ب- نماذِجُ مِنَ السَّلَفِ والعُلَماءِ
- (دَخَل رَجُلٌ على
عُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ، فذَكَر له عن رَجُلٍ شيئًا، فقال له
عُمَرُ: إن شِئتَ نظَرْنا في أمرِك، فإن كُنتَ كاذِبًا فأنت من أهلِ هذه الآيةِ:
إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات: 6] ، وإن كُنتَ صادِقًا فأنت من أهلِ هذه الآيةِ:
هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ [القلم: 11] ، وإن شِئتَ عَفَونا عنك. فقال: العَفوُ يا أميرَ المُؤمِنينَ، لا أعودُ إليه أبَدًا)
[4834] ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/156). .
- وعن الفَضلِ بنِ أبي عيَّاشٍ، قال: (كنتُ جالسًا مع وَهبِ بنِ مُنَبِّهٍ، فأتاه رجُلٌ، فقال: إنِّي مرَرْتُ بفُلانٍ وهو يَشتِمُك. فغَضِب، فقال: ما وَجَد الشَّيطانُ رَسولًا غيرَك؟ فما بَرِحتُ مِن عِندِه حتَّى جاءه ذلك الرَّجُلُ الشَّاتمُ، فسَلَّم على وَهبٍ، فرَدَّ عليه، ومَدَّ يدَه، وصافحَه، وأجلَسه إلى جَنبِه)
[4835] رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (4/71)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (63/390). .
- ووَقَف رجُلٌ على عامرٍ الشَّعبيِّ، فلم يَدَعْ قبيحًا إلَّا رماه به، فقال له عامِرٌ: (إنْ كُنتَ كاذِبًا فغَفَر اللهُ لك، وإنْ كُنتَ صادِقًا فغَفَر اللهُ لي)
[4836] يُنظَر: ((البيان والتبيين)) للجاحظ (2/ 52)، ((الإشراف في منازل الأشراف)) لابن أبي الدنيا (259). .
- وقال
إبراهيمُ النَّخَعيُّ لسُلَيمانَ الأعمَشِ -وأراد أن يماشيَه-: إنَّ النَّاسَ إذا رَأَونا معًا قالوا: أعمَشُ وأعوَرُ! قال: وما عليك أن يأثَموا ونُؤجَرَ؟ قال: وما علينا أن يَسْلَموا ونَسلَمَ
[4837] ((البيان والتبيين)) للجاحظ (2/ 52). !
- وقال
الخَطيبُ البَغداديُّ: (كان أبو الطَّيِّبِ الطَّبَريُّ ثقةً، صادِقًا دَيِّنًا، وَرِعًا، عارِفًا بأصولِ الفِقهِ وفُروعِه، محَقِّقًا في عِلمِه، سليمَ الصَّدرِ، حَسَنَ الخُلُقِ)
[4838] ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (10/ 492). .
- ولمَّا مَرِض السُّلطانُ مَرَضَ الموتِ قال لأكبَرِ أصحابِه: اذهَبْ إلى ابنِ عبدِ السَّلامِ وقُلْ له: محِبُّك موسى ابنُ المَلِكِ العادِلِ أبي بَكرٍ يُسَلِّمُ عليك ويسأَلُك أن تعودَه وتدعوَ له وتوصيَه بما ينتَفِعُ به غدًا عِندَ اللهِ، فلمَّا وصَل الرَّسولُ إليه بهذه الرِّسالةِ قال: نَعَمْ، إنَّ هذه العيادةَ لَمِن أفضَلِ العباداتِ؛ لِما فيها من النَّفعِ المتعَدِّي إن شاء اللهُ تعالى، فتوَجَّه إليه وسَلَّم عليه، فسُرَّ برؤيتِه سُرورًا عظيمًا، وقال: يا عِزَّ الدِّينِ، اجعَلْني في حِلٍّ، وادْعُ اللهَ لي، وأوصِني وانصَحْني، فقال له: أمَّا محالَلَتُك فإنِّي كُلَّ ليلةٍ أُحالِلُ الخَلْقَ، وأَبِيتُ وليس لي عِندَ أحَدٍ مَظلَمةٌ، وأرى أن يكونَ أجري على اللهِ ولا يكونَ على النَّاسِ؛ عَمَلًا بقَولِه تعالى:
فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى: 40] ، وأن يكونَ أجري على اللهِ ولا يكونُ على خَلقِه أحَبُّ إلَيَّ...
[4839] ((طبقات الشافعية الكبرى)) لتاج الدين السبكي (8/ 240). .
- قال يونُسُ بنُ عَبدِ اللهِ بنِ محمَّدِ بنِ مُغيثِ بنِ عَبدِ اللهِ الأنصاريُّ: (سَمِعتُ أبي رحمه اللهُ يقولُ: أوثَقُ عَمَلي في نفسي سلامةُ صدري، إنِّي آوي إلى فِراشي ولا يأوي إلى صَدري غائِلةٌ لمُسلِمٍ)
[4840] ((الصلة في تاريخ أئمة الأندلس)) لابن بشكوال (ص: 237). .
- وقال
شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ في إحدى رسائِلِه لبعضِ أصحابِه، وذلك بعدَ خُروجِه من السِّجنِ: (وقد أظهَر اللهُ من نورِ الحقِّ وبرهانِه ما ردَّ به إفكَ الكاذِبِ وبُهتانَه، فلا أحِبُّ أن ينتصِرَ من أحدٍ بسَبَبِ كَذِبِه عَلَيَّ، أو ظُلمِه وعدوانِه؛ فإنِّي قد أحلَلْتُ كُلَّ مسلمٍ، وأنا أحِبُّ الخيرَ لكُلِّ المُسلِمين، وأريدُ بكُلِّ مؤمنٍ من الخيرِ ما أحِبُّه لنفسي، والذين كذَبوا وظلَموا فهم في حِلٍّ من جِهتي، وأمَّا ما يتعَلَّقُ بحقوقِ اللهِ، فإن تابوا تاب اللهُ عليهم، وإلَّا فحُكمُ اللهِ نافِذٌ فيهم)
[4841] ((مجموع الفتاوى)) (28/55). .
وقال
ابنُ تيميَّةَ في رسالةٍ كتَبها وهو في السِّجنِ عن خَصمِه ابنِ مخلوفٍ الذي بغى عليه: (وأنا واللهِ مِن أعظمِ النَّاسِ معاونةً على إطفاءِ كُلِّ شَرٍّ في هذه القضيَّةِ وفي غيرِها، وإقامةِ كُلِّ خيرٍ، وابنُ مخلوفٍ لو عَمِل مهما عَمِل واللهِ ما أقدِرُ على خيرٍ إلَّا وأعمَلُه معه، ولا أُعينُ عليه عَدُوَّه قَطُّ، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ، هذه نيَّتي وعَزمي، مع عِلمي بجميعِ الأمورِ؛ فإنِّي أعلَمُ أنَّ الشَّيطانَ يَنزَغُ بَينَ المؤمِنين، ولن أكونَ عونًا للشَّيطانِ على إخواني المُسلِمين، ولو كنتُ خارِجًا لكنتُ أعلَمُ بماذا أعاوِنُه)
[4842] ((مجموع الفتاوى)) (3/271). .
- محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ بنِ أبي بَكرِ بنِ خَلِّكانَ أبو عبدِ اللهِ بهاءُ الدِّينِ البَرمَكيُّ الشَّافعيُّ، كان رجُلًا معدومَ النَّظيرِ في كثيرٍ من أوصافِه، عندَه تواضُعٌ مُفرِطٌ، ولِينُ الكَلِمةِ، ورِقَّةُ القَلبِ، وغزارةُ الدَّمعةِ، وسلامةُ الصَّدرِ
[4843] ((ذيل مرآة الزمان)) لليونيني (4/ 234). .
محمَّدُ بنُ منصورٍ شَمسُ الدِّينِ، أبو عبدِ اللهِ، النَّابلسيُّ، الكاتِبُ، ويُعرَفُ بصَدرِ البازِ، كان موصوفًا بسلامةِ الصَّدرِ
[4844] ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (45/ 377). .
- محمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ كاملٍ القاضي شَمسُ الدِّينِ الغَزِّيُّ، كان من تلاوةِ القُرآنِ وكثرةِ التَّعبُّدِ وقيامِ اللَّيلِ وسلامةِ الصَّدرِ وعَدَمِ الاختلاطِ بأبناءِ الدُّنيا- بمكانٍ
[4845] ((طبقات الشافعية الكبرى)) للسبكي (9/ 155). .
- محمَّدُ بنُ مَهديٍّ الدِّرعيُّ الجراريُّ، قال تلميذُه عبدُ الواحدِ الشَّريفُ في فَهرَستِه: كان آيةً في حُسنِ الطَّوِيَّةِ، وسَلامةِ الصَّدرِ، وحُسنِ الخُلُقِ، والانقِباضِ عن الدُّنيا وزينتِها، والزُّهدِ فيها
[4846] ((نيل الابتهاج بتطريز الديباج)) للتنبكتي (ص: 596). . وغيرُهم كثيرٌ.