موسوعة الآداب الشرعية

ثامنًا: تَركُ التَّقَدُّمِ بينَ يَدَيِ الرَّسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقَولٍ أو فِعلٍ


مِنَ الأدَبِ مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: تَركُ التَّقَدُّمِ بينَ يَديه بقَولٍ أو فِعلٍ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الحجرات: 1] .
هذا مِنَ الآدابِ التي أدبَّ اللَّهُ بها عِبادَه المُؤمِنينَ فيما يُعامِلونَ به الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ التَّوقيرِ والاحتِرامِ والتَّبجيلِ والإعظامِ، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، أي: لا تُسرِعوا في الأشياءِ بينَ يَدَيه، أي: قَبلَه، بَل كونوا تَبَعًا له في جَميعِ الأمورِ [525] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (7/ 364). ، فلا تَقولوا حتَّى يَقولَ، ولا تَأمُروا حتَّى يَأمُرَ، ولا تُفتوا حتَّى يُفتيَ، ولا تَقطَعوا أمرًا حتَّى يَكونَ هو الذي يَحكُمُ فيه ويُمضيه ... والقَولُ الجامِعُ في مَعنى الآيةِ: لا تَعجَلوا بقَولٍ ولا فِعلٍ قَبلَ أن يَقولَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أو يَفعَلَ [526] ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (1/ 41). .
قال ابنُ القَيِّمِ: (وهذا باقٍ إلى يَومِ القيامةِ ولم يُنسَخْ؛ فالتَّقَدُّمُ بينَ يَدَي سُنَّتِه بَعدَ وفاتِه كالتَّقَدُّمِ بينَ يَدَيه في حياتِه، ولا فَرقَ بينَهما عِندَ ذي عَقلٍ سَليمٍ) [527] ((مدارج السالكين)) (2/ 367). .
(وهذه الآيةُ الكَريمةُ فيها التَّصريحُ بالنَّهيِ عنِ التَّقديمِ بَينَ يَدَيِ اللهِ ورَسولِه، ويَدخُلُ في ذلك دُخولًا أوَّليًّا تَشريعُ ما لم يَأذَنْ به اللهُ، وتَحريمُ ما لم يُحَرِّمْه، وتَحليلُ ما لم يُحَلِّلْه؛ لأنَّه لا حَرامَ إلَّا ما حَرَّمَه اللهُ، ولا حَلالَ إلَّا ما أحَلَّه اللهُ، ولا دينَ إلَّا ما شَرَعَه اللهُ) [528] ((أضواء البيان)) للشنقيطي (7/ 401). .
فقَول: هذا حَرامٌ، أو هذا حَلالٌ، أو هذا واجِبٌ، أو هذا مُستَحَبٌّ بدونِ دَليلٍ، يُعَدُّ مِنَ التَّقدُّمِ بَينَ يَدَيِ اللهِ ورَسولِه
ومِنَ التَّقدُّمِ بَينَ يَدَيِ اللهِ ورَسولِه البدَعُ بجَميعِ أنواعِها؛ فإنَّها تَقَدُّمٌ بَينَ يَدَيِ اللهِ ورَسولِه، بَل هيَ أشَدُّ التَّقدُّمِ [529] ((تفسير ابن عثيمين: الحجرات - الحديد)) (ص: 8، 11). .

انظر أيضا: