الموسوعة الفقهية

المَبحَث الأوَّل: ضَمانُ اللُّقَطةِ إذا أخَذَها للتَّعريفِ أو للحِفظِ أبَدًا


إذا التُقِطَت اللُّقَطةُ للتَّعريفِ أو للحِفظِ أبَدًا فهي أمانةٌ غيرُ مَضمونةٍ في يَدِ المُلتَقِطِ [1935] بمعنى لا يَضمَنُها المُلتَقِطُ إذا تَلِفَتْ بغيرِ تَعَدٍّ مِنه أو تَفريطٍ، إلَّا إذا تَعَدَّى عليها أو ضيَّعَها أوِ استَهلَكَها. ، باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1936] اشتَرَطَ أبو حَنيفةَ ومُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الإشهادَ، وقال أبو يوسُفَ: لا ضَمانَ عليه وإن لم يُشهِدْ. ((البناية شرح الهداية)) للعيني (7/323)، ((الفتاوى الهندية)) (2/291). ، والمالِكيَّةِ [1937] ((التاج والإكليل)) للمواق (8/45)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/76). ، والشَّافِعيَّةِ [1938] ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/411)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (5/437). ، والحنابِلةِ [1939] ((الإنصاف)) للمرداوي (6/406)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/213). ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ [1940] قال ابن المنذر: (قال كثيرٌ مِن أهلِ العِلمِ: لا ضَمانَ عليه، كذلك قال الحَسَنُ البَصريُّ، والنَّخَعيُّ، وأبو مِجلَزٍ، والحارِثُ العُكْليُّ، ومالِكُ بنُ أنَسٍ، ويَعقوبُ). ((الإشراف على مذاهب العلماء)) (6/376). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [1941] قال ابنُ بَطَّالٍ: (لا خِلافَ أنَّ المُلتَقِطَ أمينٌ لا يَضمَنُ إلَّا بما تُضمَنُ به الأماناتُ مِنَ التَّعَدِّي والتَّضييعِ). ((شرح البخاري)) (6/565). وقال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (لا خِلافَ أنَّ المُلتَقِطَ أمينٌ، لا ضَمانَ عليه إلَّا بما تُضمَنُ به الأماناتُ مِنَ التَّعَدِّي والتَّضييعِ والاستِهلاكِ). ((الاستذكار)) (22/324). وقال ابنُ قُدامةَ: (اللُّقَطةُ في الحَولِ أمانةٌ في يَدِ المُلتَقِطِ، إن تَلِفَت بغيرِ تَفريطِه أو نَقَصَت فلا ضَمانَ عليه كالوَديعةِ، ومَتى جاءَ صاحِبُها فوجَدَها أخذَها بزيادَتِها المُتَّصِلةِ والمُنفصِلةِ؛ لأنَّها نَماءُ مِلكِه، وإن أتلَفَها المُلتَقِطُ أو تَلِفَت بتَفريطِه ضَمِنَها بمِثلِها إن كانت مِن ذَواتِ الأمثالِ، وبقيمَتِها إن لم يكُنْ لها مِثلٌ، لا أعلَمُ في هذا خِلافًا). ((المغني)) (6/42). وقال القُرطُبيُّ: (وأجمَعوا ... ولا تَنطَلِقُ يَدُ مُلتَقِطِها عليها بصَدَقةٍ ولا تَصَرُّفٍ قَبلَ الحَولِ). ((الجامع لأحكام القرآن)) (11/268). وقال المَرداويُّ: (فإن أتلَفَها قَبلَ الحَولِ فهي في رَقَبَتِه بلا نِزاعٍ). ((الإنصاف)) (6/426). وقال ابنُ رُشدٍ: (فإنَّ العُلَماءَ اتَّفقوا على أنَّ مَنِ التَقَطَها وأشهَدَ على التِقاطِها فهلَكَت عِندَه أنَّه غيرُ ضامِنٍ، واختَلفوا إذا لم يُشهِدْ). ((بداية المجتهد)) (2/308). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّها أمانةٌ حَصَلت في يَدِه، فلزِمَه حِفظُها كسائِرِ الأماناتِ [1942] يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/213). .
ثانيًا: قياسًا على الوَديعةِ؛ لا ضَمانَ عليه إن تَلِفَت بغيرِ تَفريطِه أو نَقَصَت [1943] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (6/42). .

انظر أيضا: