هو الإمامُ العَلَّامةُ، أَقضى القُضاةِ، أبو الحسنِ عَلِيُّ بن محمدِ بن حَبيبٍ، المَاوَردِي البَصري، شَيخُ الشَّافعيَّة، كان من وُجوهِ الفُقهاءِ الشَّافعيَّة ومن كِبارِهم، أَخذَ الفِقهَ عن أبي القاسم الصيمري بالبَصرةِ، ثم عن الشيخ أبي حامِد الإسفرايني ببغداد، صاحبِ التَّصانيفِ الكَثيرةِ في الأُصولِ والفُروعِ والتَّفسيرِ والأَحكامِ السُّلطانيَّة، وأَدَبِ الدُّنيا والدِّين، قال الماوردي: "بَسَطتُ الفِقهَ في أَربعةِ آلافِ وَرقةٍ وقد اختَصرتُه في أَربعينَ" قال ابنُ الجوزي: "يُريدُ بالمَبسوطِ الحاويَ، وبالمُختَصَرِ الإقناعَ" كان أَديبًا حَليمًا وَقورًا، مُتَأَدِّبًا لم يَرَ أَصحابُه ذِراعَه يومًا من الدَّهرِ مِن شِدَّةِ تَحَرُّزِهِ وأَدبِه، وكان ثِقةً صالحًا، حافظًا للمَذهَبِ وله فيه كتاب "الحاوي الكبير" الذي لم يُطالِعهُ أَحدٌ إلا وشَهِدَ له بالتَّبَحُّرِ والمَعرفةِ التَّامَّةِ بالمَذهبِ. وفُوِّضَ إليه القَضاءُ بِبُلدانٍ كَثيرةٍ، واستَوطَن بغداد في دَربِ الزَّعفراني، ورَوى عنه الخَطيبُ أبو بكرٍ صاحبُ "تاريخ بغداد" وقال: كان ثِقةً. وله من التَّصانيف غير "الحاوي" "تفسير القرآن الكريم" و"النُّكَت والعُيون" و"أدب الدِّين والدنيا" و"الأحكام السلطانية" و"قانون الوزارة" و"سياسة المُلْكِ" و"الإقناع" في المَذهَب، وهو مُختصَر، وغير ذلك، وصَنَّفَ في أُصولِ الفِقهِ والأَدبِ وانتفع النَّاسُ به. وقد وَلِيَ الحُكمَ في بلادٍ كَثيرةٍ، وكان ذا حَظوَةٍ عند الخَليفةِ وعند بني بُويه، توفِّي عن سِتٍّ وثمانين سَنةٍ، ودُفِنَ ببابِ حَربٍ.