موسوعة الآداب الشرعية

ثامنًا: التَّلفُّظُ بالنُّسُكِ عَقِبَ الإحرامِ


يُسْتَحَبُّ أن ينطِقَ بما أحرَمَ به مِن حَجٍّ أو عُمْرةٍ [1539] وهو مَذْهَبُ الحَنَفيَّةِ، والحَنابِلةِ، واختارَه ابنُ تيميَّةَ، وابنُ رجَبٍ، وابنُ بازٍ، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ. يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (2/483)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/408)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (22/222)، ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (1/92)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/71)، ((فتاوى اللَّجْنَة الدَّائِمَة- المجموعة الثَّانية)) (10/130). قال ابنُ عُثيمين: (واعلَمْ أنَّ النِّيَّةَ محلُّها القلبُ؛ ولهذا قال الرسولُ صلَّى الله عليه وسَلَّم: «إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى»، فليست مِن أعمالِ الجوارحِ؛ ولهذا نقولُ: إنَّ التَّلفُّظَ بها بدعةٌ، فلا يُسَنُّ للإنسانِ إذا أراد عبادةً أن يقول: اللَّهُمَّ إنِّي نويتُ كذا؛ أو أردْتُ كذا، لا جهرًا ولا سرًّا؛ لأنَّ هذا لم يُنقَلْ عن رسول اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم، ولأنَّ الله تعالى يعلمُ ما في القلوبِ، فلا حاجةَ أن تَنطِقَ بلِسانِك ليَعْلَمَ ما في قلبِك، فهذا ليس بذِكْرٍ حتَّى يُنطَقَ فيه باللِّسانِ، وإنَّما هي نيَّةٌ، محلُّها القلبُ، ولا فَرْقَ في هذا بيْن الحَجِّ وغيرِه؛ حتَّى الحَجُّ لا يُسَنُّ للإنسانِ أن يقولَ: اللَّهُمَّ إنِّي نَوَيْتُ العُمْرةَ؛ أو نَويْتُ الحَجَّ؛ لأنَّه لم يُنقَلْ عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم، ولكن يُلبِّي بما نوى، والتَّلبيةُ غيرُ الإخبارِ بالنِّيَّةِ؛ لأنَّ التَّلبيَةَ تتضمَّنُ الإجابةَ لله، فهي بنَفْسِها ذِكْرٌ، ليست إخبارًا عمَّا في القلبِ، ولهذا يقولُ القائلُ: لبَّيْك عُمْرةً أو لبَّيْكَ حجًّا). ((الشرح الممتع)) (2/291). وفي فتوى اللَّجنة الدَّائمة: (الإحرامُ هو نيَّةُ الدُّخولِ في النُّسُكِ، والتَّلفُّظُ بالنُّسُكِ عندَ ذلك والتَّلبِية ليسا بلازِمَينِ، بل هُما سُنَّةٌ). ((فتاوى اللَّجْنَة الدَّائِمَة- المجموعة الثَّانية)) (10/130). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن السَّائِبِ بنِ خلَّادٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم، قال ((أتاني جِبريلُ فأمَرَني أن آمُرَ أصحابي أن يرفَعوا أصواتَهم بالإهلالِ والتَّلبيةِ)) [1540] أخرجه أبو داود (1814)، والترمذي (829) واللفظ له، وابن ماجه (2922). صحَّحه ابنُ خُزَيْمةَ في ((صحيحه)) (4/295)، وابنُ العربي في ((عارضة الأحوذي)) (2/258)، وابنُ الملقِّن في ((البدر المنير)) (6/152)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (829)، وقال الترمذي: حسن صحيح. .
2- عَنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم، أنَّه قال: ((أتاني اللَّيلةَ آتٍ مِن رَبِّي، فقال: صَلِّ في هذا الوادي المُبارَكِ، وقُلْ: عُمرةً في حَجَّةٍ)) [1541] أخرجه البخاري (1534) من حديثِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه. .
3- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم يقولُ: ((لبَّيكَ عُمرةً وحَجًّا)) [1542] أخرجه مسلم (1232). وأخرجه البخاري (4353) بلفظِ: ((أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أهَلَّ بعُمرةٍ وحَجَّةٍ)). .

انظر أيضا: