المَبحَثُ الثاني: القَولُ بأنَّ القُرْآنَ مَخلوقٌ كُفرٌ أكبَرُ
قال
سُفيانُ الثَّوريُّ: (من زعم أنَّ قَولَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ:
يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [النمل:9] مخلوقٌ، فهو كافِرٌ زِنديقٌ حَلالٌ دَمُه)
[213] رواه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (1/107). .
وقال أيضًا: (من قال: إنَّ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ [الإخلاص:1-2] مخلوقٌ، فهو كافِرٌ)
[214] رواه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (1/108). .
وقال
عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ: (من قال: القُرْآنُ مخلوقٌ، فهو زِنديقٌ)
[215] رواه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (1/111). .
وقال عبدُ اللهِ بنُ إدريسَ، وقد سُئِل: يا أبا مُحَمَّدٍ، إنَّ قِبَلَنا ناسًا يقولون: القُرْآنُ مخلوقٌ، فقال: مِنَ اليَهودِ؟ قال: لا، قال: فمِنَ النصارى؟ قال: لا، قال: فمِنَ المجوسِ؟ قال: لا، قال: فمِمَّن؟ قال: من الموَحِّدين! قال: كَذَبوا، ليس هؤلاء بموَحِّدين، هؤلاء زنادِقةٌ... وقرأ ابنُ إدريسَ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقال: اللهُ مخلوقٌ؟! والرَّحمنُ الرَّحيمُ مخلوق؟! هؤلاء زنادِقةٌ
[216] رواه البخاري في ((خلق أفعال العباد)) (2/11)، وعبد الله بن أحمد في ((السنة)) (1/114). .
وقال أبو بكرِ بنُ عَيَّاشٍ: (من زعم أنَّ القُرْآنَ مخلوقٌ فقد افترى على اللهِ عَزَّ وجَلَّ)
[217] رواه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (1/157). .
وقال
هارونُ الرَّشيدُ أميرُ المُؤمِنين: (بلغني أنَّ
بِشرًا المِرِّيسيَّ يزعُمُ أنَّ القُرْآنَ مخلوقٌ؛ للهِ عَلَيَّ إن أظفَرَني به إلَّا قتَلْتُه قِتلةً ما قتَلْتُها أحدًا قَطُّ)
[218] رواه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (1/127). .
وقال وكيعٌ: (من زعم أنَّ القُرْآنَ مخلوقٌ فقد زعم أنَّه مُحدَثٌ، ومن زعم أنَّه مُحدَثٌ فقد كفر).
وقيل له: إنَّ فُلانًا يقولُ: إنَّ القُرْآنَ مُحدَثٌ. فقال: سُبحانَ اللهِ! هذا كُفرٌ
[219] رواه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (1/115). .
وقال
سُفيانُ بنُ عُيَينةَ: (القُرْآنُ كَلامُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، من قال: مخلوقٌ، فهو كافِرٌ، ومن شَكَّ في كُفرِه فهو كافِرٌ)
[220] رواه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (1/112). .
وقال أيضًا: (من قال: القُرْآنُ مخلوقٌ يحتاج أن يُصلَبَ على ذِبابٍ، يعني: جَبَلًا)
[221] رواه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (1/112). .
وقال عبدُ الرَّحمنِ بنُ مَهديٍّ: (لو كان لي من الأمرِ شَيءٌ لقُمتُ على الجِسرِ فلا يمُرُّ بي أحدٌ من
الجَهميَّةِ إلَّا سألتُه عن القُرْآنِ، فإن قال: إنَّه مخلوقٌ، ضرَبْتُ رأسَه ورَميتُ به في الماءِ)
[222] رواه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (1/120). .
وقال يزيدُ بنُ هارونَ: (واللهِ الذي لا إلهَ إلَّا هو، عالمِ الغَيبِ والشَّهادةِ، الرَّحمنِ الرَّحيمِ؛ من قال: القُرْآنُ مخلوقٌ، فهو زِنديقٌ)
[223] رواه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (1/122). .
وقال هارونُ بنُ معروفٍ: (من قال: القُرْآنُ مخلوقٌ، فهو يَعبدُ صَنَمًا)
[224])) رواه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (1/127). .
وقال
يحيى بنُ مَعِينٍ: (من قال: القُرْآنُ مخلوقٌ، فهو كافِرٌ)
[225] رواه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (1/128). .
وقال أبو جَعفرٍ النُّفَيليُّ: (من قال: إنَّ القُرْآنُ مخلوقٌ؛ فهو كافِرٌ. فقيل: يا أبا جَعفرٍ، الكُفرُ كُفرانِ؛ كُفرُ نِعمةٍ، وكُفرٌ بالرَّبِّ عَزَّ وجَلَّ، قال: لا، بل كُفرٌ بالرَّبِّ عَزَّ وجَلَّ، ما تقولُ فيمن يقولُ:
اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص:1] مخلوقٌ، أليس كافِرًا هو؟)
[226] أورده الذهبي في ((العلو)) (ص: 181). .
وقال يحيى بنُ يحيى: (من زعم أنَّ من القُرْآنِ مِن أوَّلِه إلى آخِرِه آيةٌ منه مخلوقةٌ، فهو كافِرٌ)
[227] يُنظر: ((العلو للعلي الغفار)) للذهبي (ص: 168). .
وقال
أحمدُ بنُ حَنبلٍ: (من قال: القُرْآنُ مخلوقٌ فهو عندنا كافِرٌ؛ لأنَّ القُرْآنَ مِن عِلمِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وفيه أسماءُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ)
[228])) رواه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (1/102). .
وقال أيضًا: (من قال ذاك القَولَ لا يُصَلَّى خَلْفَه الجُمُعةُ ولا غَيرُها، فإن صُلِّيَ خَلْفَه أعاد الصَّلاةَ)
[229] رواه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (1/103). .
وقال
أبو الحَسَنِ الأشعريُّ: (من قال: إنَّ القُرْآنَ غَيرُ مَخلوقٍ، وإنَّ من قال بخَلْقِه كافِرٌ؛ من العُلَماءِ وحَمَلةِ الآثارِ ونَقَلةِ الأخبارِ، وهم لا يُحصَونَ كَثرةً؛ منهم: حمَّادٌ، و
الثَّوريُّ، وعبدُ العزيزِ بنُ أبي سَلَمةَ، و
مالِكُ بنُ أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، و
الشَّافعيُّ رَضِيَ اللهُ عنه وأصحابُه، و
أبو حنيفةَ، و
أحمدُ بنُ حَنبلٍ، و
مالِكٌ رَضِيَ اللهُ عنهم، و
اللَّيثُ بنُ سَعدٍ رَضِيَ اللهُ عنه، و
سُفيانُ بنُ عُيَينةَ، وهِشامٌ، وعِيسى بنُ يُونُسَ، وجَعفَرُ بنُ غياثٍ، وسَعيدُ بنُ عامرٍ، وعبدُ الرَّحمنِ بنُ مَهديٍّ، وأبو بكرِ بنُ عَيَّاشٍ، ووكيعٌ، وأبو عاصمٍ النَّبيلُ، ويَعلَى بنُ عبيدٍ، ومُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ، وبِشرُ بنُ الفَضلِ، وعبدُ اللهِ بنُ داودَ، وسَلامُ بنُ أبي مطيعٍ، و
ابنُ المبارَكِ، وعَلِيُّ بنُ عاصمٍ، وأحمدُ بنُ يونُسَ، وأبو نُعَيمٍ، وقبيصةُ بنُ عُقبةَ، وسُلَيمانُ بنُ داودَ، و
أبو عُبَيدٍ القاسِمُ بنُ سلامٍ، ويَزيدُ بن هارونَ، وغَيرُهم.
ولو تتَبَّعْنا ذِكرَ من يقولُ بذلك لطال الكلامُ، وفيما ذكَرْنا من ذلك مَقنَعٌ، والحمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ)
[230] يُنظر: ((الإبانة عن أصول الديانة)) (ص: 95). .
وقال
اللَّالَكائيُّ: (... قالوا كُلُّهم: القُرْآنُ كَلامُ اللهِ غَيرُ مَخلوقٍ، ومن قال: مخلوقٌ، فهو كافِرٌ. فهؤلاء خَمسُمائةٍ وخَمسونَ نَفسًا أو أكثَرُ من التابعينَ وأتباعِ التَّابعين والأئمَّةِ المَرْضِيِّين سوى الصَّحابةِ الخَيِّرينَ على اختلافِ الأعصارِ ومُضِيِّ السِّنينَ والأعوامِ. وفيهم نحوٌ من مائةِ إمامٍ ممَّن أخذ النَّاسُ بقولِهم وتدَيَّنوا بمذاهِبِهم، ولو اشتَغَلْتُ بنَقلِ قَولِ المحَدِّثين لبلغَت أسماؤهم ألوفًا كثيرةً، لكنِّي اختصَرْتُ وحَذَفتُ الأسانيدَ للاختصارِ، ونَقَلْتُ عن هؤلاء عصرًا بعد عصرٍ لا يُنكِرُ عليهم مُنكِرٌ، ومن أنكر قولَهم استتابوه، أو أمَروا بقَتْلِه أو نَفْيِه أو صَلْبِه)
[231])) يُنظر: ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) (2/ 344). .
وقال
ابنُ تيميَّةَ: (المأثورُ عن
أحمدَ وهو المأثورُ عن عامَّةِ أئمَّةِ السُّنَّةِ والحديثِ أنَّهم كانوا يقولون: من قال: القُرْآنُ مخلوقٌ، فهو كافِرٌ)
[232])) يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (12/ 486). .
وقال أيضًا: (اشتَهَر عن أئمَّةِ السَّلَفِ تكفيرُ من قال: القُرْآنُ مخلوقٌ، وأنَّه يستتابُ، فإن تاب وإلَّا قُتِل)
[233] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (12/ 505). .
وقال ابنُ أبي العِزِّ: (إنَّ الأقوالَ الباطِلةَ المُبتَدَعةَ المحَرَّمةَ المتضَمِّنةَ نَفيَ ما أثبته الرَّسولُ، أو إثباتَ ما نفاه، أو الأمرَ بما نهى عنه، أو النَّهيَ عمَّا أمر به، يقالُ فيها الحَقُّ، ويَثبُت لها الوعيدُ الذي دلَّت عليه النصوصُ، ويُبَيَّنُ أنها كُفرٌ، ويقالُ: من قالها فهو كافِرٌ، ونحوُ ذلك، كما يُذكَرُ من الوعيدِ في الظُّلمِ في النفوسِ والأموالِ، وكما قد قال كثيرٌ من أهْلِ السُّنَّةِ المشاهيرِ بتكفيرِ من قال بخَلقِ القُرْآنِ، وإنَّ اللهَ لا يُرى في الآخرةِ، ولا يَعلَمُ الأشياءَ قبل وقوعِها. وعن
أبي يُوسُفَ رحمه الله أنَّه قال: ناظَرْتُ
أبا حنيفةَ رحمه الله مُدَّةً، حتى اتَّفَق رأيي ورأيُه: أنَّ من قال بخَلقِ القُرْآنِ، فهو كافِرٌ)
[234])) يُنظر: ((شرح الطحاوية)) (2/ 435). .
وقال
ابنُ رجبٍ: (بابُ إمامةِ المفتون والمبتَدِعِ.
وقال
الحسَنُ : تُصَلِّي، وعليه بِدعَتُه... وكَرِه آخرون الصَّلاةَ خَلْفَ أهل ِالأهواءِ والفُجورِ... وفرَّقت طائفةٌ بين البِدَعِ المغَلَّظةِ وغيرِها؛ فقال
أبو عُبيدٍ فيمن صلَّى خَلْفَ الجَهميِّ أو الرَّافِضيِّ: يُعيدُ. ومن صلَّى خَلْفَ قَدَريٍّ أو مُرجِئٍ أو خارجيٍّ: لا آمُرُه بالإعادةِ. وكذلك
الإمامُ أحمدُ؛ قال في الصَّلاةِ خَلْفَ
الجَهميَّةِ: إنَّها تعادُ. والجَهميُّ عنده من يقولُ: القُرْآنُ مخلوقٌ؛ فإنَّه كافِرٌ)
[235] يُنظر: ((فتح الباري)) (4/ 182-186). .
وقال
ابنُ باز: (الذين يقولون: إنَّ القُرْآنَ مخلوقٌ، معناه إنكارُ أنَّه كلامُ اللهِ، وهذا كُفرٌ أكبَرُ، وهكذا من قال: إنَّ اللهَ لا يُرى، فمن أنكر رؤيةَ اللهِ في الآخرةِ، رُؤيتَه في الجنةِ، فهذا كُفرٌ أكبَرُ؛ لأنَّه كَذَّب اللهَ وكَذَّب رَسولَه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فكُلُّ طائفةٍ أو شَخصٍ يقولُ: إنَّ القُرْآنَ مخلوقٌ، معناه أنَّه ليس كلامَ اللهِ، بل هو كلامٌ مخلوقٌ، واللهُ صَرَّح بأنَّه كلامُه سُبحانَه وتعالى؛ لقَولِه جَلَّ وعلا:
وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ وقال تعالى:
يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامِ اللَّهِ… المقصودُ أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والصَّحابةَ كُلُّهم صَرَّحوا بأنَّ القُرْآنَ كلامُ اللهِ، والقُرْآنُ دَلَّ على أنَّه كلامُ اللهِ، فمن زعم أنَّ القُرْآنَ مخلوقٌ فقد زعم أنَّه ليس كلامَ اللهِ، فيكونُ كافِرًا بذلك، مُكَذِّبًا للهِ ولرَسولِه ولإجماعِ المُسلِمين)
[236])) يُنظر: ((فتاوى نور على الدرب)) (1/ 154). .
وقال
ابنُ عُثَيمين: (لو قال قائِلٌ بخَلقِ القُرْآنِ، وأنَّ القُرْآنَ مخلوقٌ بائِنٌ من اللهِ عَزَّ وجَلَّ، فإنَّ كثيرًا مِنَ السَّلَفِ أطلق عليه القَولَ بالكُفرِ، وقال: إنَّه إذا قال: إنَّ القُرْآنَ مخلوقٌ، فقد كَذَّب قَولَ اللهِ تعالى:
أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ [النساء: 166] ، فجعله سُبحانَه وتعالى نازلًا بالعِلمِ لا مخلوقًا بالقُدرةِ، وإذا كان نازلًا بالعِلمِ لم يكُنْ مخلوقًا بالقُدرةِ، وإذا قُلْنا: إنَّه مخلوقٌ صار تكذيبًا لقَولِه تعالى:
أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ، وحينئذٍ يكونُ كافِرًا)
[237])) يُنظر: ((الشرح الممتع)) (15/ 423). .