موسوعة الآداب الشرعية

سادسَ عشرَ: تقصيرُ خُطبةِ الجُمُعةِ


يُسَنُّ تَقصيرُ الخُطبةِ.
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ:
1- عن أبي وائلٍ، قال: خَطَبَنا عَمَّارٌ، فأَوْجَزَ وأَبْلَغَ، فلَمَّا نزَل قُلْنا: يا أَبَا اليَقْظانِ، لقد أبلَغْتَ وأَوجَزْتَ، فلو كنتَ تَنَفَّسْتَ [1088] أي: أطلتَ الكلامَ شيئًا ووسَّعتَه ومددْتَ أنفاسَك فيه. يُنظر: (إكمال المعلم)) لعياض (3/ 272)، ((مطالع الأنوار)) لابن قُرْقُول (4/ 198). وقال ابنُ الجَوزيِّ: (تنفَّسْتَ بمعنى: مددتَ الكلام قليلًا، وهو مُشَبَّهٌ بمَدِّ النَّفَسِ). ((كشف المشكل)) (1/ 347). وقال ابن الأثير: (تنفَّس الرَّجُلُ في قولِه، أي: أطال. وأصلُه: أنَّ المتكلِّمَ إذا تنفَّس استأنَفَ القولَ، وسهُل عليه الإطالةُ). ((جامع الأصول)) (5/ 682). ، فقال: إنِّي سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((إنَّ طُولَ صَلاةِ الرَّجُلِ، وقِصَرَ خُطبتِه، مَئِنَّةٌ [1089] مَئِنَّةٌ بمعنى: علامة تدُلُّ على فقهِ الرَّجُلِ. ينظر: ((كشف المشكل)) لابن الجوزي (1/ 347). مِن فِقهِه؛ فأَطيلوا الصَّلاةَ [1090] قال النَّوويُّ: (ليس هذا الحديثُ مخالفًا للأحاديثِ المشهورةِ في الأمرِ بتخفيفِ الصَّلاةِ؛ لقولِه في الرِّواية الأخرى: «وكانت صَلاتُه قَصدًا، وخُطبتُه قصدًا»؛ لأنَّ المرادَ بالحديثِ الَّذي نحن فيه أنَّ الصَّلاةَ تكونُ طويلةً بالنِّسبةِ إلى الخُطبةِ، لا تطويلًا يشُقُّ على المأمومينَ، وهي حينَئذٍ قَصدٌ، أي: مُعتدِلةٌ، والخُطبةُ قصدٌ بالنِّسبةِ إلى وضعِها). ((شرح مسلم)) (6/ 158، 159). ويُنظر: ((إكمال المعلم)) لعياض (3/ 273)، ((المفهم)) لأبي العباس القرطبي (2/ 504). ، واقْصُرُوا الخُطبةَ، وإنَّ مِن البيانِ سِحْرًا)) [1091] أخرجه مسلم (869). .
2- عن جابرِ بنِ سَمُرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كنتُ أُصلِّي مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكانتْ صلاتُه قَصدًا، وخُطبتُه قصدًا)) [1092] أخرجه مسلم (866). ، وفي روايةٍ: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يُطيلُ الموعظةَ يومَ الجُمُعةِ، إنَّما هي كلماتٌ يسيراتٌ)) [1093] أخرجها أبو داود (1107)، والحاكم (1081) واللفظ لهما، والطَّبَرانيُّ (2/242) (2015). صححها لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (1107)، وحسَّنها الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (1107). وذهب إلى تصحيحها الحاكم على شرط مسلم. .
3- عن عبدِ الله بنِ أبي أَوْفَى رضيَ الله عنه، قال: ((كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُكثِرُ الذِّكْرَ، ويُقِلُّ اللَّغْوَ، ويُطيلُ الصَّلاةَ، ويقصِّرُ الخُطبةَ، ولا يأنَفُ أن يَمشيَ مع الأرملةِ والمسكينِ فيَقضيَ له الحاجةَ)) [1094] أخرجه النسائي (1414) واللفظ له، والدارمي (75)، وابن حبان (6423). صححه ابن حبان، والحاكم على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (4277)، والألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (1414)، وحسنه البخاري كما في ((العلل الكبير)) للترمذي (360)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (548). .
وأمَّا التَّعليلُ: فلأنَّه أَوْعَى للسَّامِعينَ، وأبعدُ للمَللِ عنهم [1095] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/65). .

انظر أيضا: