الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الرَّابعُ: اشتِراطُ إذنِ الإمامِ لإحياءِ المَواتِ


لا يُشتَرَطُ إذنُ الإمامِ [2132] لكِن إذا كانتِ الدَّولةُ تَمنَعُ مِن إحياءِ المَواتِ بدونِ إذنِها، فإنَّه يُشتَرَطُ الإذنُ. يُنظر: ((فتاوى نور على الدَّرب)) لابن باز (19/311)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (10/324). لإحياءِ المَواتِ [2133] اشتَرَطَ المالكيَّةُ إذنَ الإمامِ لإحياءِ المَواتِ في الأرضِ القَريبةِ مِنَ العُمرانِ، وأمَّا البَعيدةُ فلا يُشتَرَطُ فيها إذنُ الإمامِ. يُنظر: ((التاج والإكليل)) للمواق (7/602)، ((منح الجليل)) لعليش (8/73). ، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ [2134] نَصَّ الشَّافِعيَّةُ على أنَّه يُستَحَبُّ الإذنُ خُروجًا مِنَ الخِلافِ. ((روضة الطالبين)) للنووي (5/ 278)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/361). ، والحَنابِلةِ [2135] ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (5/99)، ((الإنصاف)) للمرداوي (6/359). ، وقَولُ أبي يوسُفَ ومُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ مِنَ الحَنَفيَّةِ [2136] ((المبسوط)) للسرخسي (3/16)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/35). ويُنظر: ((الاختيار لتعليل المختار)) للموصلي (3/67). ، وهو قَولُ الظَّاهريَّةِ [2137] قال ابنُ حَزمٍ (كُلُّ أرضٍ لا مالِكَ لها ولا يُعرَفُ أنَّها عُمِرَت في الإسلامِ فهيَ لمَن سَبَقَ إليها وأحياها، سواءٌ بإذنِ الإمامِ فُعِل ذلك أو بغَيرِ إذنِه، لا إذنَ في ذلك للإمامِ ولا للأميرِ ولو أنَّه بَينَ الدُّورِ في الأمصارِ، ولا لأحَدٍ أن يَحميَ شَيئًا مِنَ الأرضِ عَمَّن سَبَقَ إليها بَعدَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ... وقال عَبدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ، ومُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ، والشَّافِعيُّ، وأبو ثَورٍ، وأبو سُليمانَ وأصحابُه: كقَولِنا). ((المحلى)) (7/73). ، واختيارُ الصَّنعانيِّ [2138] يُنظر: ((سبل السلام)) للصنعاني (3/82). ، والشَّوكانيِّ [2139] قال الشَّوكانيُّ: (ظاهِرُ الأحاديثِ المَذكورةِ أنَّه يَجوزُ الإحياءُ سَواءٌ كان بإذنِ الإمامِ أو بغَيرِ إذنِه). ((نيل الأوطار)) (5/362). ، ونَسَبه النَّوويُّ إلى الجُمهورِ [2140] قال النَّوويُّ: (أمَّا المَواتُ فيَجوزُ لكُلِّ أحَدٍ إحياؤُه، ولا يَفتَقِرُ إلى إذنِ الإمامِ، هذا مَذهَبُ مالكٍ والشَّافِعيِّ والجُمهورِ). ((شرح مسلم)) (14/165). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((من أعمَرَ أرضًا ليسَت لأحَدٍ فهو أحَقُّ)) [2141] أخرجه البخاري (2335). .
2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن أحيا أرضًا مَيِّتةً فهي له)) [2142] أخرجه البخاري مُعَلَّقًا بصيغةِ التَّضعيفِ قَبلَ حَديثِ (2335)، وأخرجه مَوصولًا الترمذي (1379)، وأحمد (14839) واللَّفظُ لهما. صَحَّحه الترمذي، وابن حبان في ((صحيحه)) (5205)، وابن دقيق العيد في ((الاقتراح)) (96)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1379)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (14839). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحَديثِ عَدَمُ اشتِراطِ الإذنِ مِنَ الإمامِ؛ لأنَّه بَعدَ وُجودِ الإذنِ مِنَ الشَّرعِ فلا حاجةَ إلى إذنِ الإمامِ [2143] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (3/16)، ((روضة الطالبين)) للنووي (5/278). .
ثانيًا: القياسُ على ماءِ البَحرِ والنَّهرِ وما صِيدَ مِن طَيرٍ وحَيَوانٍ أنَّه لا يُشتَرَطُ فيه إذنُ الإمامِ بالاتِّفاقِ، فكذلك إحياءُ المَواتِ لا يُشتَرَطُ فيه إذنُ الإمامِ [2144] يُنظر: ((شرح معاني الآثار)) للطحاوي (3/268)، ((سبل السلام)) للصنعاني (3/82). .

انظر أيضا: