المَبحَثُ الأوَّلُ: بَعثةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
عَن سَهلِ بنِ سعدٍ الساعديِّ رضي اللهُ عنْهُما قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((بُعِثْتُ أنا والسَّاعةُ هَكَذا ))، ويُشيرُ بإصبَعَيه، فيَمُدُّ بهما
[1811] أخرجه البخاري (6503) واللَّفظُ له، ومسلم (2950). .
وعَن
أنسٍ رَضِيَ اللهُ عَنه قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((بُعِثْتُ أنا والسَّاعةُ كَهاتينِ))، قال: وضَمَّ السَّبَّابةَ والوُسطَى
[1812] أخرجه البخاري (6504)، ومسلم (2951) واللَّفظُ له. .
قال أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ: (حاصِلُه تَقريبُ أمرِ السَّاعةِ الَّتي هيَ القيامةُ، وسُرعةُ مُجيئُها، وهَذا كَما قال:
فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا قال الحَسَنُ: أوَّلُ أشراطِها: مُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)
[1813] يُنظر: ((المفهم)) (7/ 305). .
وعَن قَيسِ بن أبي حازِمٍ عَن أبي جبيرةَ مَرفوعًا:
((بُعِثْتُ في نَسَمِ السَّاعةِ)) [1814] أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الأهوال)) (5)، والبزار كما في ((مجمع الزوائد)) للهيثمي (10/562)، وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (6721). صَحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (2832)، وجوَّد إسناده ابن كثير في ((نهاية البداية والنهاية)) (1/222). .
قال
ابنُ الأثيرِ: (
((بُعِثْتُ في نَسَمِ السَّاعة)) هو مِنَ النَّسيمِ؛ أوَّلِ هُبوبِ الرِّيحِ الضَّعيفةِ، أي: بُعِثْتُ في أوَّلِ
أشراطِ السَّاعةِ وضَعفِ مَجيئِها)
[1815] يُنظر: ((النهاية)) (5/ 49). .
وفي رِوايةٍ:
((بُعِثْتُ أنا والسَّاعةُ كَهاتينِ -وأشارَ أبو داوُدَ بالسَّبابةِ والوُسطَى- فما فضَّلَ إحداهما على الأخرَى)) [1816] أخرجه ا الترمذي (2214) واللَّفظُ له، وأحمد (13287). صَحَّحه الترمذي، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2214)، وصحَّح إسنادَه على شرط الشيخين شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (13287). .
قال الضَّحاكُ: (أوَّلُ أشراطِها بَعثةُ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)
[1817] يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (11/ 350). .
قال
البيهَقيُّ: (بَعثةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واتِّساعُ شَريعَتِه مِن
أشراطِ السَّاعةِ، بمَعنَى: أنَّه لَيسَ بينَه وبينَ السَّاعةِ نَبيٌّ آخَرُ، ثُمَّ لا يَعلَمُ أحَدٌ مَتَى تَقومُ السَّاعةُ إلَّا اللهُ عزَّ وجَلَّ)
[1818] يُنظر: ((الاعتقاد)) (ص: 241). .
وقال
ابنُ تيميَّةَ: (إنَّ مَبعَثَ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هو مِن
أشراطِ السَّاعةِ، وهو دَليلٌ على قُربها، كَما قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الحَديثِ الصَّحيحِ: بُعِثْتُ أنا والسَّاعةُ كَهاتينِ، وجَمعَ بينَ أصبَعَيه السَّبَّابةِ والوُسطَى. وقَد قال تعالى:
فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا [محمد: 18] )
[1819] يُنظر: ((الجواب الصحيح)) (1/ 420). .
وقال القُرطُبيُّ: (أوَّلُها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لِأنَّه نَبيُّ آخِرِ الزَّمانِ، وقَد بُعِثَ ولَيسَ بينَه وبينَ القيامةِ نَبيٌّ)
[1820] يُنظر: ((التذكرة)) (2/ 339). .
وقال
ابنُ رَجَبٍ: (قَد فُسِّر قَولُه:
((بُعِثْتُ أنا والسَّاعةُ كَهاتينِ -وقَرنَ بينَ السَّبَّابةِ والوُسطَى )) بقُرب زَمانِه مِنَ السَّاعةِ، كَقُربِ السَّبَّابةِ مِنَ الوُسطَى، وبأنَّ زَمَنَ بَعثَتِه تَعْقُبُه السَّاعةُ مِن غَيرِ تَخَلُّلِ نَبيٍّ آخَرَ بينَه وبينَ السَّاعةِ، كَما قال في الحَديثِ الصَّحيحِ:
((أنا الحاشِرُ، يُحشَرُ النَّاسُ على قَدَمي، وأنا العاقِبُ)) [1821] أخرجه البخاري (3532)، ومسلم (2354) باختلاف يسير مُطَوَّلًا من حَديثِ جُبَير بن مُطعِم رَضِيَ اللهُ عنه. . فالحاشِرُ: الَّذي يُحشَرُ النَّاسُ لِبَعثِهم يَومَ القيامةِ على قَدَمِه، يَعني: أنَّ بَعثَهم وحَشْرَهم يَكونُ عَقيبَ رِسالَتِه، فهو مَبعوثٌ بالرِّسالةِ، وعَقيبَه يُجمَعُ النَّاسُ لِحَشرِهم. والعاقِبُ: الَّذي جاءَ عَقيبَ الأنبياءِ كُلِّهم، ولَيسَ بَعدَه نَبيٌّ؛ فكانَ إرسالُه مِن عَلاماتِ السَّاعةِ)
[1822] يُنظر: ((فتح الباري)) (3/ 147). .
وقال
حافِظٌ الحَكَميُّ: (قَد ذَكَرَ اللهُ تعالى أنَّ بَعثةَ نَبيِّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أشراطِها، كَما قال عزَّ وجَلَّ:
هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى أَزِفَتِ الْآزِفَةُ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ [النَّجمُ: 56، 57]، وقال تعالى:
فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ [محمد: 8])
[1823] يُنظر: ((معارج القبول)) (2/ 689). .
وقال
ابنُ عُثَيمين: (مِنَ الأشراطِ السَّابقةِ المُتَقَدِّمةِ: بَعثةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فإنَّ بَعثةَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكَونَه خاتَمَ النَّبَيِّينَ دَليلٌ على قُربِ السَّاعةِ؛ ولِهَذا قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((بُعِثْتُ أنا والسَّاعةُ كَهاتينِ، وأشارَ بالسَّبابةِ والوُسطَى ))، أي: إنَّهما مُتَقارِبانِ)
[1824] يُنظر: ((مجموع فتاوى ابن عثيمين)) (3/ 220). .