةِ فليَغتَسِلْ، وإن كان طِيبٌ فليَمَسَّ مِنه، وعليكُم بالسِّواكِ)) [1011] أخرجه ابن ماجه (1098) واللفظ له، والطوسي في ((مختصر الأحكام)) (3/51)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (7355). حسَّنه لغيره الألبانيُّ في ((صحيح الترغيب)) (707)، وحَسَّن إسنادَه المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (1/342). .
ب- مِنَ الإجماعِ
نقَل الإجماعَ على ذلك غيرُ واحدٍ [1012] ممَّن نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبدِ البَرِّ، وابنُ رُشدٍ، وابنُ قُدامةَ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (عن نافِعٍ، عن ابنِ عُمَرَ: "كان لا يَروحُ إلى الجُمعةِ إلَّا إذا ادَّهن وتطيَّب، إلَّا أن يكونَ مُحرِمًا"، وهي سُنَّةٌ مسنونةٌ معمولٌ بها عندَ جماعةِ العلماءِ). ((الاستذكار)) (2/48). وقال ابنُ رُشدٍ: (آدابُ الجُمعةِ ثلاثةٌ: الطِّيبُ، والسِّواكُ، واللِّباسُ الحسَنُ، ولا خِلافَ فيه؛ لوُرودِ الآثارِ بذلك). ((بداية المجتهد)) (1/165). وقال ابنُ قُدامةَ: (ويُستحَبُّ لِمَن أتى الجُمُعةَ أن يَغتسلَ، ويَلبَسَ ثوبَينِ نظيفينِ، ويتطيَّبَ؛ لا خِلافَ في استحبابِ ذلك). ((المغني)) (2/256). .

انظر أيضا: