ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ
- قال
عبدُ المَلِكِ بنُ مَرْوانَ للشَّعبيِّ لَمَّا دخل عليه: (جَنِّبْني خِصالًا أربعًا: لا تُطْريني
[817] أي: لا تَمدَحيني. يُنظر: ((مختار الصحاح)) لزين الدين الرازي (ص: 190). في وَجهي، ولا تُجرِيَنَّ عَلَيَّ كَذْبةً، ولا تغتابَنَّ عندي أحدًا، ولا تُفشِيَنَّ لي سِرًّا)
[818] يُنظر: ((المحاسن والأضداد)) للجاحظ (ص: 45). .
- وقال الحَسَنُ: (إنَّ من الخيانةِ أن تحَدِّثَ بسِرِّ أخيك)
[819] رواه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (404). .
- وقال
أبو حاتِمِ بنُ حِبَّانَ: (مَن حَصَّن بالكِتمانِ سِرَّه تمَّ له تدبيرُه، وكان له الظَّفَرُ بما يريدُ، والسَّلامةُ مِن العَيبِ والضَّرَرِ وإن أخطَأَه التَّمَكُّنُ والظَّفَرُ، والحازِمُ يجعَلُ سِرَّه في وعاءٍ ويكتُمُه عن كُلِّ مُستودَعٍ، فإنِ اضطَرَّه الأمرُ وغَلَبه أودَعَه العاقِلَ النَّاصِحَ له؛ لأنَّ السِّرَّ أمانةٌ، وإفشاؤه خيانةٌ، والقَلبُ له وِعاؤه؛ فمِن الأوعيةِ ما يَضيقُ بما يُودَعُ، ومنها ما يتَّسِعُ لِما استُودِعَ)
[820] يُنظر: ((روضة العقلاء)) (ص: 189). .
- وقال أيضًا: (الإفراطُ في الاستِرسالِ بالأسرارِ عَجزٌ، وما كتَمَه المرءُ من عَدُوِّه فلا يجِبُ أن يُظهِرَه لصديقِه، وكفى لذَوي الألبابِ عِبَرًا ما جرَّبوا، ومَن استُودِعَ حديثًا فلْيَستُرْ، ولا يكُنْ مِهتاكًا ولا مِشياعًا؛ لأنَّ السِّرَّ إنَّما سُمِّيَ سِرًّا؛ لأنَّه لا يُفشَى، فيَجِبُ على العاقِلِ أن يكونَ صَدرُه أوسَعَ لسِرِّه مِن صَدرِ غَيرِه بألَّا يُفشيَه)
[821] ((روضة العقلاء)) (ص: 190). .
- وقال بعضُهم: (كِتمانُك سِرَّك يُعقِبُك السَّلامةَ، وإفشاؤك سِرَّك يُعقِبُك النَّدامةَ، والصَّبرُ على كِتمانِ السِّرِّ أيسَرُ من النَّدَمِ على إفشائِه)
[822] يُنظر: ((المحاسن والأضداد)) للجاحظ (ص: 46). .
- وقال الرَّاغِبُ الأصفَهانيُّ: (إذاعةُ السِّرِّ من قِلَّةِ الصَّبرِ، وضِيقِ الصَّدرِ، وتوصَفُ به ضَعَفةُ الرِّجالِ، والصِّبيانُ، والنِّساءُ)
[823] يُنظر: ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) (ص: 213). .
- (وشَكا
هِشامُ بنُ عَبدِ المَلِكِ ما يجِدُ مِن فَقدِ الأنيسِ المأمونِ على سِرِّه، فقال: أكَلْتُ الحامِضَ والحُلوَ حتَّى ما أجِدُ لهما طَعمًا، وأتيتُ النِّساءَ حتَّى ما أُبالي امرأةً لَقِيتُ أم حائِطًا، فما بَقِيَت لي لذَّةٌ إلَّا وجودُ أخٍ أضَعُ بَيني وبَينَه مَؤُونةَ التَّحَفُّظِ)
[824] يُنظر: ((الرسائل الأدبية)) للجاحظ (ص: 92). .
- وقال
الماوَرديُّ: (وكم من إظهارِ سِرٍّ أراقَ دَمَ صاحِبِه، ومَنَع مِن نَيلِ مطالِبِه! ولو كتَمَه كان مِن سَطوتِه آمنًا، وفي عواقِبِه سالمًا، ولِنَجاحِ حوائِجِه راجِيًا)
[825] يُنظر: ((أدب الدنيا والدين)) (ص: 307). .
- وقال أيضًا: (وإظهارُ الرَّجُلِ سِرَّ غيرِه أقبَحُ من إظهارِه سِرَّ نَفسِه؛ لأنَّه يبوءُ بإحدى وصمَتَينِ: الخيانةِ إن كان مُؤتَمَنًا، أو النَّميمةِ إن كان مُستودَعًا؛ فأمَّا الضَّرَرُ فرُبَّما استوَيَا فيه وتفاضَلَا. وكلاهما مذمومٌ، وهو فيهما مَلومٌ)
[826] يُنظر: ((أدب الدنيا والدين)) (ص: 307). .
- (وقيل لعَدِيِّ بنِ حاتِمٍ: أيُّ الأشياءِ أوضَعُ للرِّجالِ؟ قال: كَثرةُ الكلامِ، وإضاعةُ السِّرِّ، والثِّقةُ بكُلِّ أحَدٍ)
[827]رواه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (40/91). .
- وعن المأمونِ يقولُ: (الملوكُ لا تحتَمِلُ ثلاثةَ أشياءَ: إفشاءُ السِّرِّ، والتَّعَرُّضُ للحُرمةِ، والقَدْحُ في المُلكِ)
[828] رواه أبو بكر الدِّينَوري في ((المجالسة وجواهر العلم)) (871)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (33/314) .
وممَّا قيل في إفشاءِ الإنسانِ سِرَّ نفسِه لغيرِه:- قال
مُعاويةُ رَضِيَ اللهُ عنه: (ما أفشَيتُ سِرِّي إلى أحَدٍ إلَّا أعقَبَني طولَ النَّدَمِ، وشِدَّةَ الأسَفِ، ولا أودَعْتُه جوانِحَ صَدري فحَكَمْتُه بَينَ أضلاعي إلَّا أكسَبَني مجْدًا وذِكرًا، وسَناءً ورِفعةً. فقيلَ: ولا ا
بنَ العاصِ؟ قال: ولا ا
بنَ العاصِ. وكان يقولُ: ما كنتُ كاتِمَه من عَدُوِّك فلا تُظهِرْ عليه صديقَك)
[829] يُنظر: ((المحاسن والأضداد)) للجاحظ (ص: 46). .
- و(قال
عَمرُو بنُ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنه: ما تقدَّمْتُ على شَيءٍ فنَدِمْتُ عليه، ولا وضَعْتُ سِرِّي عِندَ أحدٍ فأفشاه عليَّ فلُمْتُه؛ أنا كنتُ أضيَقَ صَدرًا حيثُ وضَعْتُه عِندَه)
[830] أخرجه الخرائطي في ((اعتلال القلوب)) (694) واللفظ له، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (9499) .
وفي لفظٍ آخَرَ: (ما وَضعتُ سِرِّي عندَ أحدٍ أفشاه عليَّ فلُمْتُه؛ أنا كنت أضيَقَ به حيثُ استودَعْتُه إيَّاه)
[831] رواه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (406). .
- وقال أيضًا: (عَجِبتُ من الرَّجُلِ يَفِرُّ من القَدَرِ وهو مُواقِعُه! ويَرى القَذاةَ
[832] القَذَى: ما يقَعُ في العينِ وما ترمي به، وجمعُه أقذاءٌ، والقَذاةُ: الطَّائفةُ من القَذَى. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (15/172). في عَينِ أخيه، ويَدَعُ الجِذعَ في عَينِه! ويُخرِجُ الضِّغنَ
[833] الضِّغْنُ: الحِقدُ والعداوةُ والبغضاءُ. يُنظر: ((النهاية في غريب الحديث)) لابن الأثير (3/91). من نَفسِ أخيه، ويَدَعُ الضِّغنَ في نَفسِه! وما وضَعْتُ سِرِّي عندَ أحَدٍ فلُمْتُه على إفشائِه، وكيف ألومُه وقد ضِقتُ به ذَرْعًا؟!)
[834] رواه البخاري في ((الأدب المفرد)) (886) واللَّفظُ له، والبيهقي في ((القضاء والقدر)) (501)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (46/189). صحَّح إسنادَه الألباني في ((صحيح الأدب المفرد)) (681). .
- وقال
ابنُ الجَوزيِّ: (رأيتُ أكثَرَ النَّاسِ لا يتمالَكون مِن إفشاءِ سِرِّهم، فإذا ظَهَر عاتبوا من أخبَروا به. فواعَجَبًا! كيف ضاقوا بحَبْسِه ذَرعًا، ثمَّ لاموا مَن أفشاه؟!)
[835] ((صيد الخاطر)) (ص: 273). .
- وقال رجُلٌ مِن سَلَفِ العُلَماءِ: (كان يقالُ: أملَكُ النَّاسِ لنَفسِه مَن كَتَم سِرَّه من صديقِه وخليلِه). قال
أبو عُبَيدٍ مُعَلِّقًا على هذا القولِ: (أحسَبُ ذلك للنَّظَرِ في العاقِبةِ؛ ألَّا يتغيَّرَ الذي بَينَهما يومًا ما فيُفشيَ سِرَّه)
[836] يُنظر: ((الأمثال)) لأبي عبيد القاسم بن سلام (ص: 58). .
- وقال
الجاحِظُ: (والسِّرُّ- أبقاك اللهُ- إذا تجاوَزَ صَدْرَ صاحِبَه، وأفلَتَ مِن لسانِه إلى أذُنٍ واحِدةٍ، فليس حينَئذٍ بسِرٍّ، بل ذاك أَولى بالإذاعةِ، ومِفتاحُ النَّشرِ والشُّهرةِ، وإنَّما بَينَه وبَينَ أن يَشيعَ ويَستطيرَ أن يُدفَعَ إلى أذُنٍ ثانيةٍ، وهو مع قِلَّةِ المأمونين عليه وكَربِ الكِتمانِ حريٌّ بالانتقالِ إليها في طَرْفةِ عَينٍ)
[837] يُنظر: ((الرسائل الأدبية)) للجاحظ (ص: 92). .
- وقال أكثَمُ بنُ صَيفيٍّ: (إنَّ سِرَّك مِن دَمِك، فانظُرْ أين تُريقُه)
[838] يُنظر: ((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (2/174-275). .
- وقال الأعمَشُ: (يَضيقُ صَدرُ أحَدِهم بسِرِّه حتى يحَدِّثَ به، ثمَّ يقولُ: اكتُمْه عَلَيَّ!)
[839] يُنظر: ((روضة العقلاء)) لابن حبان (ص: 191). .
- وعن المَدائنيِّ قال: (كان يُقالُ: أصبَرُ النَّاسِ الذي لا يُفشي سِرَّه إلى صديقِه؛ مخافةَ أن يقَعَ بَينَهما شيءٌ فيُفشِيَه)
[840] يُنظر: ((روضة العقلاء)) لابن حبان (ص: 189). .
- وقال بعضُهم: (ما أقبَحَ بالإنسانِ أن يخافَ على ما في يَدِه من اللُّصوصِ فيُخفيَه، ويمكِّنَ عَدُوَّه مِن نفسِه بإظهارِه ما في قَلبِه مِن سِرِّ نَفسِه وسِرِّ أخيه! ومَن عَجَز عن تقويمِ أمرِه فلا يلومَنَّ إلَّا نَفسَه إنْ لم يستَقِمْ له)
[841] يُنظر: ((المحاسن والأضداد)) للجاحظ (ص: 46). .