الموسوعة الفقهية

المَطلبُ الثَّالثُ: مِن مُسْقِطاتِ القِصاصِ: الصُّلْحُ


يَسقُطُ القِصاصُ بالصُّلحِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [611] ((الهداية)) للمرغيناني (4/167)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (5/35). ويُنظر: ((الاختيار)) للموصلي (3/6). ، والمالِكيَّةِ [612] ((التاج والإكليل)) للمواق (5/85)، ((منح الجليل)) لعليش (6/154). ، والشَّافِعيَّةِ [613] ((روضة الطالبين)) للنووي (4/194)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/50). ، والحَنابلةِ [614] ((الإنصاف)) للمرداوي (5/183)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/146). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ [البقرة: 178] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
مَعنى الآيةِ: فمَن عُفِي له مِن دَمِ أخيه شَيءٌ، أي: تَرَك القِصاصَ ورَضيَ بالمالِ [615] يُنظر: ((الهداية)) للمرغيناني (4/167)، ((الاختيار)) للموصلي (3/6). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((لمَّا فتَحَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَكَّةَ قامَ في النَّاسِ فحَمِدَ اللَّهَ وأثنى عليه، ثُمَّ قال: إنَّ اللَّهَ حَبَسَ عن مَكَّةَ الفيلَ، وسَلَّطَ عليها رَسولَه والمُؤمِنينَ، وإنَّها لن تَحِلَّ لأحَدٍ كان قَبلي، وإنَّها أُحِلَّت لي ساعةً مِن نَهارٍ، وإنَّها لن تَحِلَّ لأحَدٍ بَعدي، فلا يُنَفَّرُ صَيدُها، ولا يُختَلى شَوكُها، ولا تَحِلُّ ساقِطَتُها إلَّا لمُنشِدٍ، ومَن قُتِل له قَتيلٌ فهو بخَيرِ النَّظَرَينِ: إمَّا أن يُفدى، وإمَّا أن يُقتَلَ)) [616] أخرجه البخاري (2434)، ومسلم (1355) واللفظ له. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
قَولُه: ((فهو بخَيرِ النَّظَرَينِ ...)) أنَّ المُرادَ هو الأخذُ بالرِّضا، وهو الصُّلحُ بعَينِه [617] يُنظر: ((الهداية)) للمرغيناني (4/167). .
ثالثًا: لأنَّه حَقٌّ ثابتٌ للورَثةِ يَجري فيه الإسقاطُ عَفوًا، فكَذا تَعويضًا؛ لاشتِمالِه على إحسانِ الأولياءِ، وإحياءِ القاتِلِ، فيَجوزُ بالتَّراضي [618] يُنظر: ((الهداية)) للمرغيناني (4/167). .

انظر أيضا: