المُقِيتُ
يُوصَفُ اللهُ عزَّ وجلَّ بأنَّه المُقيتُ، أي: القَديرُ الذي يُقدِّرُ لعِبادِه القُوتَ، ويَحفَظُ عليهم رِزقَهم، وهذا ثابتٌ بالكِتابِ العزيزِ، و(المُقِيت) مِن أسمائِه تعالى.
الدَّليلُ: قولُه تَعالَى:
وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا [النساء: 85] .
قال
ابنُ جريرٍ: (اختَلفَ أهلُ التَّأويلِ في تأويلِ قَولِه:
وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا؛ قال بعضُهم: تأويلُه: وكانَ اللهُ على كُلِّ شَيءٍ حفيظًا وشهيدًا -ونقَل بإسنادِه هذا القولَ عن
ابن عبَّاس ومجاهدٍ-... وقال آخَرون: معنى ذلك: القائمُ على كُلِّ شَيءٍ بالتدبيرِ... وقال آخَرون: هو القديرُ -ونقَل ذلك بإسنادِه عن السُّدِّيِّ وابنِ زَيدٍ-... والصَّوابُ مِن هذه الأقوالِ قولُ مَن قال: معنى المُقِيت: القديرُ)
[2932] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (8/583). .
وممَّن قال مِن أهل اللُّغة: المُقِيتُ بمعنى القَديرِ:
أبو إسحاقَ الزَّجَّاجُ -وله قولٌ آخَرُ سيأتي-، وتلميذُه
أبو القاسِمِ الزَّجَّاجِي، والفرَّاء
[2933] يُنظر: ((تفسير أسماء الله الحسنى)) للزَّجَّاج (ص: 48)، ((اشتقاق أسماء الله)) للزَّجَّاجي-نسبةً إلى شيخه الزَّجَّاج- (ص: 136)، ((معاني القرآن)) للفراء (1/280). .
ومِمَّن قال: المُقِيتُ بمعنى الحَفيظِ:
الزَّجَّاجُ، وهذا قولٌ آخَرُ له، ووافَقَه
أبو جَعفرٍ النَّحَّاسُ [2934] يُنظر: ((معاني القرآن وإعرابه)) للزَّجَّاج (2/85)، ((معاني القرآن الكريم)) للنحَّاس (2/147). .
وممَّن قال بأنَّ معناه: مُعطي القوتِ للخَلْقِ:
الخطَّابي [2935] يُنظر: ((شأن الدعاء)) (ص: 68). ، والحليمي
[2936] يُنظر: ((المنهاج في شعب الإيمان)) (1/ 203). .
قال
الخطَّابي: (المُقيتُ: هو المقتَدِرُ. رُوِيَ عن
ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنه في قَولِه:
وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا [النساء:85] قال: مقتَدِرًا. وقال: ألم تسمَعْ قولَ الشاعر:
وذي ضِغْنٍ كفَفْتُ النَّفسَ عنه ... وكنتُ على مَساءتِه مُقيتًا
والمقيتُ أيضًا: معطي القُوتِ. قال الفَرَّاءُ: يقال: قاته وأقاتَه: بمعنًى واحدٍ)
[2937] يُنظر: ((شأن الدعاء)) (ص: 68). .
وقال الحليميُّ: (منها المُقيتُ: وعِندَنا أنَّه الممِدُّ، وأصلُه مِن القُوتِ الذي هو مَدَدُ البَرِّيَّةِ. ومعناه أنَّه دَبَّر الحيواناتِ بأن جبَلَها على أن يحَلِّلَ منها على مرِّ الأوقاتِ شيئًا بعد شيءٍ، ويُعَوِّضَ ما يتحَلَّلُ غَيرُه، فهو يُمِدُّها في كُلِّ وقتٍ بما جعَلَه قِوامًا لها، إلى أن يريدَ إبطالَ شَيءٍ منها، فيَحبِسَ عنه ما جعلَهَ مادَّةً لبقائِه، فيَهلِكَ)
[2938] يُنظر: ((المنهاج في شعب الإيمان)) (1/ 203). .
وقال
البيهقي: (المُقيتُ: هو المقتَدِرُ، فيَرجِعُ معناه إلى صفةِ القُدرةِ. وقيل: المُقيتُ: الحَفيظُ. وقيل: هو مُعطي القوتِ، فيكونُ من صِفاتِ الفِعلِ)
[2939] يُنظر: ((الاعتقاد)) (ص: 59). .
وقال
القُرْطبيُّ: (على القَولِ بأنَّه القادِرُ يكونُ من صِفاتِ الذَّاتِ، وإنْ قُلنا: إنَّه اسمُ الذي يُعطي القوتَ؛ فهو اسمٌ للوهَّابِ والرزَّاقِ، ويكونُ مِن صِفاتِ الأفعالِ)
[2940] يُنظر: ((الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى)) (1/275). .
وممَّن أَثبَتَ (المُقِيت) اسمًا للهِ عزَّ وجلَّ:
الخَطَّابيُّ [2941] يُنظر: ((شأن الدعاء)) (ص: 68). ، و
البَيهقيُّ [2942] يُنظر: ((الأسماء والصفات)) (1/170). ، و
الأصبهانيُّ [2943] يُنظر: ((الحجة في بيان المحجة)) (1/161). ، و
القُرطبيُّ [2944] يُنظر: ((الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى)) (1/273). ، و
ابنُ حَجرٍ [2945] يُنظر: ((فتح الباري)) (11/219). ، و
السَّعْديُّ [2946] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (5/302). ، و
ابنُ عُثَيمين [2947] يُنظر: ((القواعِد المُثْلَى)) (ص: 19). .