الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالثُ: اشتِراطُ كَون المَواتِ بَعيدًا عنِ العُمرانِ


لا يُشتَرَطُ لإحياءِ المَواتِ أن يَكونَ بَعيدًا عنِ العُمرانِ، بَل يَجوزُ القَريبُ بشَرطِ عَدَمِ الارتِفاقِ به، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [2123] اشتَرَطَ المالكيَّةُ في إحياءِ القَريبِ مِنَ العُمرانِ أن يَكونَ بإذنِ الإمامِ. ((التاج والإكليل)) للمواق (7/602)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (7/614)، ((منح الجليل)) لعليش (8/73). ، والشَّافِعيَّةِ [2124] ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/361). ويُنظر: (الأحكام السلطانية)) للماوردي (ص: 264)، ((حاشية البجيرمي على الخطيب)) (3/232). ، والحَنابِلةِ [2125] اشتَرَطَ الحَنابِلةُ ألَّا يَتَعَلَّقَ به مَصالِحُ العُمرانِ، كالطُّرُقِ والمَرعى. ((الإنصاف)) للمرداوي (6/ 357)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/187). ، وهو قَولُ مُحَمَّدٍ مِنَ الحَنَفيَّةِ وبه يُفتى عِندَهم [2126] وهو ظاهرُ الرِّوايةِ عِندَهم. ((الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين)) (6/432). ، وهو قَولُ الظَّاهريَّةِ [2127] قال ابنُ حَزمٍ: (كُلُّ أرضٍ لا مالِكَ لها ولا يُعرَفُ أنَّها عُمِرَت في الإسلامِ فهيَ لمَن سَبَقَ إليها وأحياها، سواءٌ بإذنِ الإمامِ فُعِل ذلك أو بغَيرِ إذنِه، لا إذنَ في ذلك للإمامِ ولا للأميرِ ولو أنَّه بَينَ الدُّورِ في الأمصارِ، ولا لأحَدٍ أن يَحميَ شَيئًا مِنَ الأرضِ عَمَّن سَبَقَ إليها بَعدَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.... وقال عَبدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ، ومُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ، والشَّافِعيُّ، وأبو ثَورٍ، وأبو سُليمانَ وأصحابُه: كقَولِنا). ((المحلى بالآثار)) (7/73). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عائِشةَ أُمِّ المُؤمِنينَ رَضِيَ اللهُ عنها، عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((مَن أعْمَرَ أرْضًا ليسَتْ لأحَدٍ فَهو أحَقُّ)) [2128] أخرجه البخاري (2335). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
 الحَديثُ أفادَ العُمومَ، سَواءٌ كان الإحياءُ قَريبًا أو بَعيدًا [2129] يُنظر: ((المحلى)) لابن حزم (7/76). .
ثانيًا: من الآثار
عن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه قال: (من أحيا أرضًا مَيْتةً فهيَ له) [2130] أخرجه البخاريُّ مُعَلَّقًا بصيغةِ الجَزمِ قَبلَ حَديث (2335)، وأخرجه مَوصولًا مالك (2/744)، والبيهقي (12125). صَحَّحَ إسنادَه على شَرطِ الشَّيخَينِ: البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (3/388)، وذَكَرَ ثُبوتَه ابنُ حَزمٍ في ((الإعراب عن الحيرة والالتباس)) (2/839). .
ثالثًا: أنَّه يُشتَرَطُ عَدَمُ الارتِفاقِ لتَعَلُّقِ مَصالحِ العامِرِ به [2131] يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/187). .

انظر أيضا: