الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: قَطعُ شَجَرِ الحَرَمِ


يَحرُمُ قَطعُ شَجَرِ الحَرَمِ الذي لم يَزرَعْه آدَميٌّ [2371] قال النَّوويُّ: (اتَّفقَ العُلماءُ على تَحريمِ قَطعِ أشجارِها التي لا يَستَنبتُها الآدَميُّونَ في العادةِ، واختَلفوا فيما يُنبتُه الآدَميُّونَ). ((شرح مسلم)) (9/125). وقال البُهوتي: (ويَحرُمُ قَلعُ شَجَرِه -أي حَرَمِ مَكَّةَ الذي لم يَزرَعْه آدَميٌّ- إجماعًا). ((شرح منتهى الإرادات)) (1/565). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((حَرَّم اللهُ مَكَّةَ فلم تَحِلَّ لأحَدٍ قَبلي، ولا لأحَدٍ بَعدي، أُحِلَّت لي ساعةً مِن نَهارٍ، لا يُختَلى خَلاها [2372] الخَلا: هو النَّباتُ الرَّطبُ الرَّقيقُ ما دامَ رَطبًا، واختِلاؤُه: قَطعُه. وأخلتِ الأرضُ: كَثُرَ خَلاها، فإذا يَبسَ فهو حَشيشٌ. يُنظر: ((النهاية في غريب الحديث)) لابن الأثير (2/75). ، ولا يُعضَدُ [2373] العَضْدُ: القَطعُ، يُقالُ: عَضَدتُ الشَّجَرةَ: إذا قَطَعتَها، وعَضدُ الشَّجَرِ: قَطعُه بالمِعضَدِ، وهيَ حَديدةٌ تُتَّخَذُ لقَطعِه. يُنظر: ((غريب الحديث)) لابن قتيبة (1/147)، ((لسان العرب)) لابن مَنظور (10/182). شَجَرُها، ولا يُنَفَّرُ صَيدُها، ولا تُلتَقَطُ لُقَطتُها إلَّا لمُعَرِّفٍ. فقال العَبَّاسُ رَضِيَ اللهُ عنه: إلَّا الإذخِرَ لصاغَتِنا وقُبورِنا؟ فقال: إلَّا الإذخِرَ)) [2374] أخرجه البخاري (1349). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه: ((لا يُعضد شَجَرُها)) نَهيٌ، والنَّهيُ يقتَضي التَّحريمَ [2375] يُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (4/498). .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
 نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِرِ [2376] قال ابنُ المُنذِرِ: (أجمَعَ أهلُ العِلمِ على تَحريمِ قَطعِ شَجَرِ الحَرَمِ). ((الإقناع)) (1/242). يُنظر: ((الإجماع)) لابن المنذر (ص: 60). ، وابنُ العَرَبيِّ [2377] قال ابنُ العَرَبيِّ: (اتَّفقوا على تَحريمِ قَطعِ شَجَرِ الحَرَمِ) نَقلًا عن ((فتح الباري)) لابن حجر (4/44). ، وابنُ قُدامةَ [2378] قال ابنُ قُدامةَ: (أجمَعَ أهلُ العِلمِ على تَحريمِ قَطعِ شَجَرِ الحَرَمِ). (المغني)) (3/320). ، وأبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ [2379] قال أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ: (خَصَّ الفُقَهاءُ مُطلَقَ الشَّجَرِ المَنهيِّ عن قَطعِه مِمَّا يُنبتُه اللهُ تعالى مِن غَيرِ صُنعِ آدَميٍّ، اتِّفاقًا منهم). ((المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم)) (3/471). ، والنَّوَويُّ [2380] قال النَّوويُّ: (اتَّفقَ العُلماءُ على تَحريمِ قَطعِ أشجارِها التي لا يَستَنبتُها الآدَميُّونَ في العادةِ). ((شرح مسلم)) (9/125). ، وابنُ القَيِّمِ [2381] قال ابنُ القَيِّمِ: (قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «ولا يُختَلى خَلاها» لا خِلافَ أنَّ المُرادَ مِن ذلك ما يَنبُتُ بنَفسِه دونَ ما أنبَتَه الآدَميُّونَ). ((زاد المعاد)) (3/396). .

انظر أيضا: