موسوعة الآداب الشرعية

سادسًا: صلاةُ تحيَّةِ المسجدِ


يُستحَبُّ لِمَن دخَلَ المسجدَ يومَ الجُمُعةِ صلاةُ رَكعتينِ تحيَّةَ المسجدِ، حتَّى لو كان الإمامُ يَخطُبُ الجُمُعةَ [1020] وهذا مذهبُ الشَّافعيَّةِ، والحَنابِلةِ، وهو مذهبُ الظَّاهِريَّةِ وهو قولُ ابنِ باز، وابنِ عُثيمين، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ، يُنظر: ((المجموع)) للنووي (4/551)، ((الإقناع)) للحجاوي (1/198)، ((المحلى)) لابن حزم (3/275)، ((فتاوى نور على الدرب)) لابن باز (13/308)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/105)، ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الثانية)) (7/137). قال ابنُ قُدامَة: (ومَن دخَل والإمامُ يَخطُبُ، لم يجلِسْ حتَّى يركعَ ركعتين، يُوجِزُ فيهما. وبهذا قال الحسَنُ، وابنُ عُيَينةَ، ومكحولٌ، والشَّافعيُّ، وإسحاقُ، وأبو ثورٍ، وابنُ المنذِرِ). ((المغني)) (2/236). وقال النَّوويُّ: (فرعٌ في مذاهبِ العُلماءِ فيمَن دخَل المسجدَ يومَ الجمعةِ والإمامُ يَخطُبُ: مذهبُنا أنَّه يُستحَبُّ له أن يُصلِّيَ ركعتينِ تحيَّةَ المسجدِ ويُخفِّفهما، ويُكرَهُ له تركُهما، وبه قال الحسَنُ البصريُّ، ومكحولٌ، والـمَقْبُريُّ، وسفيانُ بنُ عُيَينةَ، وأبو ثَورٍ، والحُمَيديُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وابنُ المنذرِ، وداودُ، وآخَرون). ((المجموع)) (4/552). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [1021] قال ابنُ حزم: (فهذه آثارٌ متظاهِرةٌ متواتِرةٌ عن جماعةٍ مِن الصَّحابةِ رضيَ الله عنهم بأصحِّ أسانيدَ توجِبُ العِلمَ بأمْرِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَن جاء يومَ الجُمعةِ والإمامُ يخطُبُ بأنْ يُصلِّيَ ركعتين، وصلَّاهما أبو سعيدٍ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وبعدَه بحضرةِ الصَّحابةِ، لا يُعرَفُ له منهم مخالِفٌ، ولا عليه مُنكِرٌ). ((المحلى)) (3/277). وقال ابنُ حجر: (ولم يَثبُتْ عن أحدٍ من الصَّحابةِ صريحًا ما يُخالِفُ ذلك). ((فتح الباري)) (2/411). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((جاء رجُلٌ والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ النَّاسَ يوم الجمعة، فقال: أصليتَ يا فُلانُ؟ قال: لا، قال: قُمْ فارْكَعْ)) [1022] أخرجه البخاري (930) واللفظ له، ومسلم (875). .
وفي روايةٍ: ((إذا جاءَ أحدُكم يومَ الجُمُعةِ والإمامُ يَخطُبُ، فلْيَرْكَعْ ركعتَينِ، ولْيَتجَوَّزْ فيهما)) [1023] أخرجها مسلم (875). .
2- عن أبي قَتادَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا دَخَلَ أحدُكم المسجدَ، فلْيَرْكَعْ ركعتَينِ قبْلَ أن يَجلِسَ)) [1024] أخرجه البخاري (444)، مسلم (714). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الحديثَ عامٌّ فيَدخُلُ فيه ما إذا دخَلَ المسجدَ أثناءَ خُطبةِ الجُمُعةِ [1025] ((عمدة القاري)) للعيني (6/234). .
3- عن عياض بن عبد الله قال: (جاءَ أبو سعيدٌ ومَرْوانُ يخطبُ، فقامَ يُصلّي ركعتينِ، فأتاهُ الحرسُ يمنعونهُ فقالَ: ما كنتُ أَتْرُكَهما وقد رأيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يأمرُ بِهِما) [1026] أخرجه الترمذي (511)، والدارمي (1593) واللفظ له، وابن خزيمة (1799). قال الترمذي، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (511): حسن صحيح، وحسنه والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (381). وذهب إلى تصحيحه ابن خزيمة، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (1068). .
وأمَّا التَّعليلُ: فلأنَّه دَخلَ المسجدَ في غيرِ وقتِ النَّهيِ عن الصَّلاةِ؛ فَسُنَّ له الرُّكوعُ [1027] ((المغني)) لابن قدامة (2/236). .

انظر أيضا: