ثامنًا: الوسائِلُ المُعينةُ على اكتِسابِ الوَقارِ والرَّزانةِ
1- أن يَعلَمَ أنَّ اللهَ سُبحانَه أثنى على المتَّصِفين بهما ومدَحَهم، فيَحرِصَ أن يكونَ من أهلِ ثناءِ اللهِ سُبحانَه.
2- أن يحرِصَ على قراءةِ سِيَرِ الأنبياءِ والصَّالحين؛ فإنَّهم أهلُ الرَّزانةِ والحِكمةِ والتَّعقُّلِ، ويحرِصَ أن يتَّصِفَ بصِفاتِهم.
3- لُزومُ السَّكينةِ؛ فإنَّها تُثمِرُ الخُشوعَ، وتجلِبُ الطُّمَأنينةَ، وتَلبِسُ صاحِبَها ثوبَ الوَقارِ.
قال
ابنُ القَيِّمِ: (السَّكينةُ إذا نزَلَت على القَلبِ اطمأَنَّ بها، وسكنَت إليها الجوارِحُ وخشَعت، واكتَسَبت الوَقارَ، وأنطَقَت اللِّسانَ بالصَّوابِ والحِكمةِ، وحالت بَينَه وبَينَ قَولِ الخَنا والفُحشِ واللَّغوِ والهُجرِ وكُلِّ باطِلٍ)
[9775] ((مدارج السالكين)) (2/525). .
4- الخُشوعُ، والإكثارُ من الصَّالحاتِ.
5- طَلَبُ العِلمِ؛ عن
الحَسَنِ قال: (قد كان الرَّجُلُ يَطلُبُ العِلمَ، فلا يَلبَثُ أن يُرى ذلك في تخشُّعِه، وهَدْيه، ولِسانِه، وبَصَرِه، وبِرِّه)
[9776] رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (1809). .
6- البُعدُ عن الغَضَبِ، والطَّيشِ والنَّزقِ؛ فإنَّ ذلك يُنافي الوَقارَ والهَيبةَ؛ قال ابنُ طاهرٍ: (واملِكْ نفسَك عن الغَضَبِ، وآثِرِ الوَقارَ والِحلمَ، وإيَّاك والحِدَّةَ والطَّيشَ والغُرورَ فيما أنت بسبيلِه)
[9777] ((مجاني الأدب)) لرزق الله شيخو (4/76). .
7- أن يَعلَمَ أنَّ الطَّيشَ الذي هو نقيضُ الرَّزانةِ خُلُقُ إبليسَ ومَن تَشَبَّه به من ذريَّتِه ومن ذُرِّيَّةِ آدَمَ.
8- التِزامُ الصَّمتِ وقِلَّةُ الكلامِ إلَّا فيما يعني، كُلُّ ذلك من سِماتِ الوَقارِ وعلاماتِه؛ لذا قالوا: (الصَّمتُ زَينُ الحِلمِ، وعُوذةُ العِلمِ، يُلزِمُك السَّلامةَ، ويُصحِبُك الكرامةَ، ويكفيك مُؤنةَ الاعتذارِ، ويُلبِسُك ثوبَ الوَقارِ)
[9778] ((غرر الخصائص الواضحة)) للوطواط (ص: 232). .
وقال بَعضُ البُلَغاءِ: (الزَمِ الصَّمتَ؛ فإنَّه يَكسِبُك صَفوَ المحبَّةِ، ويُؤمِنُك سُوءَ المغَبَّةِ، ويُلبِسُك ثوبَ الوَقارِ، ويكفيك مَؤونةَ الاعتذارِ). وقال بعضُ الفُصَحاءِ: (اعقِلْ لِسانَك إلَّا عن حَقٍّ توضِّحُه، أو باطلٍ تَدحَضُه، أو حِكمةٍ تَنشُرُها، أو نِعمةٍ تَذكُرُها).
وقال أبو حاتمٍ بنُ حِبَّانَ: (الصَّامِتُ لا يليقُ به إلَّا الوَقارُ وحُسنُ السَّمتِ)
[9779] ((روضة العقلاء)) (ص: 44). .
9- الحياءُ؛ قال بَشيرُ بنُ كَعبٍ: (إنَّه مكتوبٌ في الحِكمةِ: أنَّ منه أي: الحياءِ وَقارًا، ومنه سكينةً)
[9780] أخرجه مسلم (37). .
قال أبو العبَّاسِ القُرطُبيُّ: (يعني: أنَّ منه ما يَحمِلُ صاحِبَه على أن يُوَقِّرَ النَّاسَ، ويتوَقَّرَ هو في نفسِه، ومنه: ما يحمِلُه على أن يَسكُنَ عن كثيرٍ ممَّا يتحَرَّكُ النَّاسُ إليه من الأمورِ التي لا تليقُ بذوي المُروءاتِ)
[9781] ((المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم)) (1/136). .
وقال
المُناويُّ: (... الحياءُ ... يَزينُ الجوارِحَ؛ فهو زينةُ العَبدِ؛ فمنه الوَقارُ والحِلمُ، وكفى بهما زينةً!)
[9782] ((التيسير بشرح الجامع الصغير)) (1/511). .
10- الحِلمُ؛ فهو يَكسِبُ النَّفسَ الوَقارَ
[9783] ((ميزان العمل)) للغزالي (ص: 277). .
وقد قيل: (مَن نُسِب إلى الحِلمِ أُلبِسَ ثَوبَ الوَقارِ والهَيبةِ، وأُبَّهةَ الجلالةِ)
[9784] ((الرسائل السياسية)) للجاحظ (ص: 86). .
11- الصِّدقُ والحِكمةُ؛ فإنَّ (صِدقَ اللَّهجةِ عُنوانُ الوَقارِ)
[9785] ((حلية طالب العلم)) لبكر أبو زيد (ص: 182). . وقد قالوا: (من تكَلَّم بالحِكمةِ لاحظَتْه العُيونُ بالوَقارِ)
[9786] ((بهجة المجالس)) (1/591، 592). .
12- تعظيمُ الحُرُماتِ.
13- أن يَعلَمَ أنَّ مُعايشةَ النَّاسِ تحتاجُ إلى الرِّفقِ واللِّينِ والحِلمِ والمُداراةِ، فيَعمَلَ على مجاهَدةِ نفسِه لتحصيلِ تلك الأخلاقِ التي هي من أسبابِ الرَّزانةِ والوَقارِ.
قال
الجاحِظُ: (واعلَمْ أنَّه سيَمُرُّ بك في معاملاتِ النَّاسِ حالاتٌ تحتاجُ فيها إلى مُداراةِ أصنافِ النَّاسِ وطَبَقاتِهم، يبلُغُ بك غايةَ الفضيلةِ فيها وكَمالَ العَقلِ والأدَبِ منها أن تسالِمَ أهلَها، وتملِكَ نفسَك عن هواها، وتكُفَّ من جِماحِها، بالأمرِ الذي لا يحرِجُك في دينِك ولا عِرضِك ولا بَدَنِك، بل يفيدُك عِزَّ الحِلمِ، وهيبةَ الوَقارِ)
[9787] ((الرسائل)) (1/117). .
14- أن يَعلَمَ أنَّ الرَّزانةَ تقيه ظُلمَ النَّاسِ، والتَّسرُّعَ في الحُكمِ عليهم ممَّا يورِثُ عداوةً بَينَه وبَيْنَهم.
15- أن يَنظُرَ في عواقِبِ التَّخلِّي عن الوَقارِ والرَّزانةِ في نفسِه وأقوالِه وأفعالِه، وما يعودُ عليه بسَبَبِ ذلك من النَّدَمِ والتَّحسُّرِ.
16- أن يلجَأَ إلى اللهِ سُبحانَه ويسأَلَه أن يوفِّقَه لهذا الخُلُقِ الجليلِ؛ لِما فيه من تحصيلِ الخيرِ واجتنابِ الشَّرِّ
[9788] يُنظَر: ((مفاتيح الغيب)) للفخر الرازي (28/213)، ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (3/392)، ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 586)، ((تفسير أسماء الله الحسنى)) للسعدي (ص: 206، 207)، ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (2/198)، ((صيد الأفكار)) لحسين المهدي (1/559). .