الموسوعة الفقهية

الفرعُ الثَّالثُ: قَتلُ المُسلمِ بالكافِرِ المُستَأمَنِ


لا يُقتَصُّ مِنَ المُسلمِ إذا قَتَل كافِرًا مُستَأمَنًا [321] قال ابنُ القَيِّمِ: (أمَّا المُستَأمَنُ فهو الذي يَقدَمُ بلادَ المُسلمينَ مِن غَيرِ استيطانٍ لها، وهؤلاء أربَعةُ أقسامٍ: رُسُلٌ، وتُجَّارٌ، ومُستَجيرونَ، حتَّى يُعرَضَ عليهمُ الإسلامُ والقُرآنُ، فإن شاؤوا دَخَلوا فيه، وإن شاؤوا رَجَعوا إلى بلادِهم، وطالِبو حاجةٍ مِن زيارةٍ أو غَيرِها، وحُكمُ هَؤُلاءِ ألَّا يُهاجَروا ولا يُقتَلوا، ولا تُؤخَذَ مِنهمُ الجِزيةُ، وأن يُعرَضَ على المُستَجيرِ مِنهمُ الإسلامُ والقُرآنُ، فإن دَخَل فيه فذاكَ، وإن أحَبَّ اللَّحاقَ بمَأمَنِه أُلحِقَ به، ولم يُعرَضْ له قَبلَ وُصولِه إليه، فإذا وصَل مَأمَنَه عاد حَربيًّا كَما كان). ((أحكام أهل الذمة)) (2/874). ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [322] ((الهداية)) للمرغيناني (4/444)، ((العناية)) للبابرتي (10/219، 220). ، والمالِكيَّةِ [323] ((التاج والإكليل)) للمواق (6/230، 231)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/288). ، والشَّافِعيَّةِ [324] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/401)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/268). ، والحَنابلةِ [325] ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/523). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (8/274). ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك [326] قال السَّمَرقَنديّ: (أجمَعوا أنَّ المُسلمَ لا يَقتُلُ بالمُستَأمِنِ) ((تُحفة الفُقَهاء)) (3/101). وقال الأسمندي: (أجمَعنا على أنَّ المُسلمَ لا يَقتُلُ بالمُستَأمِنِ) ((طَريقة الخِلافِ في الفِقه بَينَ الأئِمَّةِ الأسلاف)) (ص: 498). وقال ابنُ حَجَر الهيتمي: (لا يَقتُلُ [أي: المُسلمُ] بالمُستَأمِنِ إجماعًا) ((تحفة المحتاج)) (8/401). وقال الرَّمليّ: (لا يَقتُلُ [أي: المُسلمُ] بالمُستَأمِنِ إجماعًا) ((نهاية المحتاج)) (7/268). لكِن رويَ عن أبي يوسُف أنَّ المُسلمَ يَقتُلُ بالمُستَأمِنِ، قال الكاساني: (فلا يَقتُلُ مُسلم، ولا ذِمِّيَّ بالكافِرِ الحَربيّ، ولا بالمُرتَدِّ لعَدَم العِصمةِ أصلًا ورَأسًا، ولا بالحَربيِّ المُستَأمِن في ظاهرِ الرِّوايةِ؛ لأنَّ عِصمَتَه ما ثَبَتَت مُطلقة بَل مُؤَقَّتة إلى غاية مَقامه في دارِ الإسلامِ، ... ورويَ عن أبي يوسُف أنَّه يَقتُلُ به قِصاصًا لقيام العِصمة وقتَ القَتل) ((بَدائِع الصَّنائِع)) (7/236). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (8/274). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عَليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يُقتَلُ مُسلمٌ بكافِرٍ)) [327] أخرجه البخاري (111). .
ثانيًا: لأنَّه ليسَ بمَحقونِ الدَّمِ على التَّأبيدِ، فأشبَهَ الحَربيَّ [328] ((المغني)) لابن قدامة (8/274). .
ثالثًا: لأنَّ كُفرَه باعِثٌ على الحِرابِ؛ لأنَّه على قَصدِ الرُّجوعِ إلى دارِه، فكان كالحَربيِّ [329] ((الهداية)) للمرغيناني (4/444)، ((العناية)) للبابرتي (10/219،220). .

انظر أيضا: