ج- مِن أقوالِ السَّلفِ والعُلماءِ
- قال عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه: (إنَّ أفضَل عَيشٍ أدرَكناه بالصَّبرِ، ولو أنَّ الصَّبرَ كان مِنَ الرِّجالِ كان كريمًا)
[5556] رواه ابنُ أبي الدنيا في ((الصبر والثواب عليه)) (6). .
- وقال عَليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه: (ألا إنَّ الصَّبرَ مِنَ الإيمانِ بمَنزِلةِ الرَّأسِ مِنَ الجَسَدِ، فإذا قُطِعَ الرَّأسُ باد الجَسَدُ، ثُمَّ رَفعَ صَوتَه فقال: ألا إنَّه لا إيمانَ لمَن لا صَبرَ له)
[5557] رواه ابنُ أبي الدنيا في ((الصبر والثواب عليه)) (8). .
وقال: (الصَّبرُ مَطِيَّةٌ لا تكبو
[5558] كبا يكبو كَبوةً: إذا عَثَر. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (15/213). ، والقناعةُ سَيفٌ لا ينبو
[5559] نبا حَدُّ السَّيفِ: إذا لم يقطَعْ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (15/301). [5560] ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص: 294). .
- وكان خالدُ بنُ الوليدِ يقولُ: (يا أهلَ الإسلامِ، إنَّ الصَّبرَ عِزٌّ، وإنَّ الفشَل عَجزٌ، وإنَّ مَعَ الصَّبرِ النَّصرَ)
[5561] ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (1/ 92). .
- وقال الحَسَنُ: (قَطرَتانِ وجُرعتانِ؛ فما جُرعةٌ أحَبَّ إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ مِن جُرعةِ غَيظٍ يكظِمُها عَبدٌ بحِلمٍ يبتغي بذلك وجهَ اللهِ، وجُرعةِ مُصيبةٍ مُوجِعةٍ يصبِرُ عليها عندَ اللهِ، قال: وما قَطرةٌ أحَبَّ إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ مِن قَطرةِ دَمٍ في سَبيلِه، أو قَطرةِ دَمعٍ مِن عَبدٍ ساجِدٍ في جَوفِ اللَّيلِ لا يرى مَكانَه إلَّا اللهُ عَزَّ وجَلَّ)
[5562] ((شعب الإيمان)) للبيهقي (10/ 549). .
- (قال
عَليُّ بنُ الحُسَينِ لابنِه: يا بُنيَّ، اصبِرْ على النَّائِبةِ، ولا تَتَعَرَّضْ للحُقوقِ، ولا تُجِبْ أخاك إلى شَيءٍ مَضرَّتُه عَليك أعظَمُ مِن مَنفعَتِه له.
وقال الأحنَفُ: مَن لم يصبِرْ على كلمةٍ سَمِعَ كلماتٍ)
[5563] ((البيان والتبيين)) للجاحظ (2/ 50). .
- وقال
عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزيزِ وهو على المِنبَرِ: (ما أنعَمَ اللهُ على عَبدٍ نِعمةً فانتَزَعَها منه، فعاضَه مَكانَ ما انتُزِعَ مِنه الصَّبرَ، إلَّا كان ما عَوَّضَه خَيرًا مِمَّا انتَزَعَ مِنه، ثُمَّ قَرَأ:
إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيرِ حِسَابٍ [الزمر :10] )
[5564] رواه ابنُ أبي الدنيا في ((الصبر والثواب عليه)) (22)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (10038)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (45/231). .
- وقال أيضًا: (الرِّضا قَليلٌ، والصَّبرُ مُعَوَّلُ المُؤمِنِ)
[5565] ((الزهد)) لأحمد بن حنبل (1699)، ((الزهد)) لهناد بن السري (393). .
- وعن إبراهيمَ التَّيميِّ قال: (ما مِن عَبدٍ وهَبَ اللهُ له صَبرًا على الأذى، وصَبرًا على البَلاءِ، وصَبرًا على المَصائِبِ، إلَّا وقد أوتيَ أفضَلَ ما أوتيَه أحَدٌ بَعدَ الإيمانِ باللهِ)
[5566] رواه ابنُ أبي الدنيا في ((الصبر والثواب عليه)) (17). .
- وعنِ الشَّعبيِّ، قال شُرَيحٌ: (إنِّي لأُصابُ بالمُصيبةِ، فأحمَدُ اللهَ عليها أربَعَ مَرَّاتٍ، أحمَدُ إذ لم يكُنْ أعظَمَ مِنها، وأحمَدُ إذ رَزَقَني الصَّبرَ عليها، وأحمَدُ إذ وفَّقَني للاستِرجاعِ لِما أرجو مِنَ الثَّوابِ، وأحمَدُ إذ لم يجعَلْها في ديني)
[5567] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (4/105). .
- وقال مَيمونُ بنُ مِهرانَ: (الصَّبرُ صَبرانِ: الصَّبرُ على المُصيبةِ حَسَنٌ، وأفضَلُ مِن ذلك الصَّبرُ عنِ المَعاصي)
[5568] رواه ابنُ أبي الدنيا في ((الصبر والثواب عليه)) (18). .
- وقال زيادُ بنُ عَمرٍو: (كُلُّنا نَكرَهُ المَوتَ وألمَ الجِراحِ، ولكِنَّا نتفاضَلُ بالصَّبرِ)
[5569] رواه ابنُ أبي الدنيا في ((الصبر والثواب عليه)) (50). .
- وقال زُهَيرُ بنُ نُعَيمٍ: (إنَّ هذا الأمرَ لا يتِمُّ إلَّا بشَيئَينِ: الصَّبرِ واليقينِ، فإن كان يقينٌ ولم يكُنْ مَعَه صَبرٌ لم يتِمَّ، وإن كان صَبرٌ ولم يكُنْ مَعَه يقينٌ لم يتِمَّ، وقد ضَرَبَ لهما أبو الدَّرداءِ مَثَلًا فقال: مَثَلُ اليقينِ والصَّبرِ مَثَلُ فدَّادَينِ
[5570] الفَدَّادُ: الفلَّاح. يُنظَر: ((المحكم والمحيط الأعظم)) لابن سيده (9/ 278). يحفِرانِ الأرضَ، فإذا جَلسَ واحِدٌ جَلسَ الآخَرُ)
[5571] ((صفة الصفوة)) لابن الجوزي (4/8). .
- وقال أبو عَبدِ الرَّحمَنِ المَغازِليُّ: (دَخَلتُ على رَجُلٍ مُبتَلًى بالحِجازِ، فقُلتُ: كيف تَجِدُك؟ قال: أجِدُ عافيتَه أكثَرَ مِمَّا ابتَلاني به، وأجِدُ نِعَمَه عَليَّ أكثَرَ مِن أن أُحصيَها! قُلتُ: أتَجِدُ لِما أنت فيه ألـمًا شَديدًا؟ فبَكى ثُمَّ قال: سَلا بنَفسي عن ألمِ ما بي ما وعَدَ عليه سَيِّدي أهلَ الصَّبرِ مِن كمالِ الأُجورِ في شِدَّةِ يومٍ عَسيرٍ! قال: ثُمَّ غُشِيَ عليه فمَكثَ مَليًّا
[5572] المَلِيُّ: الزَّمانُ الطَّويلُ. يُنظَر: ((مختار الصحاح)) للرازي (ص: 298). ، ثُمَّ أفاقَ، فقال: إنِّي لأحسَبُ أنَّ لأهلِ الصَّبرِ غَدًا في القيامةِ مَقامًا شَريفًا لا يتَقدَّمُه مِن ثَوابِ الأعمالِ شَيءٌ، إلَّا ما كان مِنَ الرِّضا عنِ اللهِ تعالى)
[5573] رواه ابنُ أبي الدنيا في ((الصبر والثواب عليه)) (104). .
