الرَّوْحُ (بمَعْنَى الرَّحمةِ)
الرَّوْحُ -بفتحِ الرَّاءِ وسكونِ الواوِ- بمعنى: الرَّحمةِ، صِفةٌ للهِ تعالى ثابِتةٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ.
الدَّليلُ مِن الكِتابِ: قولُه تعالى:
وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف: 87] .
قال
ابنُ جَريرٍ : (
إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ، يَقولُ: لا يقنَطُ مِن فَرَجِه ورحمتِه ويقطَعُ رجاءَه منه)، ثمَّ نقَل بسَنَدِه عن قتادةَ قَولَه: (
وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ، أي: مِن رَحمتِه)
[2211] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/314). .
وقال
السَّمعانيُّ : (الرَّوحُ مأخوذٌ مِنَ الرِّيحِ، وهو في الحَقيقةِ ما يُستراحُ به. وقيل: مِن رَوحِ اللهِ، أي: مِن فَرَجِ اللهِ. قاله
أبو عَمرِو بنُ العلاءِ . وقيل: من رحمةِ اللهِ، وقيل: مِن فَضلِ اللهِ)
[2212] يُنظر: ((تفسير السمعاني)) (3/ 60). .
وقال
البغَويُّ : (
مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ، أي: مِن الرَّحمةِ. وقيل: مِن فَرَجِ اللهِ)
[2213] يُنظر: ((تفسير البغوي)) (2/511). .
وقال
الشَّوكانيُّ : (
وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ أي: لا تَقنَطوا من فَرَجِه وتنفيسِه. قال الأصمعيُّ: الرَّوحُ: ما يجِدُه الإنسانُ مِن نسيمِ الهواءِ فيَسكُنُ إليه، والتركيبُ يدُلُّ على الحركةِ والهِزَّةِ، فكُلُّ ما يهتَزُّ الإنسانُ بوُجودِه ويلتَذُّ به فهو رَوحٌ. وحكى الواحِديُّ عن الأصمعيِّ أيضًا أنَّه قال: الرَّوحُ: الاستِراحةُ مِن غَمِّ القَلبِ. وقال
أبو عَمرٍو : الرَّوحُ: الفَرجُ. وقيل: الرَّحمةُ.
إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ؛ لكَونِهم لا يَعلَمونَ بقُدرةِ اللهِ سُبحانَه، وعظيمِ صُنعِه، وخَفِيِّ ألطافِه)
[2214] يُنظر: ((تفسير الشوكاني)) (3/ 59). .
وقال
السَّعْديُّ في تفسيرِ الآيةِ: (
وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ؛ فإنَّ الرَّجاءَ يوجِبُ للعبدِ السَّعيَ والاجتهادَ فيما رجَاهُ، والإياسَ يوجِبُ له التَّثاقُلَ والتَّباطُؤَ، وأَوْلى ما رجَا العبادُ: فضلُ اللهِ وإحسانُه ورحمتُه ورَوْحُه،
إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ؛ فإنَّهم لكفِرهم يستبعِدونَ رحمتَه، ورحمتُه بعيدةٌ منهم؛ فلا تتشبَّهوا بالكافرينَ، ودلَّ هذا على أنَّه بحسَبِ إيمانِ العبدِ يكونُ رجاؤُه لرحمةِ اللهِ ورَوْحِه)
[2215] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (4/27). .
الدَّليلُ من السُّنَّةِ: حديثُ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه مرفوعًا:
((الرِّيحُ مِن رَوْحِ اللهِ... )) [2216] أخرجه أبو داود (5097)، وأحمد (7631) واللفظ لهما، وابن ماجه (3727) باختلاف يسير. صححه ابن حبان في ((صحيحه)) (1007)، وابنُ حَجَر كما في ((الفتوحات الربانية)) لابن علان (4/272)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (5097)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (1417). .
و(رَوْح) هنا إمَّا بمعنى رحمةٍ، أو هي نسيمُ الرِّيحِ، وعلى الأوَّلِ تكونُ صفةً، وعلى الثَّاني تكونُ مِن إضافةِ المخلوقِ للهِ عزَّ وجلَّ.
قال
ابنُ الأثيرِ :
((الرِّيحُ مِن رَوْحِ اللهِ)) أي: مِن رحمتِه بعبادِه)
[2217] يُنظر: ((النهاية)) (2/272). .
وقال
النَّوويُّ :
((مِن رَوْحِ اللهِ)) : هو بفَتحِ الرَّاءِ، قال العُلَماءُ: أي: مِن رحمةِ اللهِ بعبادِه)
[2218] يُنظر: ((الأذكار)) (ص: 232). .
وقال شمسُ الحقِّ العظيم آبادي: (الرِّيحُ مِن رَوْحِ اللهِ -بفتحِ الرَّاءِ- بمعنى الرَّحمةِ، كما في قولِه تعالى:
وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )
[2219] يُنظر: ((عون المعبود)) (14/3). .
وقال
أحمد شاكر : (قَولُه: (مِن رَوْحِ اللهِ)، بفتحِ الرَّاءِ وسكونِ الواوِ، أي: مِن رَحمتِه بعبادِه)
[2220] يُنظر: ((شرح المسند)) (13/144). ، وبنَحوِه قال
الألبانيُّ [2221] يُنظر: ((تخريج أحاديث الكلم الطيب لابن تيمية )) (153). .
ول
ابن تيمية تفسيرٌ آخَرُ للحديثِ، سيأتي ذِكرُه في لفظةِ: (رُوحٍ) بالضَّمِّ، وكأنَّه جعَلَ لفظَ الحديثِ:
((الرِّيحُ مِن رُوحِ اللهِ)) .
انظر أيضا:
عرض الهوامش