الموسوعة الفقهية

الفرعُ الرَّابعُ: قَلعُ صحيحِ العَينَينِ عَينَ الأعوَرِ الصَّحيحةَ


اختَلف العُلماءُ في حُكمِ الجاني الصَّحيحِ العَينَينِ إذا قَلعَ عَينَ الأعورِ الصَّحيحةَ، على ثَلاثةِ أقوالٍ:
القَولُ الأوَّلُ: يَجِبُ نِصفُ الدِّيةِ، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ [647] يُنظر: ((الحجة على أهل المَدينة)) للشيباني (4/303) ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (2/129، 130). ، والشَّافِعيَّةِ [648] ((الأم)) للشافعي (7/332)، ((روضة الطالبين)) للنووي (9/272). ويُنظر: ((الحاوي)) للماوردي (12/286)، ((بحر المذهب)) للروياني (12/262). ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ [649] قال العِمرانيُّ: (وإن قَلعَ عَينَ الأعورِ.. لم يَجِبْ عليه إلَّا نِصفُ الدِّيةِ، وبه قال النَّخعيُّ، والأوزاعيُّ، والثَّوريُّ، وأبو حَنيفةَ وأصحابُه). ((البيان)) (11/514). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الآثارِ
عن أبي الضُّحى، قال: (سُئِل عَبدُ اللَّهِ بنُ مَعقِلٍ عنِ الرَّجُلِ يَفقَأُ عَينَ الأعورِ، فقال: ما أنا فقَأتُ عَينَه الأُخرى، فيها النِّصفُ) [650] أخرجه عبد الرزاق (17435). صَحَّحه ابنُ عبد البر في ((الاستذكار)) (7/91). .
ثانيًا: لأنَّ ما ضُمِنَ ببَدَلٍ مَعَ بَقاءِ نَظيرِه.. ضُمِن به مَعَ فقدِ نَظيرِه، كاليَدِ [651] ((البيان)) للعمراني (11/515). .
القَولُ الثَّاني: يَجِبُ القِصاصُ ونِصفُ الدِّيةِ، وهو مَذهَبُ الحَنابلةِ [652] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/318)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (6/127). ؛ وذلك لأنَّه أذهَبَ بَصَرَ الأعورِ كُلَّه، ولا يُمكِنُ إذهابُ بَصَرِه؛ لِما فيه مِن أخذِ عَينَينِ بعَينٍ واحِدةٍ، وقدِ استَوفى نِصفَ البَصَرِ تَبَعًا لعَينِه بالقَوَدِ، وبَقيَ النِّصفُ الذي لا يُمكِنُه القِصاصُ فيه؛ فوجَبَت ديَتُه [653] ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (6/127). .
القَولُ الثَّالِثُ: يُخَيَّرُ المَجنيُّ عليه بَينَ القَوَدِ أو أخذِ الدِّيةِ كامِلةً، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ [654] ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (4/255)، ((منح الجليل)) لعليش (9/58). ، وقَولٌ عِندَ الشَّافِعيَّةِ [655] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/465). ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ [656] قال العِمرانيُّ: (وقال الزُّهريُّ، ومالِكٌ، واللَّيثُ، وأحمدُ، وإسحاقُ -رَحِمَهمُ اللهُ-: (يَجِبُ فيها جَميعُ الدِّيةِ). ورُويَ ذلك عن عُمَرَ وعليٍّ وابنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عنهم وأرضاهم). ((البيان)) (11/514). ؛ وذلك لأنَّ عَينَ الأعورِ بمَنزِلةِ عَينَينِ في الانتِفاعِ بها [657] ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (4/255)، ((منح الجليل)) لعليش (9/58). .

انظر أيضا: