الفَرعُ الأوَّلُ: ابنُ صيَّادٍ في عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
عَنِ
ابنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنهما: أنَّ عُمرَ انطَلَقَ مَعَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في رَهطٍ قِبَلَ ابنِ صَيَّادٍ، حَتَّى وجَدوه يَلعَبُ مَعَ الصِّبيانِ، عِندَ أُطُمِ بني مَغالةَ، وقَد قارَبَ ابنُ الصَّيَّادِ الحُلُمَ، فلَم يَشعُر حَتَّى ضَربَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيَدِه، ثُمَّ قال لابنِ الصَّيَّادِ: تَشهَدُ أنِّي رَسولُ اللهِ؟ فنَظَرَ إليه ابنُ صيَّادٍ فقال: أشهَدُ أنَّكَ رَسولُ الأمِّيِّينَ. فقال ابنُ صيَّادٍ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أتَشْهَدُ أنِّي رَسولُ اللهِ؟ فرَفضَه، وقال: آمَنتُ باللهِ وبِرُسُلِه. فقال لَه: ما تَرى؟ قال ابنُ صَيَّادٍ: يَأتيني صادِقٌ وكاذِبٌ. فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: خلطَ عليكَ الأمرُ. ثُمَّ قال لَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنِّي خَبأتُ لَكَ خَبيئًا. فقال ابنُ صَيَّادٍ: هو الدُّخّ. فقال: اخسَأْ، فلَن تَعْدُوَ قَدْرَكَ. فقال عُمَرُ رَضِيَ الله عَنه: دَعْني يا رَسولَ الله أضرِبْ عُنُقَه. فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إنْ يَكُنْه فلَن تُسَلَّطَ عليه، وإن لَم يَكُنْه فلا خَيرَ لَكَ في قَتلِه )) [2672] أخرجه البخاري (1354) واللَّفظُ له، ومسلم (2930). . وفي رِوايةٍ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لَه:
((ما تَرى؟ قال: أرى عَرْشًا على الْماءِ، فقال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: تَرى عَرْشَ إبليسَ على البَحرِ، وما تَرى؟ قال: أرى صادِقَينِ وكَذَّابًا أو كاذِبَينِ وصادِقًا. فقال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لُبِسَ عليه، دَعوه )) [2673] أخرجها مسلم (2925) مُطَولًا من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. .
قال
ابنُ حَجَرٍ: (قَولُه: أُطُم، بضَمَّتين: بِناءٌ كالحِصْنِ، ومَغالةُ بفَتحِ الْميمِ والمُعجَمةِ الخَفيفةِ: بَطْنٌ مِنَ الأنصارِ... وقَولُه: فرَفضَه، للأكثَرِ بالضَّادِ الْمُعْجَمةِ، أيْ تَركَه... ولِبَعضِهم بالمُهمَلةِ، أي: دَفعَه برِجْلِه... وفي رِوايةِ عَبدوسٍ: فوقَصَه، بالواوِ والقافِ)
[2674] يُنظر: ((فتح الباري)) (3/ 220). .
وقال
الخَطابيُّ: (قَولُه: فرَفَصَه، إنَّما هو فَرَصَّهُ، هَكَذا حَدَّثونا به من غَيرِ وجهٍ، يُريدُ أنَّه قَد ضَغَطَه حَتَّى ضَمَّ بَعضَه إلى بَعضٍ)
[2675] يُنظر: ((أعلام الحديث)) (1/ 708). .
وقال
البَغَويُّ: (قَولُه:
((خَبَأتُ لَكَ خَبيئًا)) كان قَد خَبَّأ لَه:
يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ [الدخان: 10] ، والدُّخّ: الدُّخانُ)
[2676] يُنظر: ((شرح السنة)) (15/ 71). .
وقال
الخَطابيُّ: (قَولُه:
((اخسَأْ فلَن تَعدوَ قَدْرَكَ)) يَحتَمِلُ وجهينِ:
أحَدُهما: يُريدُ أنَّه لا يَبلُغُ قَدْرُه أن يُطالِعَ الغَيبَ من قِبَلِ الوَحيِ الذي يُوحى به إلى الأنبياءِ، ولا من قِبَلِ الإلهامِ الذي يُلقَى في رُوعِ الأولياءِ، وإنَّما كان الذي جَرى على لسانِه من ذلك شَيئًا ألقاه
الشَّيطانُ إليه حينَ سَمِعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُراجِعُ به أصحابَه قَبلَ دُخولِه النَّخْلَ.
والوَجهُ الآخَرُ: أنَّه أرادَ بقَولِه: لَن تَعدوَ قَدْرَكَ، أي لَن تَسبِقَ قَدَرَ اللهِ فيكَ وفي أمرِكَ)
[2677] يُنظر: ((أعلام الحديث)) (1/ 709). .
وقال
ابنُ كثيرٍ: (في الصَّحيحين أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لابنِ الصَّيَّادِ:
((إنِّي خَبأتُ لَكَ خَبْأً)) قال: هو الدُّخّ. فقال لَه:
((اخسَأ فلَن تَعدُوَ قَدْرَكَ))، قال: وخَبَّأ لَه رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ. وهذا فيه إشعارٌ بأنَّه مِنَ الْمُنتَظَرِ الْمُرتَقَبِ، وابنُ صيَّادٍ كاشَفَ على طَريقةِ الكُهَّانِ بلِسانِ الجانِّ وهم يُقَرمِطونَ أي: يقطعونَ العِبارةَ؛ ولِهذا قال: هو الدُّخ، يَعني الدُّخَانَ، فعِندَها عَرَفَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مادَّتَه وأنَّها شَيطانيَّةٌ، فقال لَه: اخسَأْ فلَن تَعْدُوَ قَدْرَكَ)
[2678] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (7/ 248). .
وقال ابنُ الْملكِ الكرمانيُّ: (
((قِبَلَ ابنِ صَيَّادٍ)) أي: جانِبَه، قيلَ: هو الدَّجَّالُ، وقيلَ: هو يَهوديٌّ وُلِدَ في الْمَدينةِ...
((في أُطُمٍ)) بضَمِّ الهَمزةِ: جَمعُ إطامٍ بالكَسرِ، وهو الحصينُ.
((بني مَغالةَ)) بفَتحِ الْميمِ والغين الْمُعْجَمةِ: قَبيلةٌ، أي: في حُصونِهم.
((وقَد قارَبَ ابنُ صيَّادٍ يومَئِذِ الحُلُمَ))، أيِ: البُلوغَ.
((فلَم يَشعُرْ حَتَّى ضَربَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ظَهرَه بيدِه، ثُمَّ قال: أتَشهَدُ أنِّي رَسولُ اللهِ؟ فنَظَرَ إليه ))، أيِ: ابنُ صيَّادٍ إلى رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
((وقال: أشهَدُ أنَّكَ رَسولُ الأمِّيين)): أرادَ بهم: أمَّةَ العَربِ؛ فإنَّهم كانوا لا يَكتُبونَ ولا يَقرَؤونَ، قال الله تعالى:
هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ [الجمعة: 2] . وهذا الكَلامُ مِنه جَرى على سُنَّةِ اليَهودِ، وهيَ أنَّهم إذا عَجَزوا عَنِ الطَّعنِ في نُبوَّةٍ نَبَيِّنا عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، زَعَموا أنَّه بُعِثَ إلى العَرَبِ خاصَّةً لا إلى الكافَّةِ.
((ثُمَّ قال ابنُ صَيَّادٍ: أتَشهَدُ أنِّي رَسولُ الله؟ فَرَصَّه النَّبيُّ)): بفَتحِ الصَّادِ الْمُهمَلةِ الْمُشَدَّدةِ، وهو الصَّوابُ، أي: فتَناوَلَه وضَغطَه حَتَّى ضَمَّ بَعضَه بَعضًا بالعَصْرِ، وإنَّما لَم يَقتُلْه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَعَ أنَّه ادَّعى النُّبوَّةَ بحَضرَتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّه كان غَيرَ بالِغٍ، أو لأنَّه في أيَّامِ مُهادَنةِ الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ اليَهودَ وحُلَفاءَهم، وهو مِنهم، أو دَخيلٌ فيهم.
((ثُمَّ قال))، أيِ: النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ:
((آمَنتُ بالله ورُسُلِه، ثُمَّ قال لابنِ صَيَّادٍ: ماذا تَرى؟ قال: يَأتيني صادِقٌ وكاذِبٌ))، أي: كانت لَه تاراتٌ يُصيبُ في بَعضِها، ويُخطِئُ في بَعضِها؛ لأنَّ ذلك كان شَيئًا يُلْقِيه إليه
الشَّيطانُ، ويُجْريه على لِسانِه، قَد يَكونُ صادِقًا وقَد يَكونُ كاذِبًا.
((قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: خلطَ عليكَ الأمرُ))، أي: هو شَيطانٌ خلطَ عليكَ الكَذِبُ بالصِّدقِ؛ ليُغويَكَ.
((قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنِّي خَبأتُ لَكَ خَبيئًا))، أي: أضمَرتُ لَكَ مُضمَرًا؛ لتُخبِرَني عَنه. «وخَبَّأ لَه»، أي: أضمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لابنِ صيَّادٍ:
يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ [الدخان: 10] ، فقال: هو الدُّخُّ" بضَمِّ الدَّالِّ الْمُهمَلةِ، والخاءِ الْمُعْجَمةِ الْمُشَدَّدةِ: لُغةٌ في الدُّخانِ.
((فقال: اخسَأ)): كلِمةُ زَجْرٍ واستِهانةٍ، أي: ابعُدْ واسكُتْ صاغِرًا؛ فإنَّكَ وإن أخبَرْتَ عَن خَبيئَتي:
((فلَن تَعدُوَ قَدْرَكَ))، أي: لَن تَستَطيعَ أن تَتَجاوَزَ الحَدَّ الذي حُدَّ لَكَ، يُريدُ: أنَّ الكِهانةَ لا تَرفَعُ صاحِبَها عَنِ القَدْرِ الذي هو عليه، وإن أصابَ في كِهانَتِه، وإنَّما امتَحنَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بذلك؛ ليُظهِرَ إبطالَ حالِه للصَّحابةِ، وأنَّه كاهِنٌ ساحِرٌ، يَأتيه
الشَّيطانُ، فيُلقي على لِسانِه. وقيلَ: مَعنى قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((فلَن تَعدوَ قَدرَكَ)) أنَّه دُعاءٌ عليه بعَدَمِ بُلوغِه قَدْرَه من مُطالَعةِ الغَيبِ وحَيًا كما للأنبياءِ، أو إلهامًا كما للأولياءِ.
((قال عُمرُ رَضِيَ الله عَنه: يا رَسولَ اللهِ، أتَأذَنُ لي فيه أضرِبْ عُنُقَه؟ قال عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: إن يَكُنْ هو)): الضَّميرُ الْمُستَكِنُّ يَعودُ إلى الدَّجَّالِ، والمُنفَصِلُ إلى ابنِ صيَّادٍ، ويَجوزُ بالعَكسِ، والضَّميرُ الْمُنفَصِلُ خَبَرُ (كان)... والتَّقديرُ: إن يَكُنِ الشَّأنُ ابنُ صيَّادٍ الدَّجَّال.
((لا تُسَلَّطْ عليه))، أي: لا تَقْدِرْ أن تَقتُلَه؛ لأنَّ قاتِلَه عيسى عليه السَّلامُ.
((وإن لَم يَكُن هو، فلا خَيرَ لَكَ في قَتْلِه)): مَنعَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن قَتلِه؛ لأنَّه كان صَغيرًا، وقَد مَنَعَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن قَتْلِ الصِّبيانِ، أو لأنَّه كان من أهلِ الذِّمَّةِ)
[2679] يُنظر: ((شرح المصابيح)) (5/ 594-596). .
وقال
علي القاري: (
((قال: أرى صادِقَينِ وكاذِبًا، أو كاذِبَينِ وصادِقًا)) أي: يَأتيني شَخصانِ يُخبِراني بما هو صِدْقٌ، وشَخصٌ يُخبِرُني بما هو كَذِبٌ، والشَّكُّ مِنِ ابنِ الصَّيَّادِ في عَدَدِ الصَّادِقِ والكاذِبِ يَدُلُّ على افتِرائِه؛ إذِ الْمُؤَيَّدُ من عِندِ اللهِ لا يَكونُ كذلك،
((فقال رَسولُ الله صَلى الله تعالى عليه وسلَّم)) أي: لأصحابِه:
((لُبِسَ)): بضَمِّ لامٍ وكَسرِ مُوَحَّدةٍ مُخَفَّفةٍ، ولَو شُدِّد لأفادَ التَّأكيدَ والتَّكثيرَ، أي: خُلِطَ
((عليه الأمرُ)): في كِهانَتِه،
((فدَعوه)) أي: فاترُكوه؛ فإنَّه لا يُحَدِّثُ بشَيءٍ يَصلُحُ أن يُعَوَّلَ عليه)
[2680] يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) (8/ 3488). .
وعن
عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنهما قال: انطَلَقَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأُبَيُّ بنُ كعبٍ إلى النَّخلِ الَّتي فيها ابنُ صَيَّادٍ، وهو يَختِلُ أن يَسمَعَ مِنِ ابنِ صيَّادٍ شَيئًا قَبلَ أن يَراه ابنُ صَيَّادٍ، فرَآه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو مُضطَجِعٌ، يَعني في قَطيفةٍ، لَه فيها رَمزةٌ أو زَمْرةٌ، فرَأت أمُّ ابنِ صيَّادٍ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو يَتَّقي بجُذوعِ النَّخلِ. فقالت لابنِ صيَّادٍ: يا صافِ، وهو اسمُ ابنِ صيَّادٍ، هذا مُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فثارَ ابنُ صَيَّادٍ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((لَو تَرَكَتْه بيَّنَ)) [2681] أخرجه البخاري (1355) واللَّفظُ له، ومسلم (2931). .
قال
ابنُ حَجَرٍ: (قَولُه:
((وهو يَخْتِلُ)) بمُعجَمةٍ ساكِنةٍ بَعدَها مُثَنَّاةٌ مَكسورةٌ، أي: يَخدَعُه، والمُرادُ أنَّه كان يُريدُ أن يَستَغفِلَه ليَسمَعَ كلامَه وهو لا يَشعُرُ. قَولُه: لَه فيها رَمزةٌ أو زَمَرةُ، كذا للأكثَرِ على الشَّكِّ في تَقديمِ الرَّاءِ على الزَّايِ أو تَأخيرِها، ولِبَعضِهم زَمَزَمةٌ أو رَمرَمةٌ، على الشَّكِّ هَل هو بَزايَينِ أو براءَينِ مَعَ زيادةِ ميمٍ فيهما، ومَعاني هَذِه الكَلِماتِ الْمُختَلِفةِ مُتَقارِبةٌ؛ فأمَّا الَّتي بتَقديمِ الرَّاءِ وميمٍ واحِدةٍ، فهيَ فَعْلةٌ مِنَ الرَّمزِ، وهو الإشارةُ، وأمَّا الَّتي بتَقديمِ الزَّايِ كذلك فمِنَ الزَّمْرِ والمُرادُ حِكايةُ صَوتِه، وأمَّا الَّتي بالمُهمَلَتين وميمينِ فأصلُه مِنَ الحَرَكةِ، وهيَ هنا بمَعنى الصَّوتِ الخَفِيِّ، وأمَّا الَّتي بالمُعجَمَتين كذلك، فقال
الخَطابيُّ: هو تَحريكُ الشَّفَتين بالكَلامِ، وقال غَيرُه: وهو كلامُ العُلوجِ، وهو صَوتٌ يَصوتُ مِنَ الخياشيمِ والحَلقِ، قَولُه: فثارَ ابنُ صيَّادٍ، أي قامَ، كذا للأكثَرِ، ولِلكشميهنيِّ: فثَابَ، بموَحَّدةِ، أي: رَجَعَ عَنِ الحالةِ الَّتي كان فيها)
[2682] يُنظر: ((فتح الباري)) (3/ 220). .
وقال ابنُ الْملكِ الكرمانيُّ الحَنفيُّ: (
((قال ابنُ عُمَرَ: انطَلَقَ بَعدَ ذلك رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأُبَيُّ بنُ كعبٍ الأنصاريُّ يُؤمَّانِ))، أي: يَقصِدانِ.
((النَّخلَ الَّتي فيها ابنُ صيَّادٍ، فطَفِقَ))، أي: شَرعَ.
((رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَتَّقي))، أي: يَستُرُ نَفسَه.
((بجُذوعِ النَّخلِ، وهو يَختِلُ))، أي: يُراوِدُ ويَطلُبُ من حَيثُ لا يَشعُرُ.
((أن يَسمَعَ مِنِ ابنِ صيَّادٍ شَيئًا قَبلَ أن يَراه))، يَعني: يُريدُ أن يَستَرِقَ السَّمعَ مِنه؛ ليَعلَمَ أنَّه على الحَقِّ، أو على الباطِلِ.
((وابنُ صيَّادٍ مُضطَجِعٌ على فِراشِه في قَطيفةٍ))، أي: دِثارٍ.
((لَه فيها زَمَزَمةٌ)): بَزايينِ مُعجَمَتين، أي: صَوتٌ لا يُفهَمُ مِنه شَيءٌ.
((فرَأت أمُّ ابنِ صيَّادٍ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يَتَّقي بجُذوعِ النَّخلِ، فقالت: أي صافِ، وهو اسمُه، هذا مُحَمَّدٌ، فتَناهى ابنُ صَيَّادٍ))، أيِ: امتَنَعَ من زَمَزَمَتِه، وسَكَت عَنها.
((قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لَو تَرَكَتْه ))، أي: أمُّه على حالِه، ولَم تُخبِره بمَجيئي، لَبيَّنَ باختِلافِ كلامِه ما يُهوِّنُ عليكم شَأنَه، وقيلَ: أي: أوضَحَ ما في نَفسِه، وكُنتُ أسمَعُ ما يَقولُ)
[2683] يُنظر: ((شرح المصابيح)) (5/ 596). .