الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الخامِسُ: دِيةُ ذَهابِ العَقلِ


تَجِبُ الدِّيةُ كامِلةً بفواتِ العَقلِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1076] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/135)، ((العناية)) للبابرتي (10/291)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/377). ، والمالِكيَّةِ [1077] ((التاج والإكليل)) للمواق (6/260)، ((منح الجليل)) لعليش (9/108). ، والشَّافِعيَّةِ [1078] ((روضة الطالبين)) للنووي (9/289)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/473). ، والحَنابلةِ [1079] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (8/330)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/50). ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك [1080] قال ابنُ المُنذِرِ: (أجمَعوا أنَّ في العَقلِ دِيةً). ((الإجماع)) (ص: 123). وقال ابنُ قُدامةَ: (في ذَهابِ العَقلِ الدِّيةُ، لا نَعلمُ في هذا خِلافًا). ((المغني)) (8/465). وقال قاضي صَفَدَ: (أجمَعوا على أنَّ في اللِّسانِ الدِّيةَ، وأنَّ في الذَّكَرِ الدِّيةَ، وأنَّ في ذَهابِ العَقلِ دِيةً). ((رحمة الأمة في اختلاف الأئمة)) (ص: 243). وخالف في ذلك ابنُ حَزمٍ، فقال: (فإذ لا نَصَّ في العَقلِ ولا إجماعَ يَثبُتُ فيه، فلا شَيءَ في ذَهابِه بالخَطَأِ، وأمَّا بالعَمدِ فإنَّما هيَ ضَربةٌ كضَربةٍ، ولا مَزيدَ، فإن لم يَذهَبْ عَقلُ المُقتَصِّ مِنه فلا شَيءَ عليه، فقدِ اعتَدى بمِثلِ ما اعتُديَ به عليه. وأيضًا فالخَبَرُ في هذا عن عُمَرَ لا يَصِحُّ؛ لأنَّ أبا المُهَلَّبِ عَبدَ الرَّحمَنِ بنَ عَمرٍو لم يُدرِكْ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، فزادَ الأمرُ وَهنًا على وَهنٍ). ((المحلى)) (11/54). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه أشرَفُ المَعاني، وبه يَتَمَيَّزُ الإنسانُ عنِ البَهيمةِ [1081] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (8/465)، ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (4/58، 59). .
ثانيًا: لأنَّ جَميعَ مَنافِعِ النَّفسِ يَتَعَلَّقُ به، فكان تَفويتُه تَفويتَ النَّفسِ مَعنًى، فكان الواجِبُ دِيةَ النَّفسِ [1082] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/317). .
ثالثًا: لأنَّه يَعرِفُ به حَقائِقَ المَعلوماتِ، ويَهتَدي إلى مَصالحِه، ويَتَّقي ما يَضُرُّه، ويَدخُلُ به في التَّكليفِ، وهو شَرطٌ في ثُبوتِ الوِلاياتِ، وصِحَّةِ التَّصَرُّفاتِ، وأداءِ العِباداتِ؛ فكان بإيجابِ الدِّيةِ أحَقَّ مِن بَقيَّةِ الحَواسِّ [1083] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (8/465). .

انظر أيضا: