المَطْلَبُ الثَّالِثُ: «لات»
وهي حَرفُ نَفيٍ، أصلُها «لا»، ثم زِيدت تاءُ التأنيثِ، وهي إمَّا لتأنيثِ اللَّفظِ (لا)، أو مبالغةً في النَّفيِ، كقَولِهم: فلانٌ علَّامةٌ؛ مبالَغةً في العِلمِ
يُنظَر: ((شرح الكافية لابن الحاجب)) لرضي الدين الإستراباذي (2/ 197). . وتعمَلُ عَمَلَ (ليس) بشرْطَين:
الشَّرطُ الأوَّلُ: أن يكونَ اسمُها وخَبَرُها اسمَي زمانٍ، نَحوُ: (حِينَ، وساعةَ، وأوان).
الشَّرطُ الثَّاني: أن يُحذَفَ اسمُها أو خَبَرُها، والأكثَرُ حَذفُ اسمِها.
مثالُ ما توفَّرت فيه الشُّروطُ:قَولُه تعالى:
... فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ [ص: 3] .
إعرابُ الشَّاهِدِ:فَنادَوْا: «الفاءُ» عاطِفةٌ، و«نادوا» فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على الضَّمِّ المقدَّرِ على الألِفِ المحذوفة لالتقاءِ السَّاكِنَينِ لاتِّصالِه بواوِ الفاعِلِ، و«الواوُ» ضَميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ رَفعٍ فاعِلٌ.
وَلاتَ: «الواوُ» حالِيَّةٌ، و«لات» نافِيةٌ، حَرفٌ مَبْنيٌّ على الفَتحِ لا محلَّ له مِنَ الإعرابِ، تعمَلُ عَمَلَ (ليس)، واسمُها محذوفٌ تقديرُه: «الحِينُ».
حِينَ: خَبَرُ (لات) منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
مَناصٍ: مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ الجَرِّ الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
ولا بُدَّ من تقديرِ المحذوفِ مَعرِفةً؛ لأنَّ المرادَ نَفيُ كونِ الحينِ الحاضِرِ حِينًا يَنُوصون فيه، أي: يَهرُبون، أو يتأخَّرون. وليس المرادُ نَفيَ جِنسِ حِينِ المناصِ.
ومنه أيضًا قولُ الشَّاعِرِ:
نَدِمَ البُغاةُ وَلاتَ ساعةَ مَنْدَمٍ
والبَغْيُ مَرتَعُ مُبْتَغِيه وَخِيمُ
فاسمُ (لات) محذوفٌ، تقديرُه: (السَّاعةُ)، و(ساعةَ): خَبَرُ (لات) منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
ومنه قَولُ أبي زبيدٍ الطَّائيِّ:
طَلَبوا صُلْحَنا ولاتَ أوانٍ
فأجَبْنا أنْ ليس حِينَ بَقاءِ
لاتَ: حَرفُ نَفيٍ مَبْنيٌّ لا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ، يعمَلُ عَمَلَ (ليس)، واسمُه محذوفٌ تقديرُه (الأوانُ)، (أوانَ) خَبَرُ (لات) منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ، والمعنى: لاتَ الأوانُ أوانَ صُلحٍ
يُنظَر: ((شرح الكافية الشافية)) لابن مالك (1/ 442)، ((شرح الكافية لابن الحاجب)) لرضي الدين الإستراباذي (2/ 196). فائِدةٌ: الحرفُ (لات) مِن ابتِداعاتِ العَربيَّةِ، ولا يوجَدُ له نظيرٌ في سائِرِ اللُّغاتِ السَّاميَّةِ، كما هو مفهومٌ مِن كلامِ لبرجشتر آسر حَولَها. يُنظَرُ: ((معاني النحو)) (1/ 279)، و ((التطور النحويّ)) (ص 111). .