الفرعُ الأولُ: فَضْلُ طَلحةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه
فَضائِلُه ومَناقِبُه رَضِيَ اللهُ عنه كثيرةٌ؛ منها:
1- وِقايَتُهُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَومَ أُحُدٍ.
عن قَيسِ بنِ أبي حازِمٍ قال: رَأيتُ يَدَ
طَلحةَ شَلَّاءَ؛ وقى بها النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَومَ أُحُدٍ
[1708] رواه البخاري (4063). .
قال
ابنُ الجوزيُّ: (الشَّللُ: فَسادٌ يَلحَقُ اليَدَ فيُرخِيها، وكانَ رَسولُ اللهِ حينَ تَفَرَّقَ النَّاسُ يَومَ أحُدٍ يَرمي بالقَوسِ حَتَّى صارَت شَظايا، وثَبَتَ مَعَهُ عِصابةٌ مِنَ الصَّحابةِ، فأُصيبَت يومَئِذٍ رَباعِيَتُهُ، وكُلِمَ في وَجْنَتَيه، وعَلاهُ ابنُ قَمِيئةَ بالسَّيفِ فاتَّقاهُ
طَلحةُ بيَدِه، فشَلَّت يَدُهُ، وقيلَ: إنَّما شَلَّت إصبَعانِ من يَدِه)
[1709] يُنظر: ((كشف المشكل من حديثِ الصحيحين)) (1/ 224). .
وعن أبي عُثمانَ النَّهديِّ قال: لم يَبقَ مَعَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بَعضِ تِلكَ الأيَّامِ الَّتي قاتَلَ فيهِنَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غَيرُ
طَلحةَ و
سَعدٍ. عن حَديثِهِما
[1710] رواه البخاري (3722، 3723) واللَّفظُ له، ومسلم (2414). .
قال أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ: (يَعني بذلك: يَومَ أُحُدٍ...
طَلحةُ ثَبتَ يومَئِذٍ، ووَقى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيَدِهِ فشَلَّت أُصبُعاهُ، وجُرحَ يومَئِذٍ أربَعًا وعِشرينَ جِراحةً. و«قَولُه: عن حَديثِهِما» هَذا من قَولِ الرَّاوي عن أبي عُثمانَ، وهوَ: المُعتَمِرُ بن سُلَيمانَ، ويَعني به: أنَّ أبا عُثمانَ إنَّما حَدَّثَ بثُبوتِ
طَلحةَ و
سَعدٍ عنهما، لا أنَّه شاهَدَ هو ثُبوتَهما؛ فإنَّهُ تابِعيٌّ لا صَحابيٌّ، ولا أنَّه حَدَّثَ بذلك عن غَيرِهِما، بَل عنهما. هما حَدَّثاهُ بذلك)
[1711] يُنظر: ((المفهم)) (6/ 288). .
وعنِ
الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: كانَ عَلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَومَ أُحُدٍ دِرْعانِ، فنَهضَ إلى الصَّخرةِ فلَم يَستَطِع، فأقعَدَ تَحتَهُ
طَلحةَ، فصَعِدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَتَّى استَوى عَلى الصَّخرةِ، قال: فسَمِعتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ:
((أوجَبَ طَلحةُ!)) [1712] رواه الترمذي (3738) واللَّفظُ له، وأحمد (1417). صحَّحه الترمذي، وابن حبان في ((صحيحه)) (6979)، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (5602). .
قال
البَيضاويُّ: (مَعناه: أوجَب
طَلحةُ لنَفسِه الجَنَّةَ بفِعلِه هَذا، أو بما فعل في ذلك اليَومِ، خاطَرَ بنَفسِه يَومَ أُحُدٍ، وفَدى بها رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وجَعلَها وِقايةً لهُ، حَتَّى طُعِنَ دونَه، وجُرِحَ جَميعُ جَسَدِه)
[1713] يُنظر: ((تحفة الأبرار)) (3/ 554). .
2- من مَناقِبِه رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخبَرَ بمَوتِه شَهيدًا.
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ عَلى جَبَلِ حِراءَ فقال:
((اسكُنْ حِراءُ؛ فما عليكَ إلَّا نَبيٌّ أو صِدِّيقٌ أو شَهيدٌ )) وعليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم و
أبو بَكْرٍ وعُمرُ وعُثمانُ وعَليٌّ و
طَلحةُ و
الزُّبَيْرُ و
سَعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عنهم
[1714] رواه مسلم (2417). .
قال عِياضٌ: (تَحَرَّكَ الجَبَلُ، وكَلامُ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وقَولُه: "اهدَأْ؛ فإنَّما عليكَ نَبيٌّ أو صِدِّيقٌ أو شَهيدٌ" كُلُّهُ من آياتِ نُبوَّتِه وإخبارِه بالغُيوبِ، وانخِراقِ العاداتِ لهُ. فكُلُّ مَن كانَ عليه بَعدَ النَّبيِّ و
الصِّدِّيقِ ماتوا شُهداءَ. وفيه كرامةٌ عَظيمةٌ لهَؤُلاءِ الَّذينَ كانوا عليه مَعَهُ، وهوَ
أبو بَكْرٍ، وعُمرُ، وعُثمانُ، وعَليٌّ، و
طَلحةُ، و
الزُّبَيْرُ)
[1715] يُنظر: ((إكمال المعلم)) (7/ 430). .
وقال
النَّوَويُّ: (في هَذا الحَديثِ مُعجِزاتٌ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ مِنها إخبارُهُ أنَّ هَؤُلاءِ شُهداءُ، وماتوا كُلُّهم غَيرَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم و
أبي بَكْرٍ شُهَداءَ... وفيه بَيانُ فَضيلةِ هَؤُلاءِ)
[1716] يُنظر: ((شرح مسلم)) (15/190). .
3- من مَناقِبِه رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تُوُفِّي وهوَ عنه راضٍ.
قال عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه: (إنِّي لا أعلَمُ أحَدًا أحَقَّ بهَذا الأمرِ من هَؤُلاءِ النَّفرِ الَّذينَ تُوُفِّي رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهوَ عنهم راضٍ، فمَنِ استَخلَفوا بَعدي فهوَ الخَليفةُ، فاسمَعوا لهُ وأطيعوا، فسمَّى عُثمانَ وعَلِيًّا و
طَلحةَ و
الزُّبَيْرَ و
عَبدَ الرَّحمَنِ بنَ عَوفٍ و
سَعدَ بنَ أبي وقَّاصٍ)
[1717] رواه البخاري (1392). .
قال ابنُ بطالٍ: (قال عُمَرُ: إنْ عَجِلَ بي أمرٌ فالشُّورى في هَؤُلاءِ السِّتَّةِ الَّذينَ تُوُفِّي رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهوَ عنهم راضٍ. قال
الطَّبريُّ: فلَم يَكُنْ من أهلِ الإسلامِ أحَدٌ يومَئِذٍ لهُ مَنزِلَتُهم في الدِّين والهِجْرةِ والسَّابِقةِ والفَضلِ والعِلمِ وسياسةِ الأمَّةِ)
[1718] يُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) (8/ 275). .
4- من مَناقِبِه رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شَهِدَ لهُ بالجَنَّةِ.
عن
عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((أبو بَكْرٍ في الجَنَّةِ، وعُمرُ في الجَنَّةِ، وعُثمانُ في الجَنَّةِ، وعَليٌّ في الجَنَّةِ، وطَلحةُ في الجَنَّةِ، والزُّبَيْرُ في الجَنَّةِ، وعَبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفٍ في الجَنَّةِ، وسَعدٌ في الجَنَّةِ، وسَعيدٌ في الجَنَّةِ، وأبو عُبيدةَ بنُ الجَرَّاحِ في الجَنَّةِ )) [1719] رواه الترمذي (3747) واللَّفظُ له، وأحمد (1675). صحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (7002)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3747)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (3/136)، وشعيب الأرناؤوط على شرط مسلم في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (7002). .
قال
المناويُّ: (إنَّما بَشَّرَ العَشَرةَ بكَونِهِم فيها مَعَ أنَّ عامَّةَ أصحابِه فيها ولَم يُبشِّرْهم؛ لأنَّ عَظمةَ اللهِ قَد مَلَأت صُدورَ أولَئِكَ، فلَم تَضُرَّهمُ البُشرى، وأمَّا غَيرُهم فلَم يَأمَنْ نُفوسَهم، فكتَمَ عنهم)
[1720] يُنظر: ((التيسير بشرح الجامع الصغير)) (2/ 132). .