الفَرعُ الثَّالِثُ: أتباعُه
عَن
أنسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ الله عَنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِن يَهودِ أَصْبَهانَ سَبْعونَ ألفًا عليهم الطَّيالِسةُ )) [2572] أخرجه مسلم (2944). .
قال
ابنُ تَيميَّةَ: (إنَّ اليَهودَ يَتَأوَّلونَ البِشارةَ بالمَسيحِ على أنَّه لَيسَ هو عيسى بنَ مَريَمَ، بَل هو آخَرُ يَنتَظِرونَه، وهم في الحَقيقةِ إنَّما يَنتَظِرونَ
الْمَسيحَ الدَّجَّالَ؛ فإنَّه الذي يَتْبَعُه اليَهودُ ويَخرُجُ مَعَه سَبعونَ ألفَ مُطيلِسٍ من يَهودِ أصبَهانَ، ويَقتُلُهم الْمُسْلِمونُ مَعَه، حَتَّى يَقولَ الشَّجَرُ والحَجَرُ: يا مُسْلِمُ هذا يَهوديٌّ ورائي تَعالَ فاقتُلْه، كما ثَبَت ذلك في الصَّحيحِ
[2573] أخرجه البخاري (2926)، ومسلم (2922) مُطَولًا باختلافٍ يسيرٍ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. [2574] يُنظر: ((الجواب الصَّحيح)) (2/ 289). .
وقال
ابنُ حَجَرٍ: (قال
أبو نُعَيمٍ في تاريخِ أصبَهانَ: كانتِ اليَهوديَّةُ من جُملةِ قُرى أصبَهانَ، وإنَّما سُمِّيَت اليَهوديَّةَ؛ لأنَّها كانت تَختَصُّ بسُكنى اليَهودِ، قال: ولَم تَزَلْ على ذلك إلى أنْ مَصَّرَها أيوبُ بن زيادٍ أميرُ مِصرَ في زَمَنِ
الْمَهديِّ بنِ الْمَنصورِ، فسَكَنَها الْمُسلِمونَ، وبَقيَت لليَهودِ مِنها قِطعةٌ مُنفَرِدةٌ، وأمَّا ما أخرَجَه
مُسْلِمٌ عَن أبي هُرَيرةَ مَرفوعًا قال:
((يَتْبَعُ الدَّجَّالَ سَبعونَ ألفًا مَن يَهودِ أصبَهانَ)). فلَعَلَّها كانت يَهوديَّةَ أصبَهانَ يُريدُ البَلَدَ الْمَذكورَ لا أنَّ الْمُرادَ جَميعُ أهلِ أصبَهانَ يَهودٌ، وأنَّ القَدْرَ الذي يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنهم سَبعونَ ألفًا)
[2575] يُنظر: ((فتح الباري)) (13/ 328). .
وقال
ابنُ بازٍ في الدَّجَّالِ: (يَخرُجُ من جِهةِ الشَّرقِ ويَتبَعُه مَن يَهودِ أصبَهانَ سَبعونَ ألفًا، وأصحابُه الآنَ في إيرانَ)
[2576] يُنظر: ((الحلل الإبريزية)) (4/ 406). .
وقال
ابنُ عُثَيمين: (أخبَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه يَتبَعُه من يَهودِ أصفَهانَ سَبعونَ ألفًا عليهم الطَّيالِسةُ، وهو نَوعٌ رَفيعٌ مِنَ الثِّيابِ، الْمَعنى أنَّه يَتبَعُه من أصفَهانَ، وهيَ مَعروفةٌ من مُدُنِ إيرانَ يَتبَعُه مِنها سَبعونَ ألفًا)
[2577] يُنظر: ((شرح رياض الصالحين)) (6/ 623). .
وعَن
أبي بَكرٍ الصِّديقِ رَضِيَ الله عَنه قال: حَدَّثنا رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إنَّ الدَّجَّالَ يَخرُجُ من أرضٍ بالمَشرِقِ يُقالُ لَها: خُراسانُ، يَتبَعُه أقوامٌ كأنَّ وُجوهَهم الْمَجَانُّ الْمُطْرَقةُ )) [2578] أخرجه الترمذي (2237) باختلافٍ يسيرٍ، وابن ماجه (4072)، وأحمد (12) واللَّفظُ لهما. صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (4072)، وقال الترمذي: حسن غريب، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (1/27)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (12). .
قال
عَلِيٌّ القارِي: (
((يَتبَعُه)): بسُكونِ التَّاءِ وفَتحِ الباءِ، وفي نُسخةٍ بتَشديدِ التَّاءِ وكَسرِ الباءِ أي: يَلحَقُه ويُطيعُه
((أقوامٌ)) أي: جَماعاتٌ أيْ عَظيمةٌ وغَريبةٌ من جِنسِ الإنسانِ، ولَكِنَّهم يُشبِهونَ الجانَّ،
((كأنَّ وُجوهَهم الْمَجَانُّ)): بفَتحِ الْميمِ وتَشديدِ النُّونِ، جَمعُ الْمِجَنِّ بكَسرِ الْميمِ، وهو التُّرسُ، وقَولُه:
((الْمُطْرَقةُ)): بضَمِّ الْميمِ وسُكونِ الطَّاءِ، على ما في أصلِ السيدِ وأكثَرِ النُّسَخِ. وقال
السُّيوطيُّ: رُوِيَ بتَشديدِ الرَّاءِ وتَخفيفِها، فهيَ مَفعولةٌ من أطرَقِه أو طَرَّقَه أي: جَعلَ الطِّراقَ على وَجهِ التُّرْسِ، والطِّراقُ بكَسرِ الطَّاءِ: الجِلدُ الذي يُقطَعُ على مِقدارِ التُّرْسِ، فيُلصَقُ على ظَهرِه، والمَعنى أنَّ وُجوهَهم عَريضةٌ، ووَجَناتِهم مُرتَفِعةٌ كالمجَنَّةِ، وهذا الوَصفُ إنَّما يوجَدُ في طائِفةِ التُّركِ والأزبَكِ ما وراءَ النَّهرِ، ولَعَلَّهم يَأتونُ إلى الدَّجَّالِ في خُراسانَ، كما يُشيرُ إليه قَولُه: يَتبَعُه، أو يَكونونَ حينَئِذٍ مَوجودين في خُراسانَ، حَمَاه اللهُ من آفاتِ الزَّمانِ)
[2579] يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) (8/ 3479). .
وقال
المُناويُّ: (
((يَتبَعُه أقوامٌ)) مِنَ الأتراكِ واليَهودِ...
((كأنَّ وُجوهَهم الْمَجَانُّ)) واحِدُها مِجَنٌّ، وهو التُّرسُ، سُمِّيَ به؛ لأنَّه يَستُرُ الْمُستَجِنَّ به، أي: يُغَطِّيه،
((الْمُطَرَّقةُ)) بضَمِّ الْميمِ وتَشديدِ الرَّاءِ الْمَفتوحةِ، أيِ الأتراسُ الَّتي ألبِسَتِ العَقِبَ شَيئًا فوقَ شَيءٍ... شَبَّه وُجوهَ أتباعِه بالمَجانِّ في غِلَظِها وعَرضِها وفَظاظَتِها)
[2580] يُنظر: ((فيض القدير)) (3/ 539). .