- وعن مَيمونِ بنِ مِهرانَ، قال: (ما نال عَبدٌ شَيئًا مِن جَسيمِ الخَيرِ مِن نَبيٍّ أو غَيرِه إلَّا بالصَّبرِ)
[5574] رواه ابنُ حبان في ((روضة العقلاء)) (ص: 162). .
- وقال يحيى بنُ مُعاذٍ: (حُفَّت الجَنَّةُ بالمَكارِهِ وأنت تكرَهُها، وحُفَّت النَّارُ بالشَّهَواتِ وأنت تطلُبُها، فما أنت إلَّا كالمَريضِ الشَّديدِ الدَّاءِ؛ إن صَبرَ نفسَه على مَضَضِ الدَّواءِ اكتَسَبَ بالصَّبرِ عافيةً، وإن جَزِعَت نفسُه مِمَّا يلقى طالَت به عِلَّةُ الضَّنا)
[5575] ((صفة الصفوة)) لابن الجوزي (4/94). .
- وقال عُمَرُ بنُ ذَرٍّ: (من أجمَعَ على الصَّبرِ في الأُمورِ فقد حَوى الخَيرَ، والتَمَسَ مَعاقِلَ البِرِّ وكمالَ الأُجورِ)
[5576] رواه ابنُ أبي الدنيا في ((الصبر والثواب عليه)) (163)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (5/111). .
- وقال مالِكُ بنُ دينارٍ: (ما مِن أعمالِ البرِّ عَمَلٌ إلَّا ودونَه عَقَبةٌ؛ فإن صَبرَ صاحِبُها أفضَت به إلى رَوحٍ، وإن جَزِعَ رَجَعَ)
[5577] ((الصبر والثواب عليه)) لابن أبي الدنيا (43)، ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (2/371). .
- قال
سُفيانُ الثَّوريُّ فيما أوصى به عَليَّ بنَ الحَسَنِ السُّلميَّ: (عَليك بالصَّبرِ في المواطِنِ كُلِّها؛ فإنَّ الصَّبرَ يجُرُّ إلى البرِّ، والبِرَّ يجُرُّ إلى الجَنَّةِ، وإيَّاك والحِدَّةَ والغَضَبَ؛ فإنَّهما يجُرَّانِ إلى الفُجورِ، والفُجورُ يجُرُّ إلى النَّارِ)
[5578] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (7/ 83). .
- وقال شُمَيطُ بنُ عَجلانَ: (إنَّ العافيةَ سَتَرَت البَرَّ والفاجِرَ، فإذا جاءَت البلايا استَبانَ عندَها الرَّجُلانِ؛ فجاءَت البلايا إلى المُؤمِنِ فأذهَبَت مالَه وخادِمَه ودابَّتَه حتى جاعَ بَعدَ الشِّبَعِ، ومَشى بَعدَ الرُّكوبِ، وخَدَمَ نفسَه بَعدَ أن كان مَخدومًا، فصَبَرَ ورَضيَ بقَضاءِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وقال: هذا نظَرٌ مِن اللهِ عَزَّ وجَلَّ لي، هذا أهونُ لحِسابي غَدًا. وجاءَت البلايا إلى الفاجِرِ فأذهَبت مالَه وخادِمَه ودابَّتَه، فجَزِع وهَلَع، وقال: واللهِ ما لي بهذا طاقةٌ، واللهِ لقد عَوَّدتُ نفسي عادةً ما لي عنها صَبرٌ مِن الحُلوِ والحامِضِ، والحارِّ والبارِدِ، ولينِ العَيشِ، فإن هو أصابَه مِن الحَلالِ وإلَّا طَلَبَه مِن الحَرامِ والظُّلمِ؛ ليعودَ إليه ذلك العَيشُ)
[5579] ((صفة الصفوة)) لابن الجوزي (2/ 205). .
- وقال
سُفيانُ بنُ عُيَينةَ: (لم يُعطَ العِبادُ أفضَلَ مِنَ الصَّبرِ، به دَخَلوا الجَنَّةَ)
[5580] ((الصبر والثواب عليه)) لابن أبي الدنيا (60)، ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (7/ 305). .
- وكتَبَ القاضي الفاضِلُ إلى السُّلطانِ أثناءَ حِصارِ عَكَّا: (... واعلَمْ أنَّ مَثوبةَ الصَّبرِ فوقَ مَثوبةِ الشُّكرِ. ومِن رَبطِ جَأشِ عَمَرَ رَضيَ اللهُ عنه قَولُه: لو كان الصَّبرُ والشُّكرُ بَعيرَينِ ما باليتُ أيَّهما رَكِبتُ. وبهذه العَزائِمِ سَبَقونا، وتركونا لا نطمعُ في اللَّحاقِ بالغُبارِ، وامتَدَّت خُطاهم، ونعوذُ باللهِ مِنَ العِثارِ)
[5581] يُنظَر: ((الروضتين في أخبار الدولتين)) لأبي شامة (4/ 185)، ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (12/699، 700). .
- وقال السَّمَرقَنديُّ: (اعلَمْ أنَّ العَبدَ لا يُدرِكُ منزلةَ الأخيارِ إلَّا بالصَّبرِ على الشِّدَّةِ والأذى، وقد أمر اللهُ تعالى نَبيَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بالصَّبرِ، فقال:
فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف: 35] )
[5582] يُنظَر: ((تنبيه الغافلين)) (ص: 248). .
- وقال
الجاحِظُ: (الصَّبرُ صَبرانِ: فأعلاهما أن تَصبرَ على ما تَرجو فيه الغُنمَ في العاقِبةِ. والحِلمُ حِلمانِ: فأشرَفُهما حِلمُك عَمَّن هو دونَك. والصِّدقُ صِدْقانِ: أعظَمُهما صِدقُك فيما يضُرُّك. والوفاءُ وفاءانِ: أسناهما وفاؤُك لمَن لا تَرجوه ولا تَخافُه؛ فإنَّ مَن عُرِف بالصِّدقِ صارَ النَّاسُ له أتباعًا، ومَن نُسِبَ إلى الحِلمِ أُلبِسَ ثَوبَ الوقارِ والهَيبةِ وأُبَّهةَ الجَلالةِ، ومن عُرِفَ بالوفاءِ استَنامَت بالثِّقةِ به الجَماعاتُ، ومَن استَعَزَّ بالصَّبرِ نال جسيماتِ الأُمورِ. ولعَمْري ما غَلِطَت الحُكماءُ حينَ سَمَّتها أركانَ الدِّينِ والدُّنيا)
[5583] ((الرسائل)) (1/ 125). .
- وقال
ابنُ حِبَّانَ: (الصَّبرُ جِماعُ الأمرِ، ونِظامُ الحَزمِ، ودِعامةُ العَقلِ، وبَذرُ الخَيرِ، وحيلةُ مَن لا حيلةَ له)
[5584] ((روضة العقلاء)) (ص: 161). .
- وقال أبو طالِبٍ المَكِّيُّ: (إذا جَمَعَ العالمُ ثَلاثًا تَمَّت النِّعمةُ به على المُتَعَلِّمِ: الصَّبرُ، والتَّواضُعُ، وحُسنُ الخُلُقِ، وإذا جَمَعَ المُتَعَلِّمُ ثَلاثًا تَمَّت النِّعمةُ به على العالمِ: العَقلُ، والأدَبُ، وحُسنُ الفهمِ)
[5585] ((قوت القلوب)) لأبي طالب المكي (1/ 251). .