الفَصلُ الحادي عَشَرَ: الأَخْفَشُ الأَوْسَطُ (ت: 215 هـ)
أبو الحَسَن سَعِيدُ بنُ مَسْعَدَة، المُجَاشِعِي مَولاهم، البَلْخِيُّ ثم البَصْريُّ، المعروفُ بالأخْفَش الأَوْسَط، ويُلقَّب أَيْضًا بالرَّاوية.
مِن مشايخِه:الخَلِيلُ بنُ أحمدَ، ولَزِم
سِيبَوَيْه حتى بَرَع -وهو أكبَرُ سنًّا من
سِيبَوَيْهِ-، والكلبيُّ، وهشامُ بنُ عُرْوَةَ.
ومِن تَلامِذَتِه:أَبو عُمَرَ الجرْمِيُّ، وأبو عُثْمانَ المَازِنيُّ، وأبو حَاتِم السِّجِسْتاني، و
الكِسَائِي.
شُهرتُه:اشتَهَر أبو الحسَنِ بالأخْفَشِ الأَوْسَطِ، وهناك ثلاثةٌ مِن أئمة النَّحْوِ كُلُّهم يُقالُ لكلٍّ منهم: الأخفَشُ، ولكن عُرِفَ أحَدُهم بالأخفَشِ الأصغَرِ، وهو: عليُّ بنُ سُلَيمانَ بنِ الفَضلِ، والثَّاني: بالأخفَشِ الأوسَطِ، وهو: سعيدُ بنُ مَسعَدةَ، والثَّالِثُ بالأخفَشِ الكبيرِ، وهو: عبدُ الحميدِ أبو الخطَّابِ البَصريُّ شيخُ
سِيبَوَيْه، وهؤلاء الثلاثةُ هم المشهورون.
مَنزِلتُه ومكانتُه:يُعَدُّ سعيدُ بنُ مَسْعَدَة أحدَ أئمَّة النُّحَاة البَصْريِّين، وهو أعلَمُ مَن أَخَذ عن
سِيبَوَيْه، وكان الطريقَ إلى كتاب
سِيبَوَيْه؛ فإنَّه لم يَقْرَأ ((الكتاب)) على
سِيبَوَيْه أَحَدٌ، ولم يقرَأْه
سِيبَوَيْه على أَحَدٍ، وإنَّما قُرِئ على الأَخْفَش بعد موت
سِيبَوَيْه.
وقال
المُبرِّدُ: كان الأخفَشُ أعلَمَ النَّاسِ بالكَلامِ، وأحذَقَهم بالجَدَلِ.
وقد زاد الأخفَشُ الأوسَطُ في عِلمِ العَرُوضِ البحْرَ السَّادسَ عشَرَ الذي اسْتَدْرَكه على بُحورِ الخَلِيل، وأسْمَاه: (البَحرَ المُحْدَث، ويُسمَّى أيضًا: بحر الخَبَب أو بحر المُتَدَارَك).
عَقيدتُه:كان قَدَريًّا مُعْتَزِليًّا، قال أبو حاتِمٍ السِّجِسْتانيُّ: (كان الأخفَشُ قَدَريًّا، رجُلَ سوءٍ، كتابُه في المعاني صُوَيلِحٌ، وفيه أشياءُ في القَدَرِ)
[144] ينظر: ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (10/ 207). .
صَرَف في كِتَابِه ((تفسير معاني القُرآن)) بعضَ صفاتِ اللهِ سُبحانَه وتعالى عن مَعْناها الحقيقيِّ، فقال في قَولِه تعالى:
وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء: 164] : (الكلامُ خلْقٌ مِن اللهِ على غيرِ الكلامِ منكَ، وبغيرِ ما يكونُ منكَ، خلَقَه اللهُ ثمَّ أوصَلَه إلى مُوسى)
[145] ينظر: ((معانى القرآن)) للأخفش (1/ 269). ، وقال في قوله سبحانه:
الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5] : (يقولُ: علا، ومعنى عَلا: قَدَرَ ولم يَزَلْ قادِرًا، ولكِنْ أخبَرَ بقُدرتِه)
[146] ينظر: ((معاني القرآن)) للأخفش (2/ 443). ، وقال في قَولِه تعالى:
إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة: 23] : (يعني -واللهُ أعلَمُ- بالنَّظَرِ إلى اللهِ: إلى ما يأتيهم مِن نِعَمِه ورِزْقِه، وقد تقولُ: واللهِ ما أنظُرُ إلَّا إلى اللهِ وإليكَ، أي: أنتظِرُ ما عِندَ اللهِ وما عِندَك)
[147] ينظر: ((معاني القرآن)) للأخفش (2/ 558). .
مُصنَّفاتُه:مِن مُصَنَّفَاتِه: ((تفسيرُ معاني القُرآنِ))، و ((شَرحُ أبياتِ المعاني))، وكتابُ ((المُلوك، والقوافي))، و ((الكتابُ الأوسَطُ))، و ((التصريفُ)).
وفاتُه:تُوفِّي سَنةَ خمسَ عَشْرةَ ومائَتَينِ. وقيل: إحدى عَشْرةَ. وقيل: اثنَتَي عَشْرةَ
[148] يُنظَر: ((طبقات النحويين واللغويين)) لمحمد بن الحسن الزُّبَيدي (ص: 72)، ((تاريخ العلماء النحويين)) للتَّنُوخي (ص 85)، ((معجم الأدباء)) لياقوت الحَمَوي (3/ 1374)، ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقِفْطي (2/ 36)، ((وفيات الأعيان)) لابن خَلِّكان (2/ 380)، ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (5/ 323)، ((البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة)) للفيروزابادي (ص 145)، ((بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)) للسيوطي (1/ 590)، ((الأعلام)) للزِّرِكْلي (3/ 101)، ((الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة)) لمجموعة باحثين (1/ 968). .