الْمَبحَثُ الحادي والعِشرونَ: إسنادُ الأمرِ إلى غَيرِ أهلِه
عَن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عَنه قال: بينَما النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مَجلِسٍ يُحدِّثُ القَومَ، جاءَه أعرابيٌّ فقال: مَتى السَّاعةُ؟ فمَضى رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحدِّثُ، فقال بَعضُ القَومِ: سَمعَ ما قال فكرِهَ ما قال. وقال بَعضُهم: بَل لَم يَسمَعْ. حَتَّى إذا قَضى حَديثَه، قال
((أينَ السَّائِلُ عَنِ السَّاعةِ؟)). قال: ها أنا يا رَسولَ اللهِ، قال:
((فإذا ضُيِّعَتِ الأمانةُ فانتَظِرِ السَّاعةَ)). قال: كيفَ إضاعَتُها؟ قال:
((إذا وسِّدَ الأمرُ إلى غَيرِ أهلِه فانتَظِرِ السَّاعةَ )) [2094] أخرجه البخاري (59). .
قال ابنُ بطالٍ: (قَولُه:
((إذا وُسِّدَ الأمرُ إلى غَيرِ أهلِه)) مَعناه أنَّ الأئِمَّةَ قَدِ ائتَمَنَهم اللهُ على عِبادِه، وفَرضَ عليهم النَّصيحةَ لَهم؛ لقَولِه عليه السَّلامُ:
((كُلُّكم راعٍ، وكُلُّكم مَسئولٌ عَن رَعيَّتِه )) [2095] أخرجه البخاري (893)، ومسلم (1829) مُطَولًا من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. ، فيَنبَغي لَهم تَوليَةُ أهلِ الدِّين والأمانةِ للنَّظَرِ في أمرِ الأمَّة، فإذا قَلَّدوا غَيرَ أهلِ الدِّين، واستَعمَلوا مَن يُعينُهم على الجَورِ والظُّلمِ فقَد ضَيَّعوا الأمانةَ الَّتي فرضَ اللهُ عليهم)
[2096] يُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) (1/ 138). .
وقال
ابنُ حَجَرٍ: (مُناسَبةُ هذا الْمَتْنِ لكِتابِ العِلمِ أنَّ إسنادَ الأمرِ إلى غَيرِ أهلِه إنَّما يَكونُ عِندَ غَلَبةِ الجَهْلِ ورَفعِ العِلمِ، وذلك من جُملةِ الأشراطِ)
[2097] يُنظر: ((فتح الباري)) (1/143). .
وقال أيضًا: (الْمُرادُ من
((الأمرِ)): جِنسُ الأمورِ الَّتي تَتَعَلَّقُ بالدِّين، كالخِلافةِ والإمارةِ والقَضاءِ والإفتاءِ وغَيرِ ذلك)
[2098] يُنظر: ((فتح الباري)) (11/ 334). .
وقال
علي القاري: (قال:
((إذا وُسِّدَ)):...أي: أُسنِد وفُوِّضَ
((الأمرُ)) أي: أمرُ السُّلطةِ أوِ الإمارةِ أوِ القَضاءِ أوِ الحُكومةِ
((إلى غَيرِ أهلِه)) أي: مِمَّن لَم يوجَدْ فيه شَرائِطُ الِاستِحقاقِ، كالنِّساءِ والصِّبيانِ، والجَهَلةِ والفَسَقةِ، والبخِيلِ والجَبانِ، ومَن لَم يَكُن قُرَشيًّا ولَو كان من نَسلِ سَلاطينِ الزَّمانِ، هذا في الخَليفةِ، وقِسْ على هذا سائِرَ أُولي الأمرِ والشَّأنِ وأربابِ الْمَناصِبِ مِنَ التَّدريسِ والفَتوى والإمامةِ والخَطابةِ، وأمثالِ ذلك ممَّا يَفتَخِرُ به الأقرانُ)
[2099] يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) (8/ 3429). .
وقال السَّفارينيُّ في أقسامِ
أشراطِ السَّاعةِ: (
((الثَّانيةُ)) الأماراتُ الْمُتَوَسِّطةُ، وهيَ الَّتي ظَهَرَت ولَم تَنقَضِ، بَل تَزايَدُ وتَكثُرُ، وهيَ كثيرةٌ جِدًّا.
((مِنها)): ... في الصَّحيحِ من حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عَنه قال: بينَما النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مَجلِسٍ يُحدِّثُ القَومَ جاءَه أعرابيٌّ قال: مَتى السَّاعةُ؟ فمَضى رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحدِّثُ. وقال بَعضُ القَومِ: سَمعَ ما قال فكَرِهَ ما قال، وقال بَعضُهم: بَل لَم يَسمَعْ. حَتَّى إذا قَضى حَديثَه قال:
((أينَ السَّائِلُ عَنِ السَّاعةِ؟))، فقال: ها أنا يا رَسولَ اللهِ، قال:
((فإذا ضُيِّعَتِ الأمانةُ فانتَظِرِ السَّاعةَ))، قال: كيفَ إضاعَتُها؟ قال:
((إذا وُسِّدَ الأمرُ إلى غَيرِ أهلِه فانتَظِرِ السَّاعةَ))، والله أعلَمُ)
[2100] يُنظر: ((لوامع الأنوار البهية)) (2/ 68-70). .
وقال
ابنُ باز: (...:
((إذا وُسِّدَ الأمرُ إلى غَيرِ أهلِه فانتَظِرِ السَّاعةَ)) يَعني: أسنِدتِ الأمورُ كالوِلاياتِ والقَضاءِ إلى غَيرِ أهلِها، ودَلَّتِ الأحاديثُ الكَثيرةُ على أنَّ السَّاعةَ تَقومُ عِندَ فسادِ الزَّمانِ)
[2101] يُنظر: ((الحلل الإبريزية)) (1/ 31). .
وقال
ابنُ عُثَيمين: (... قال:
((إذا وُسِّدَ الأمرُ إلى غَيرِ أهلِه فانتَظِرِ السَّاعةَ)) يَعني: إذا فسَدَ النَّاسُ، وكانتِ الأمورُ تُسنَدُ إلى غَيرِ أهلِها؛ الفَتوى تُسنَدُ للجاهِلِ، والإمارةُ تُسنَدُ للسَّفِيهِ، والإدارةُ تُسنَدُ لِمَن لا عِلمَ عِندَه بالإدارةِ، وهَكَذا. والخُلاصةُ: أنَّه إذا فسَدَ النَّاسُ فانتَظِرِ السَّاعةَ؛ لأنَّ السَّاعةَ تَقومُ على شِرارِ الخَلقِ، ففي هذا التَّحذيرُ من تَضييعِ الأمانةِ، وأنَّه يَجِبُ أن يُوَلَّى الْمَناصِبَ الأهلُ فالأهلُ؛ لأنَّ هذا مُقتَضى الأمانةِ)
[2102] يُنظر: ((شرح رياض الصالحين)) (6/ 653). .
وقال أيضًا: (
((إذا ضُيِّعَتِ الأمانةُ فانتَظِرِ السَّاعةَ))، قال: كيفَ إضاعَتُها يا رَسولَ الله؟ قال:
((إذا أُسنِدَ الأمرُ إلى غَيرِ أهلِه فانتَظِرِ السَّاعةَ)) الْمُرادَ بالسَّاعةِ هنا يَحتَمِلُ أن تَكونَ ساعةَ يَومِ القيامةِ، ويَحتَمِلُ أن تَكونَ ساعةَ الهَلاكِ، يَعني: أنَّ الأمَّة تَهلِكُ إذا ضُيِّعَتِ الأمانةُ، وإن كانتِ السَّاعةُ لَم تَأتِ بَعدُ، فالِاحتِمالانِ وارِدانِ، والمُهِمُّ أنَّ في الحَديثِ دَليلًا على أنَّ الأمَّة في آخِرِ الزَّمانِ سَوفَ تَفسُدُ بتَضييعِ الأمانةِ، وذلك إذا أسنِدَ الأمرُ إلى غَيرِ أهلِه في الوِلايةِ العامَّةِ والخاصَّةِ، إذا أُسنِدُ إلى غَيرِ أهلِه فأتَتِ السَّاعةُ، مَثَلًا: إذا أُسنِدتِ الإمرةُ إلى شَخصٍ، إلى شَخصٍ بَعيدٍ عَنِ الدِّين لا يُقيمُ الحُدودَ، ويُحابي القَريبَ، ويُحابي الغَنيَّ، ويَضغَطُ على الضَّعيفِ وما أشبَهَ ذلك، هذا لَيسَ أهلًا للإمارةِ، إذا أُسنِدَ إليه نَنتَظِرُ السَّاعةَ، وزيرٌ يَقودُ الأمَّةَ إلى الشَّرِّ وفَسادِ الأخلاقِ وانحِلالِ الأمَّة، هذا غَيرُ أهلِ، فإذا أُسنِدَ إليه الأمرُ فانتَظِرِ السَّاعةَ، رَئيسٌ لا يحكمُ بكِتابِ الله، ولا سُنَّةِ رَسولِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يُسْنَدُ إليه أمرُ الْمُسْلِمينَ، هذا أيضًا غَيرُ أهلٍ، فإذا أُسنِدَ الأمرُ إليه فانتَظِرِ السَّاعةَ، مُديرٌ مَثَلًا: أسنُدَ إليه الأمرُ لَكِن لا يُحسِنُ الإدارةَ لا فنيًّا ولا تَربويًّا، لَكِنَّه قَريبٌ للوَزيرِ أو مَعرِفةٌ للوَزيرِ أو ما أشبَه ذلك، فأسنَدَ إليه الإدارةَ، نَقولُ: هذا أيضًا من إضاعةِ الْمالِ... إذا طَبَّقتَ هذا الأمرَ على واقِعِنا اليَومَ وجَدْتَ أنَّ الأمانةَ قَد ضُيِّعَت تَمامًا إلَّا أن يَشاءَ اللهُ، وأنَّ الأمرَ مُسْنَدٌ إلى غَيرِ أهلِه يُحابي القَريبَ، يُحابي الصَّديقَ، يُحابي الوَجيهَ، وهَذِه مُشكِلةٌ؛ ولِهذا نَقولُ: الآنَ نَحنُ مُنتَظِرونَ للسَّاعةِ إمَّا ساعةَ الهَلاكِ وإمَّا ساعةَ القيامةِ الَّتي تَقومُ؛ لأنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جَعلَه شَرطًا ومَشروطًا، الشَّرطُ: تَضييعُ الأمانةِ، الْمَشروطُ: السَّاعةُ)
[2103] يُنظر: ((الموقع الرسمي لابن عثيمين - شرح كتاب الرقاق من صحيح البخاري - الشريط السادس)). .
وعَن حُذَيفةَ رَضِيَ الله عَنه قال: حَدَّثنا رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَديثينِ قَد رَأيتُ أحَدَهما وأنا أنتَظِرُ الآخَرَ، حَدَّثَنا:
((أنَّ الأمانةَ نَزَلَت في جَذرِ قُلوبِ الرِّجالِ، ثُمَّ نَزِلَ القُرآنُ فعَلِموا مِنَ القُرآنِ وعَلِموا مِنَ السُّنةِ )). ثُمَّ حَدَّثنا عَن رَفعِ الأمانةِ قال:
((يَنامُ الرَّجُلُ النَّومةَ فتُقبَضُ الأمانةُ من قَلبِه فيَظَلُّ أثَرُها مِثلَ الوَكْتِ، ثُمَّ يَنامُ النَّومةَ فتُقبَضُ الأمانةُ مِن قَلبِه فيَظَلُّ أثَرُها مِثلَ الْمَجْلِ، كجَمْرٍ دَحرَجْتَه على رِجْلِكَ فنَفِطَ فتَراه مُنتَبِرًا ولَيسَ فيه شىءٌ -ثُمَّ أخذَ حَصًى فدَحرَجَه على رِجْلِه- فيُصبِحُ النَّاسُ يَتَبايَعونَ لا يَكادُ أحَدٌ يُؤَدِّي الأمانةَ، حَتَّى يُقالَ: إنَّ في بني فُلانٍ رَجُلًا أمينًا! حَتَّى يُقالَ للرَّجُلِ: ما أجلَدَه ما أظرَفَه ما أعقَلَه! وما في قَلبِه مِثقالُ حَبَّةٍ من خَردَلٍ من إيمانٍ! ))، ولَقَد أتى عليَّ زَمانٌ وما أبالي أيُّكم بايَعْتُ، لَئِن كان مُسْلِمًا ليَرُدَّنَّه عليَّ دينَه، ولَئِن كان نَصرانيًّا أو يَهوديًّا ليُرَدَّنَّه عليَّ ساعِيه، وأمَّا اليَومَ فما كُنتُ لأبايِعَ مِنكم إلَّا فُلانًا وفُلانًا
[2104] أخرجه البخاري (6497)، ومسلم (143) واللَّفظُ له. .
قال النَّوَويُّ: (قَولُه:
((أنَّ الأمانةَ نَزَلَت في جَذرِ قُلوبِ الرِّجالِ)) أمَّا الجَذرُ فهو بفَتحِ الجيمِ وكَسرِها لُغَتانِ، وبِالذَّالِ الْمُعجَمةِ فيهما، وهو الأصلُ... وأمَّا الأمانةُ فالظَّاهِرُ أنَّ الْمُرادَ بها التَّكليفُ الذي كلَّفَ الله تعالى به عِبادَه والعَهدُ الذي أخَذَه عليهم... وأمَّا قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فيَظَلُّ أثَرُها مِثلَ الوَكْتِ، فهو بفَتحِ الواوِ وإسكانِ الكافِ وبِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ من فوقٍ، وهو الأثَرُ اليَسيرُ، كذا قاله
الهَرَويُّ، وقال غَيرُه: هو سَوادٌ يَسيرٌ، وقيل: هو لَونٌ يَحدُثُ مُخالِفٌ للَّونِ الذي كان قَبلَه. وأمَّا
((الْمَجْلُ)) فبِفَتحِ الْميمِ وإسكانِ الجيمِ وفَتحِها لغَتانِ...قال أهلُ اللُّغةِ والغَريبِ: الْمَجْلُ هو التَّنَفُّطُ الذي يَصيرُ في اليَدِ مِنَ العَمَلِ بفَأسٍ أو نَحوِها ويَصيرُ كالقُبَّةِ فيه ماءٌ قَليلٌ، وأمَّا قَولُه:
((كجَمْرٍ دَحرَجْتَه على رِجلِكَ فنَفِطَ فتَراه مُنتَبِرًا ولَيسَ فيه شَيءٌ)) فالجَمرُ والدَّحرَجةُ مَعروفانِ، ونَفِطَ بفَتحِ النُّونِ وكَسرِ الفاءِ، ويُقالُ: تَنفَّطَ بمَعناه، ومُنتَبِرًا: مُرتَفِعًا، وأصلُ هَذِه اللَّفظةِ الِارتِفاعُ، ومِنه الْمِنبَرُ لارتِفاعِه وارتِفاعِ الخَطيبِ عليه... قال صاحِبُ التَّحريرِ: مَعنى الحَديثِ أنَّ الأمانةَ تَزولُ عَنِ القُلوبِ شَيئًا فشَيئًا، فإذا زالَ أوَّلُ جُزءٍ مِنها زَلَّ نَورُها وخَلفَتْه ظُلمةُ كالوَكتِ، وهو اعتِراضُ لَونٍ مُخالِفٍ للَّونِ الذي قَبلَه، فإذا زالَ شَيءٌ آخَرُ صارَ كالمِجْلِ، وهو أثَرٌ مُحكَمٌ لا يَكادُ يَزولُ إلَّا بَعدَ مُدَّةٍ، وهَذِه الظُّلْمةُ فوقَ الَّتي قَبلَها، ثُمَّ شَبَّه زَوالَ ذلك النُّورِ بَعدَ وُقوعِه في القَلبِ وخُروجِه بَعدَ استِقرارِه فيه واعتِقابِ الظُّلْمةِ إيَّاه بجَمْرٍ يُدَحْرِجُه على رِجْلِه حَتَّى يُؤَثِّرَ فيها، ثُمَّ يَزولُ الجَمرُ ويَبقى التَّنَفُّطُ، وأخذُه الحَصاةَ ودَحرَجَتُه إيَّاها أرادَ بها زيادةَ البَيانِ وإيضاحَ الْمَذكورِ. واللهُ أعلَمُ. وأمَّا قَولُ حُذَيفةَ رَضِيَ الله عَنه: «ولَقَد أتى عليَّ زَمانٌ وما أبالي أيُّكم بايَعْتُ، لَئِن كان مُسْلِمًا ليَرُدَّنَّه عليَّ دينَه، ولَئِن كان نَصرانيًّا أو يَهوديًّا ليُرَدَّنَّه عليَّ ساعِيه، وأمَّا اليَومَ فما كُنتُ لأبايِعَ مِنكم إلَّا فُلانًا وفُلانًا» فمَعنى الْمُبايَعةِ هنا البَيعُ والشِّراءُ الْمَعروفانِ، ومُرادُه: أنِّي كُنتُ أعلَمُ أنَّ الأمانةَ لَم تَرتَفِع وأنَّ في النَّاسِ وفاءً بالعُهودِ، فكُنتُ أقْدِمُ على مُبايَعةِ مَنِ اتَّفَقَ غَيرَ باحِثٍ عَن حالِه وثُوقًا بالنَّاسِ وأمانَتِهم؛ فإنَّه إن كان مُسْلِمًا فدِينُه وأمانَتُه تَمنَعُه مِنَ الخيانةِ وتَحمِلُه على أداءِ الأمانةِ، وإن كان كافِرًا فساعيه وهو الوالي عليه كان أيضًا يَقومُ بالأمانةِ في وِلايَتِه فيَستَخرِجُ حَقِّي مِنه، وأمَّا اليَومَ فقَد ذَهَبَتِ الأمانةُ فما بَقيَ لي وُثوقٌ بمِن أبايِعُه ولا بالسَّاعي في أدائِهما الأمانةَ، فما أبايِعُ إلَّا فلانًا وفلانًا، يَعني: أفرادًا مِنَ النَّاسِ أعرِفَهم وأثِقُ بهم)
[2105] يُنظر: ((شرح مسلم)) (2/ 168-170). .
وعَن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنهُ قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((سَيَأتي على النَّاسِ سَنَواتٌ خَدَّاعاتٌ يُصَدَّقُ فيها الكاذِبُ ويُكذَّبُ فيها الصَّادِقُ، ويُؤتَمَنُ فيها الخائِنُ ويُخوَّنُ فيها الأمينُ، ويَنطِقُ فيها الرُّوَيبِضةُ: قيلَ: وما الرُّوَيبِضةُ؟ قال: الرَّجُلُ التَّافِهُ في أمرِ العامَّةِ )) [2106] أخرجه ابن ماجه (4036) واللَّفظُ له، وأحمد (7912). صحَّحه الحاكم في ((المستدرك)) (8439)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (4036)، وحسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (7912)، وحسَّنه لغيره الوادعي في ((صحيح دلائل النبوة)) (568)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (16/194)، وجوده ابن كثير في ((نهاية البداية والنهاية)) (1/214). .
قال حُمُودٌ التُّوَيجريُّ: (قَد تَحصَّلَ مِنَ الأحاديثِ مَعَ كلامِ أهلِ اللُّغةِ أنَّ الرُّوَيبِضةَ هو: السَّفيهُ، الفاسِقُ، التَّافِهُ، الوَضيعُ، الحَقيرُ، الخَسيسُ)
[2107] يُنظر: ((إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة)) (2/ 36). .