موسوعة الآداب الشرعية

سابعَ عشرَ: أنْ يرفعَ الخطيبُ صوتَه


يُستحَبُّ للخَطيبِ أنْ يَرفَعَ صوتَه في خُطبةِ الجُمُعة [1096] وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ. يُنظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/160)، ((التاج والإكليل)) للمواق (2/172)، ((المجموع)) للنووي (4/526)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/36). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1-عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا خَطَب احمرَّتْ عيناه، وعلَا صوتُه، واشتدَّ غضبُه، حتى كأنَّه منذرُ جيشٍ [1097] المُنذِرُ: المُعلِمُ المُعَرِّفُ للقَومِ بما يَكونُ قد دَهَمَهم مِن عَدوٍّ أو غَيرِه، وهو المُخَوِّفُ أيضًا. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (5/ 680)، ((النهاية)) لابن الأثير (5/ 38). ، يقول: صبَّحَكم ومسَّاكم [1098] صَبَّحَكُم ومَسَّاكُم: أي: سَيُصَبِّحُكُمُ العَدوُّ وسَيُمَسُّونَكُم، يَعني: سَيَأتيكُم وقتَ الصَّباحِ والمَساءِ، والمُرادُ الإنذارُ بإغارةِ الجَيشِ في الصَّباحِ والمَساءِ. يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (3/ 1044). ، ويقولُ: أمَّا بعدُ، فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ تعالى، وخيرَ الهُدَى هُدَى محمَّد صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وشرَّ الأمورِ مُحْدَثاتِها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ)) [1099] أخرجه مسلم (867). .
2- عن عليٍّ، أو عنِ الزُّبَيرِ، قال: ((كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُنا فيُذَكِّرُنا بأيَّامِ اللهِ، حتَّى نَعرِفَ ذلك في وَجهِه، وكَأنَّه نَذيرُ قَومٍ يُصَبِّحُهمُ الأمرَ غَدوةً، وكان إذا كان حَديثَ عَهدٍ بجِبريلَ لم يَتَبَسَّمْ ضاحِكًا حتَّى يَرتَفِعَ عنه)) [1100] أخرجه أحمد (1437) واللفظ له، وأبو يعلى (677) عن الزبير وحده، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (2634). حَسَّن إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (1437)، ووثق رجاله ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (2/571). وذهب إلى تصحيحِ إسناده أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (3/23). .
3- عن سِماكِ بنِ حَربٍ، قال: سَمِعتُ النُّعمانَ بنَ بَشيرٍ يَخطُبُ، يَقولُ: ((سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ يَقولُ: أنذَرتُكُمُ النَّارَ، أنذَرتُكُمُ النَّارَ، حتَّى لو أنَّ رَجُلًا كان بالسُّوقِ لسَمِعَه مِن مَقامي هذا، قال: حتَّى وقَعَت خَميصةٌ كانت على عاتِقِه عِندَ رِجلَيه)) [1101] أخرجه أحمد (18398) واللفظ له، والطبراني (21/109) (122)، وابن حبان (644). صَحَّحه ابنُ حبان، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (1072)، والألباني في ((صحيح الترغيب)) (3659)، وحَسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (2/214)، وصحح سنده البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (7/389). .
أمَّا التَّعليلُ: فلأنَّه مِن أجلِ ذلك شُرِعَتِ الخُطبةُ على المِنبَرِ؛ لأنَّه أبلغُ في الإسماعِ [1102] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/172). .

انظر أيضا: