الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: حُكمُ الصُّلحِ مَعَ إقرارِ المُدَّعى عليه


يَجوزُ الصُّلحُ مَعَ إقرارِ المُدَّعى عليه، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [90] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (5/30/31). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/40). ، والمالِكيَّةِ [91] ((الكافي)) لابن عبد البر (2/878)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/353، 354)، ((منح الجليل)) لعليش (6/135). ، والشَّافِعيَّةِ [92] ((روضة الطالبين)) للنووي (4/193)، ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 125)، ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (3/133). ، والحَنابِلةِ [93] ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/394)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/139). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَوله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء: 128] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ مَعناه: جِنسُ الصُّلحِ خَيرٌ، ولا يَعودُ إلى الصُّلحِ المَذكورِ؛ لأنَّه خَرَجَ مَخرَجَ التَّعليلِ، والعِلَّةُ لا تَتَقَيَّدُ بمَحَلِّ الحُكمِ، فيُعلَمُ بهذا أنَّ جَميعَ أنواعِه حَسَنٌ [94] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (5/30). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((الصُّلحُ جائِزٌ بَينَ المُسلِمينَ إلَّا صُلحًا أحَلَّ حَرامًا أو حَرَّمَ حَلالًا)) [95] أخرجه البخاريُّ معلَّقًا بصيغةِ الجزمِ مختصَرًا قبلَ حديثِ (2274)، وأخرجه موصولًا أبو داود (3594) واللفظ له، وأحمد (8784) مختصَرًا. صحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (5091)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3594)، وقال ابنُ القَطَّانِ في ((الوهم والإيهام)) (5/211): ينبغي أن يقالَ فيه: حَسَنٌ، وصحَّح إسنادَه عبدُ الحقِّ الإشبيليُّ في ((الأحكام الصغرى)) (718)، وأحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (16/319)، وقال النَّوويُّ في ((المجموع)) (9/376): إسنادُه حَسَنٌ أو صحيحٌ. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
ظاهِرُه يَقتَضي جَوازَ الصُّلحِ في حالِ الإنكارِ والإقرارِ [96] يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (3/194). .
ثالثًا: لأنَّ الصُّلحَ شُرِعَ للحاجةِ إلى قَطعِ الخُصومةِ والمُنازَعةِ، والحاجةُ إلى قَطعِها في التَّحقيقِ عِندَ الإنكارِ -إذِ الإقرارُ مُسالَمةٌ ومُساعَدةٌ-؛ فكان أَولى بالجَوازِ [97] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/40). .

انظر أيضا: