الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّامِنُ: حُكمُ نِشْدانِ الضَّالَّةِ في المَساجِدِ


اختَلف العُلماءُ في حُكمِ نِشْدانِ الضَّالَّةِ في المَساجِدِ، على قَولينِ:
القَولُ الأوَّلُ: يُكرَهُ نِشْدانُ الضَّالَّةِ [1906] أي: طَلبُها والسُّؤالُ عنها في المَسجِدِ. يُنظر: ((شرح النووي على مسلم)) (5/54)، و(17/126). في المساجِدِ، باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1907] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/351)، ((الدر المختار)) للحصكفي (1/659). ، والمالِكيَّةِ [1908] ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/13)، ((منح الجليل)) لعليش (8/91). ، والشَّافِعيَّةِ [1909] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (2/168)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/427). ، والحنابِلةِ [1910] ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/216)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (2/257). ، وحُكي الإجماعُ على النَّهيِ [1911] قال ابنُ العَرَبيِّ: (ولا يُنشَدُ فيها الضَّالَّةُ إجماعًا). ((عارضة الأحوذي)) (2/120). .
الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن عَمرِو بن شُعَيبٍ عن أبيه عن جَدِّه رَضيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ نَهى عنِ الشِّراءِ والبَيعِ في المَسجِدِ، وأن تُنشَدَ فيه ضالَّةٌ، وأن يُنشَدَ فيه شِعرٌ، ونَهى عنِ التَّحَلُّقِ قَبلَ الصَّلاةِ يَومَ الجُمعةِ)) [1912] أخرجه أبو داود (1079) واللفظ له، والترمذي (322)، والنسائي (714) مختصرًا صَحَّحه ابنُ خزيمة في ((الصحيح)) (2/453)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (1/354)، وأحمد شاكر في تخريج ((سنن الترمذي)) (2/139)، وحَسَّنه الترمذي، والنووي في ((المجموع)) (2/177)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (1/297). .
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((إذا رَأيتُم مَن يَبيعُ أو يَبتاعُ في المَسجِدِ فقولوا: لا أربَحَ اللهُ تِجارَتك، وإذا رَأيتُم مَن يَنشُدُ فيه ضالَّةً فقولوا: لا رَدَّها اللهُ عليك)) [1913] أخرجه الترمذي (1321)، والدارمي (1401)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10004). صَحَّحه ابنُ خزيمة في ((الصحيح)) (2/453)، وابن حبان في ((صحيحه)) (1650)، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (2374)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1321). .
3- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن سَمِعَ رَجُلًا يَنشُدُ ضالَّةً في المَسجِدِ فليَقُلْ: لا رَدَّها اللهُ عليك؛ فإنَّ المَساجِدَ لم تُبنَ لهذا)) [1914] أخرجه مسلم (568). .
القَولُ الثَّاني: يَحرُمُ نِشْدانُ الضَّالَّةِ في المَساجِدِ، وهو قَولٌ للشَّافِعيَّةِ [1915] ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/413)، ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (2/492)، ويُنظر: ((تكملة المجموع)) للمطيعي (15/254). ، وقَولٌ للحنابِلةِ [1916] ((الفروع)) لمحمد بن مفلح (3/187)، ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/179). ، وهو اختيارُ ابنِ تَيميَّةَ [1917] قال ابنُ تيميَّةَ: (الأقوالُ المُحَرَّمةُ في المَساجِدِ، سَواءٌ حُرِّمَت في المَسجِدِ وغيرِه، كالفواحِشِ والفُحشِ، أو صِينَ عنها المَسجِدُ، كالبَيعِ وإنشادِ الضَّالَّةِ، وإقامةِ الحُدودِ، ونَحوِ ذلك). ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (2/145). ، والصَّنَعانيِّ [1918] قال الصَّنعانيُّ: (والحَديثُ دَليلٌ على تَحريمِ السُّؤالِ عن ضالَّةِ الحيَوانِ في المَسجِدِ). ((سبل السلام)) (1/231). ، والشَّوكانيِّ [1919] قال الشَّوكانيُّ: (الحَديثانِ يَدُلَّانِ على تَحريمِ البيعِ والشِّراءِ وإنشادِ الضَّالَّةِ). ((نيل الأوطار)) (2/184). ، وبه أفتَت اللَّجنةُ الدَّائِمةُ [1920] جاءَ في فتوى اللَّجنةِ الدَّائِمةِ: (لا يَخفى أنَّ المَساجِدَ اتُّخِذَت لعِبادةِ اللهِ تعالى مِن صَلاةٍ وتِلاوةٍ وذِكرٍ واعتِكافٍ، وتَعَلُّمِ عِلمٍ وتَعليمِه، وغيرِ ذلك مِمَّا يَعودُ نَفعُه على عُمومِ المُسلمينَ، ولا يَجوزُ استِعمالُها لغيرِ ذلك، كالبيعِ أوِ الشِّراءِ، أوِ الحَديثِ في شؤونِ الدُّنيا، ونَشْدِ الضَّالَّةِ، ونَحوِ ذلك مِمَّا لا عَلاقةَ له بشُؤونِ الدِّينِ؛ ففي صَحيحِ مُسلمٍ عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مَن سَمِعَ رَجُلًا يَنشُدُ في مَسجِدٍ ضالَّةً، فليَقُلْ: لا رَدَّها اللهُ إليك؛ فإنَّ المَساجِدَ لم تُبْنَ لهذا»). ((فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى)) (6/288). وجاءَ فيها أيضًا: (لا يَجوزُ إنشادُ الضَّالَّةِ في داخِلِ المَسجِدِ، سَواءٌ كان الضَّالُّ مَتاعًا أو حيَوانًا أو إنسانًا؛ لعُمومِ النَّهيِ عن إنشادِ الضَّالَّةِ في المَسجِدِ). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (6/285). ، وابنُ بازٍ [1921] قال ابنُ بازٍ: (إنشادُ الضَّوالِّ عن طَريقِ مُكبِّراتِ الصَّوتِ في المَسجِدِ لا يَجوزُ، ولو كان قَصَد الخيرَ والمَنفعةَ، فما دامَ في المَسجِدِ فلا يَجوزُ؛ لعُمومِ الحَديثِ، وهو قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مَن سَمِعَ رَجُلًا يَنشُدُ ضالَّتَه في المَسجِدِ فليَقُلْ: لا رَدَّها اللهُ عليك»، وهذا حَديثٌ صَحيحٌ، ولأنَّ المَساجِدَ ما بُنيَت لهذا، وهَكذا الحَديثُ «إذا رَأيتُم مَن يَبيعُ أو يَبتاعُ في المَسجِدِ فقولوا: لا أربَحَ اللهُ تِجارتَك»). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (30/89). ، وابنُ عُثَيمين [1922] قال ابنُ عُثَيمين: (من أحكامِ المَساجِدِ: أنَّه لا يَجوزُ بها البيعُ والشِّراءُ، سَواءٌ كان قَليلًا أو كثيرًا... كذلك أيضًا إنشادُ الضَّالَّةِ، يَجيءُ رَجُلٌ ويَقولُ: ضاعَ مِنِّي كذا، مِثلُ مَحفظةِ الدَّراهِمِ، فهذا حَرامٌ لا يَجوزُ، حتى وإن غَلَبَ على أمرِك أنَّه سُرِقَ في المسجِدِ). ((شرح رياض الصالحين)) (ص: 2014). .
الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن عَمرِو بن شُعَيبٍ عن أبيه عن جَدِّه رَضيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ نَهى عنِ الشِّراءِ والبَيعِ في المَسجِدِ، وأن تُنشَدَ فيه ضالَّةٌ، وأن يُنشَدَ فيه شِعرٌ، ونَهى عنِ التَّحَلُّقِ قَبلَ الصَّلاةِ يَومَ الجُمعةِ)) [1923] أخرجه أبو داود (1079) واللفظ له، والترمذي (322)، والنسائي (714) مختصرًا. صَحَّحه ابنُ خزيمة في ((الصحيح)) (2/453)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (1/354)، وأحمد شاكر في تخريج ((سنن الترمذي)) (2/139)، وحَسَّنه الترمذي، والنووي في ((المجموع)) (2/177)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (1/297). .
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((إذا رَأيتُم مَن يَبيعُ أو يَبتاعُ في المَسجِدِ فقولوا: لا أربَحَ اللهُ تِجارَتك، وإذا رَأيتُم مَن يَنشُدُ فيه ضالَّةً فقولوا: لا رَدَّها اللهُ عليك)) [1924] أخرجه الترمذي (1321)، والدارمي (1401)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10004). صَحَّحه ابنُ خزيمة في ((الصحيح)) (2/453)، وابن حبان في ((صحيحه)) (1650)، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (2374)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1321). .
3- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن سَمِعَ رَجُلًا يَنشُدُ ضالَّةً في المَسجِدِ فليَقُلْ: لا رَدَّها اللهُ عليك؛ فإنَّ المَساجِدَ لم تُبنَ لهذا)) [1925] أخرجه مسلم (568). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
الأحاديثُ فيها دَلالةٌ على تَحريمِ نِشْدانِ الضَّالَّةِ في المَساجِدِ [1926] يُنظر: ((سبل السلام)) للصنعاني (1/231)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (2/184). ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وسلَّم أمرَ أن يَدعوَ اللهَ تعالى ألَّا يَرُدَّها على صاحِبِها، ولا شَكَّ أنَّ مَن دَعا على صاحِبِ ضالَّةٍ ألَّا يَرُدَّها عليه؛ لا شَكَّ أنَّه نَوعُ عُدوانٍ، والعُدوانُ لا يَجوزُ إلَّا إذا كان في مُقابِلِ عُدوانٍ [1927] يُنظر: ((فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام)) لابن عثيمين (1/606). .

انظر أيضا: