موسوعة الآداب الشرعية

سادسًا: الإحرامُ عَقِبَ صلاةٍ


يُستَحَبُّ الإحرامُ بَعدَ صلاةٍ [1520] وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهِيَّةِ الأربَعةِ: يُنظر: ((الهداية شرح البداية)) للمرغيناني (1/137)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/147)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/272)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/307). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم الظُّهرَ بذي الحُلَيفةِ، ثمَّ دعا بناقَتِه فأشعَرَها في صَفحةِ سَنامِها الأيمَنِ [1521] أشعَرَها في صَفحةِ سَنامِها الأيمَنِ: إشعارُ الهَديِ: تَعليمُه بشَيءٍ يُعرَفُ به أنَّه هَديٌ، فكانوا يَشُقُّونَ أسنِمةَ الهَديِ اليُمنى بحَربةٍ أو سِكِّينٍ أو حَديدةٍ أو نَحوِها، فيُعرَفُ أنَّه هَديٌ، فلا يُتَعَرَّضُ إليه، وأصلُ الإشعارِ والشُّعورِ: الإعلامُ والعَلامةُ، وإشعارُ الهَديِ لكَونِه عَلَامةً له، وهو مُستَحَبٌّ ليُعلَمَ أنَّه هَديٌ، فإن ضَلَّ رَدَّه واجِدُه، وإنِ اختَلطَ بغَيرِه تَمَيَّزَ، ولأنَّ فيه إظهارَ شِعارٍ، وفيه تَنبيهُ غَيرِ صاحِبِه على فِعلِ مِثلِ فِعلِه. وأمَّا صَفحةُ السَّنامِ فهيَ جانِبُه. يُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (2/ 153)، ((جامع الأصول)) لابن الأثير (3/ 340)، ((شرح مسلم)) للنووي (8/ 228). ، وسَلَتَ الدَّمَ [1522] سَلَتَ الدَّمَ: أي: مَسَحَه وأماطه، وقيل: سَلَتَ الدَّمَ، أي: بَسَط الدَّمَ على سَنامِها؛ ليكونَ أثَرُ الإشعارِ أكثَرَ ظهورًا. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (3/ 340)، ((النهاية)) لابن الأثير (2/ 387)، ((المفاتيح)) للمظهري (3/ 316). ، وقَلَّدَها نَعلَينِ [1523] قَلَّدَها نَعلينِ: أي: عَلَّقَ في عُنُقِها نَعلينِ؛ وذلك ليُشعِرَ بأنَّها هَديٌ خارِجٌ عن مِلكِ المُهدي، فلا يَتَعَرَّضَ له السُّرَّاقُ وأصحابُ الغاراتِ. يُنظر: ((تحفة الأبرار)) للبيضاوي (2/ 161)، ((شرح المصابيح)) لابن الملك (3/ 303). ، ثمَّ رَكِبَ راحِلَتَه، فلمَّا استوَت به على البَيداءِ [1524] البَيداءُ: الصَّحراءُ. يُنظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (4/ 48). أَهَلَّ [1525] أهَلَّ بالحَجِّ: أي: أحرَمَ به، والإهلالُ: رَفعُ الصَّوتِ بالتَّلبيةِ. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (5/ 698)، ((شرح المصابيح)) لابن الملك (3/ 303). بالحَجِّ)) [1526] أخرجه مسلم (1243). .
2- عن نافعٍ، قال: ((كان ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما إذا أراد الخروجَ إلى مَكَّةَ ادَّهَنَ بدُهنٍ ليس له رائحةٌ طَيِّبةٌ، ثمَّ يأتي مسجِدَ الحُلَيفةِ، فيصلِّي ثمَّ يركَبُ، وإذا استوَتْ به راحِلَتُه قائمةً أحرَمَ، ثمَّ قال: هكذا رأيتُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم يفعَلُ)) [1527] أخرجه البخاري (1554) واللفظ له، ومسلم (1187). .
3- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، كان يقولُ: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم يركَعُ بذي الحُلَيفةِ ركعتينِ، ثمَّ إذا استوَتْ به النَّاقَةُ قائمةً عندَ مَسجِدِ ذي الحُلَيفةِ أهَلَّ بهؤلاءِ الكَلِماتِ)) [1528] أخرجه البخاري (1541)، ومسلم (1184) واللفظ له. .
مسألةٌ: هل للإحرامِ صلاةٌ تخصُّه؟
ليس للإحرامِ صلاةٌ تَخُصُّه [1529] وهو قولُ بعضِ الشَّافِعِيَّةِ، وروايةٌ عن أحمَدَ، واختارَه ابنُ تيميَّة، وابنُ القَيِّمِ، والألبانيُّ، وابنُ عُثيمين. يُنظر: ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/272)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/307)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (26/108، 109)، ((زاد المعاد)) لابن القيم (2/107)، ((مناسك الحج والعمرة)) للألباني (ص: 15)، ((لقاء الباب المفتوح)) لابن عثيمين (اللقاء: 177). ؛ وذلك لأنَّه لم يَرِدْ عَنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم صلاةٌ خاصَّةٌ بالإحرامِ، وأنَّه صلَّى الله عليه وسَلَّم إنَّما أحرَمَ عَقِبَ الفريضةِ [1530] ((زاد المعاد)) لابن القيِّم (2/101)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/69). .

انظر أيضا: