الموسوعة الفقهية

الفرعُ الثَّاني: القِصاصُ مِنَ المَجنونِ


لا قِصاصَ على المَجنونِ على ما جَناه في حالِ جُنونِه [279] لكِنْ إذا ارتكَبَ الجنايةَ وهو عاقِلٌ ثمَّ جُنَّ، اقتُصَّ منه ولا تُنتظَرُ إفاقتُه. يُنظر: ((روضة الطالبين)) للنووي (9/149)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/521). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عليٍّ رضي الله عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((رُفِعَ القَلَمُ عن ثَلاثةٍ: عنِ النَّائِمِ حتَّى يَستَيقِظَ، وعنِ الصَّبيِّ حتَّى يَشِبَّ، وعنِ المَعتوهِ حتَّى يَعقِلَ)) [280] أخرجه الترمذي (1423) واللَّفظُ له، وأحمد (956) على الشَّكِّ: (المَعتوهِ أوِ المَجنونِ حتَّى يَعقِلَ). صَحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (1423)، وصَحَّحه لغَيرِه شُعَيب الأرناؤوط في تَخريج ((مسند أحمد)) (956)، وحَسَّنه البخاري كما في ((العلل الكبير)) للترمذي (226). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ رَفعَ القَلَمِ هو إسقاطُ التَّكليفِ عنه، ويَدُلُّ عليه أيضًا أنَّ الجُنونَ مَعنًى يَستَحِقُّ به الوِلايةَ عليه إذا دامَ به؛ فكان بمَنزِلةِ الصَّغيرِ [281] يُنظر: ((أحكام القرآن)) للجصاص (1/229). .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عَبدِ البَرِّ [282] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (أجمَعَ العُلماءُ أنَّ ما جَناه المَجنونُ في حالِ جُنونِه هَدرٌ، وأنَّه لا قَوَدَ عليه فيما يَجني، فإن كان يُفيقُ أحيانًا ويَغيبُ أحيانًا، فما جَناه في حالِ إفاقَتِه (فعليه) فيه ما على غَيرِه مِنَ البالِغينَ غَيرِ المَجانينِ). ((الاستذكار)) (8/50). ، وابنُ قُدامةَ [283] قال ابنُ قُدامةَ: (لا خِلافَ بَينَ أهلِ العِلمِ أنَّه لا قِصاصَ على صَبيٍّ ولا مَجنونٍ، وكذلك كُلُّ زائِلِ العَقلِ بسَبَبٍ يُعذَرُ فيه، مِثلُ النَّائِمِ، والمُغمى عليه، ونَحوِهما). ((المغني)) (8/284). .
ثالثًا: لأنَّ القِصاصَ عُقوبةٌ مُغَلَّظةٌ، فلم تَجِبْ على زائِلِ العَقلِ، كالحُدودِ [284] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (8/284). .
رابعًا: لأنَّه ليسَ له قَصدٌ صحيحٌ، فهو كالقاتِلِ خَطَأً [285] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (8/284). .

انظر أيضا: