موسوعة الآداب الشرعية

رابعًا: التَّبكيرُ إلى المسجدِ لصلاةِ الجُمُعةِ


يُستحَبُّ التَّبكيرُ مِن أوَّلِ النَّهارِ [1013] وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وهو قولُ ابنِ حَبيبٍ مِنَ المالِكيَّة، واختارَه ابنُ حزمٍ. ينظر: ((حاشية ابن عابدين)) (1/169)، ((المجموع)) للنووي (4/540)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 42)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/535)، ((المحلى)) لابن حزم (3/246). واختُلِف في أوَّلِ وقتِ التَّبكيرِ وعندَ الحنفيَّةِ مختلَفٌ فيه؛ فقيل: مِن طُلوعِ الشَّمسِ؛ لِيَكونَ ما قبْلَه مِن طُلوعِ الفَجرِ زمانَ غُسلٍ وتأهُّبٍ، قال البُرهانُ الحلَبيُّ: وهو الأظهرُ. يُنظر: ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 335). واختَلفت الشَّافعيَّةُ في أوَّلِ وقتِ التَّبكيرِ، وذكر النَّوويُّ: أنَّ الصَّحيحَ عندَ أكثرِ الشَّافعيَّةِ هو مِن طُلوعِ الفَجرِ. يُنظر: ((المجموع)) للنووي (4/540). وأوَّلُ وقتِ التَّبكيرِ عندَ الحنابلةِ: الإتيانُ بعدَ طُلوعِ الفَجرِ، لا بعدَ طُلوعِ الشَّمسِ. يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/42). قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (فإنَّ أهلَ العِلمِ مختَلِفون في تِلك السَّاعاتِ؛ فقالت طائفةٌ: أراد السَّاعاتِ مِن طلوعِ الشَّمسِ وصَفائِها، وهو أفضلُ البُكورِ في ذلك الوَقتِ إلى الجُمُعةِ، وهو قولُ الثَّوريِّ، وأبي حنيفةَ، والشَّافعيِّ، وأكثَرِ العُلَماءِ، كُلُّهم يَستحِبُّ البكورَ إليها). ((الاستذكار)) (2/6). وقال ابنُ رجبٍ: (القولُ الثَّاني: أنَّ المرادَ بالسَّاعاتِ مِن أوَّلِ النَّهارِ، وهو قولُ الأكثرينَ ثُمَّ اختَلَفوا: هَل أوَّلُها مِن طُلوعِ الفجرِ، أو مِن طُلوعِ الشَّمسِ؟ فقالت طائِفةٌ: أوَّلُها مِن طُلوعِ الفَجرِ، وهو ظاهرُ مَذهَبِ الشَّافِعيِّ وأحمدَ... وقالت طائِفةٌ: أوَّلُها مِن طُلوعِ الشَّمسِ، وحُكيَ عنِ الثَّوريِّ وأبي حَنيفةَ ومُحَمَّدِ بنِ إبراهيمَ البُوشَنجيِّ، ورَجَّحَه الخَطَّابيُّ وغَيرُه... ورَجَّحَ هذا القَولَ عَبدُ المَلِكِ بنُ حَبيبٍ المالِكيُّ). ((فتح الباري)) (5/354). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَنِ اغتَسَلَ يومَ الجُمُعةِ غُسلَ الجَنابةِ، ثمَّ راحَ، فكأنَّما قرَّب بَدَنةً، ومَن راحَ في السَّاعةِ الثَّانيةِ فكأنَّما قرَّبَ بقرةً، ومَن راح في السَّاعةِ الثَّالثةِ فكأنَّما قرَّبَ كبشًا أقرَنَ، ومَن راحَ في السَّاعةِ الرَّابعةِ فكأنَّما قرَّبَ دَجاجةً، ومَن راح في السَّاعةِ الخامسةِ فكأنَّما قرَّب بَيضةً، فإذا خرَج الإمامُ حضرَتِ الملائكةُ يَستمِعونَ الذِّكرَ)) [1014] أخرجه البخاري (881)، ومسلم (850). . وفي لفظٍ: ((إِذَا كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ، كانَ علَى كُلِّ بَابٍ مِن أبْوَابِ المَسْجِدِ المَلَائِكَةُ، يَكْتُبُونَ الأوَّلَ فَالأوَّلَ، فَإِذَا جَلَسَ الإمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ، وجَاؤُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ)) [1015] أخرجه البخاري (3211). .
2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا كانَ يومُ الجُمُعةِ كان على كلِّ بابٍ مِن أبوابِ المسجدِ الملائكةُ، يَكتُبونَ الأوَّلَ فالأَوَّلَ)) [1016] أخرجه البخاري (3211). .

انظر أيضا: