الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ السابع: مُؤنةُ التَّعريفِ بالمُلتَقَطِ


اختَلف الفُقَهاءُ في مُؤنةِ التَّعريفِ بالمُلتَقَطِ على ثَلاثةِ أقوالٍ:
القَولُ الأوَّلُ: يَتَحَمَّلُ المُلتَقِطُ مُؤنةَ التَّعريفِ، وهذا مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ [1897] استَثنى الحَنَفيَّةُ إذا ما أنفَقَ المُلتَقِطُ بأمرِ الحاكِمِ، فالنَّفقةُ تَكونُ دَينًا على صاحِبِ اللُّقَطةِ. ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (6/125)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (7/334). ، والحنابِلةِ [1898] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/381)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (4/228). ؛ وذلك لأنَّ التَّعريفَ واجِبٌ على المُلتَقِطِ، فأُجرَتُه عليه [1899] يُنظر: ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/381). .
القَولُ الثَّاني: يُخيَّرُ المالِكُ بينَ أن يَفتَديَها مِنَ المُلتَقِطِ بدَفعِ نَفقَتِها، أو أن يَترُكَ اللُّقَطةَ لمُلتَقِطِها مُقابِلَ نَفقَتِها [1900] وهذا الحُكمُ سَواءٌ أنَفقَ بأمرِ السُّلطانِ أو بدونِه.     ، وهذا مَذهَبُ المالِكيَّةِ [1901] ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/123)، ((منح الجليل)) لعليش (8/242). ؛ وذلك لأنَّ النَّفقةَ تَتَعَلَّقُ في ذاتِ اللُّقَطةِ لا في ذِمَّةِ مالِكِها، كالجِنايةِ في رَقَبةِ العَبدِ؛ إن أسلمَه المالِكُ لا شيءَ عليه، وإن أرادَ أخذَه غَرِمَ أرْشَ الجِنايةِ [1902] يُنظر: ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/123). .
القَولُ الثَّالثُ: إن أخَذَ اللُّقَطةَ بقَصدِ حِفظِها لمالكِها لا يُلزَمُ بمُؤنةِ التَّعريفِ، أمَّا إن أخَذَ اللُّقَطةَ لتَمَلُّكِها فتَلزَمُه مُؤنةُ التَّعريفِ، سَواءٌ أتَمَلَّكها أم لا، وهذا مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ [1903] ((روضة الطالبين)) للنووي (5/408)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2 /412 - 414).          واختيارُ ابنِ عُثَيمين [1904] قال ابنُ عُثَيمين: (قَولُه: «عَرَّفها» أخَذَ أهلُ العِلمِ مِن ذلك أنَّ مَؤونةَ التَّعريفِ تَكونُ على المُلتَقِطِ؛ لأنَّه هو المُخاطَبُ بذلك، فإذا كان التَّعريفُ يَحتاجُ إلى أجرةٍ -سَواءٌ في نَشرِها في الصُّحُفِ، أو في المُناداةِ عليها في الأسواقِ- فإنَّ الأجرةَ تَكونُ على الواجِدِ المُلتَقِطِ، هذا هو ظاهرُ الحَديثِ. والقَولُ الرَّاجِحُ: أنَّ الأجرةَ على مالكِها على صاحِبِها؛ لأنَّ هذا التَّعريفَ لمَصلَحةِ صاحِبِها، المُلتَقِطُ لن يَنتَفِعَ بشَيءٍ، وإذا قُدِّرَ أنَّها بَعدَ الحَولِ تَعودُ إليه فإنَّه لن يَرجِعَ على أحَدٍ؛ لأنَّه لم يَجِدْ صاحِبَها، أمَّا إذا وجَدَه فالقَولُ الرَّاجِحُ أنَّ المؤونةَ تَكونُ على صاحِبِها). ((شرح صحيح مسلم)) (6/6). ؛ وذلك لأنَّ اللُّقَطةَ إذا أخَذَها للحِفظِ كانتِ المَنفعةُ لصاحِبِها، فكانتِ النَّفَقةُ عليه، وإن أخذَها للتَّمَلُّكِ كان الالتِقاطُ لمَصلحةِ المُلتَقِطِ، فكانتِ النَّفقةُ عليه [1905] يُنظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (2 /412 - 414).        .

انظر أيضا: