موسوعة الآداب الشرعية

واحِدٌ وعِشرونَ: التَّطوُّعُ بعدَ الجُمُعةِ


يُستَحَبُّ التَّطَوُّعُ بَعدَ صَلاةِ الجُمُعةِ.
لكِنِ اختَلف أهلُ العِلمِ في عددِ ركَعاتِ سُنَّةِ الجُمُعةِ البَعديَّةِ، على ثلاثةِ أقوالٍ:
القَولُ الأوَّلُ: أنَّ سُنَّةَ الجُمُعةِ البَعديَّةَ أربَعُ رَكَعاتٍ [1126] وهذا مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ، والشَّافِعيَّةِ، وبه قالت طائِفةٌ مِنَ السَّلفِ، واختارَه الصنعانيُّ. يُنظر: ((العناية)) للبابرتي (2/395)، ((المجموع)) للنووي (4/9، 592)، ((سنن الترمذي)) (2/401)، ((التمهيد)) لابن عبد البر (14/172)، ((سبل السلام)) للصنعاني (2/53). على أنَّه يُسَنُّ عِندَ الشَّافِعيَّةِ أربَعُ رَكَعاتٍ بَعدَ الجُمُعةِ؛ اثنَتانِ مِنها مُؤَكَّدَتانِ. .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن سُهَيلٍ، عن أبيه، عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((مَن كان مِنكُم مُصَلِّيًا بَعدَ الجُمُعةِ فليُصَلِّ أربَعًا))، وفي رِوايةٍ: قال سُهَيلٌ: ((فإن عَجِلَ بكَ شَيءٌ فصَلِّ رَكعَتَينِ في المَسجِدِ، ورَكعَتَينِ إذا رَجَعتَ)) [1127] أخرجه مسلم (881). .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَ بالأربعِ؛ فدلَّ على أنَّها أفضَلُ من الرَّكعتينِ [1128] ((سبل السلام)) للصنعاني (2/53). .
القولُ الثَّاني: أنَّه مُخيَّرٌ بينَ أن يُصلِّيَ ركعتينِ أو أربعًا [1129] وهذا روايةٌ عن أحمدَ، وهو قولُ ابنِ باز، والألبانيِّ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن رجب (5/534)، ((الإنصاف)) للمرداوي (2/284)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (12/387)، ((تمام المنة)) للألباني (ص: 341). .
وذلك جَمعًا بَين حَديثِ أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن كان مِنكُم مُصَلِّيًا بَعدَ الجُمُعةِ فليُصَلِّ أربَعًا)) [1130] أخرجه مسلم (881). ، وبَينَ حَديثِ ابنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان لا يُصَلِّي بَعدَ الجُمُعةِ حتَّى يَنصَرِفَ، فيُصَلِّيَ رَكعَتَينِ)) [1131] أخرجه البخاري (937)، ومسلم (882). .
القَولُ الثَّالثُ: إن صَلَّى في المَسجِدِ صَلَّى أربَعًا، وإن صَلَّى في بَيتِه صَلَّى رَكعَتَينِ [1132] وهذا قَولُ إسحاقَ بنِ راهَوَيه، واختارَه ابنُ تيميَّةَ، وابنُ القَيِّمِ، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائِمةُ. يُنظر: ((سنن الترمذي)) (2/401)، ((المستدرك على مجموع الفتاوى لابن تيمية)) (3/129)، ((زاد المعاد)) لابن القيم (1/440)، ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الثانية)) (6/131). .
وذلك جَمعًا بَينَ حَديثَي أبي هرَيرةَ وابنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهم؛ فحَديثُ ابنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما نَصَّ فيه أنَّه كان يُصَلِّي الرَّكعَتَينِ في بَيتِه، وحَديثُ أبي هرَيرةَ رَضيَ اللهُ في الصَّلاةِ أربَعًا يُحمَلُ على الصَّلاةِ في المَسجِدِ؛ جَمعًا بَينَ الحَديثَينِ [1133] يُنظر: ((سنن الترمذي)) (2/401). .

انظر أيضا: