المَطلَب الأوَّل: حُكمُ صلاةِ الجماعةِ
الفرعُ الأوَّل: حُكمُ صَلاةِ الجماعةِ للرِّجالِصلاةُ الجماعةِ واجبةٌ وجوبًا عينيًّا على الرِّجال، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة
نصَّ الكاسانيُّ، وابنُ نُجيمٍ، وابنُ عابدينَ: أنَّ صلاةَ الجماعةِ واجبةٌ على الراجِحِ من مذهبِ الحَنفيَّة. وقال بعضُهم: سُنةٌ مؤكَّدةٌ تُشبِهُ الواجبَ في القُوةِ. ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/365)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/457)، ((الفتاوى الهندية)) (1/82)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/155)والحَنابِلَة
[4076] ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/454-455)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/130). ، ووجهٌ عند الشافعيَّة
[4078] قال النوويُّ: (فالجماعة فرضُ عين في الجُمُعة، وأمَّا في غيرها من المكتوبات، ففيها أوجه؛ الأصحُّ: أنها فرضُ كفاية. والثاني: سُنَّة. والثالث: فرضُ عين) ((روضة الطالبين)) (1/339). ، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلفِ
[4079] قال ابنُ المنذر: (وممَّن كان يرى أنَّ حضور الجماعات فرض: عطاءُ بن أبي رَباح، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور) ((الإشراف)) (2/126). وقال ابنُ قُدامة: (الجماعة واجبةٌ للصلوات الخمس، رُوي نحو ذلك عن ابن مسعود، وأبي موسى، وبه قال عطاءٌ، والأوزاعيُّ، وأبو ثور) ((المغني)) (2/130). وقال النوويُّ: (قال عطاء، والأوزاعيُّ، وأحمد، وأبو ثور، وابن المنذر: هي فرضٌ على الأعيان، ليستْ بشرط للصحة) ((المجموع)) (4/189). وقال ابنُ رجب: (وممَّن ذهب إلى أنَّ الجماعة للصلاة مع عدم العُذر واجبة: الأوزاعيُّ، والثوري، والفضيل بن عياض، وإسحاق، وداود، وعامَّة فقهاء الحديث، منهم: ابن خزيمة، وابن المنذر، وأكثرُهم على أنه لو ترك الجماعة لغير عُذر وصلَّى منفردًا أنه لا يجب عليه الإعادة، ونصَّ عليه الإمام أحمد) ((فتح الباري)) (4/11). ، اختارَه
البخاريُّ قال البخاريُّ: (باب وجوب صلاة الجماعة، وقال الحسنُ: إن منعتْه أمُّه عن العشاء في جماعة شفقةً لم يُطِعْها). ((صحيح البخاري)) (1/131) قبل حديث (644). وقال ابنُ رجب: (مقصود البخاري بهذا الباب: أنَّ الجماعة واجبةٌ للصلاة، ومَن تركها لغير عذر، وصلى منفردًا فقد ترك واجبًا، وهذا قول كثير من السلف، منهم: الحسن، وما حكاه البخاريُّ عنه يدلُّ على ذلك). ((فتح الباري)) (4/7). ، وابنُ المنذرِ
[4081] قال ابنُ المنذر: (دلَّت الأخبار التي ذكرناها على وجوب فرْض الجماعة على مَن لا عُذر له) ((الأوسط)) (4/148)، ويُنظر: ((الإقناع)) لابن المنذر (1/111). وقال النوويُّ: (فالجماعة فرضُ عين في الجُمُعة، وأمَّا في غيرها من المكتوبات، ففيها أوجه... الثالث: فرض عين؛ قاله مِن أصحابنا: ابنُ المنذر) ((روضة الطالبين)) (1/339). ، و
ابنُ حَزْمٍ وقد زاد على الوجوب وقال بالشرطيَّة؛ فقال: (ولا تجزئ صلاةُ فرضٍ أحدًا من الرِّجال- إذا كان بحيث يسمع الأذان- أن يُصليها إلَّا في المسجد مع الإمام، فإنْ تعمَّد ترْك ذلك بغير عذر بطَلتْ صلاته، فإن كان بحيث لا يسمع الأذان ففرضٌ عليه أن يُصلي في جماعة مع واحد إليه فصاعدًا ولا بدَّ، فإن لم يفعل فلا صلاةَ له إلا أنْ لا يجد أحدًا يُصليها معه فيجزئه حينئذ، إلَّا مَن له عذر فيُجزئه حينئذ التخلُّفُ عن الجماعة) ((المحلى)) (3/104). ، و
ابنُ تيميَّة وقد زاد على الوجوب وقال بالشرطيَّة، فقال: (و"الجماعة" واجبة أيضًا عند كثير من العلماء، بل عند أكثرِ السَّلف، وهل هي شرط في صحَّة الصلاة؟ على قولين: أقواهما كما في سُنن أبي داود عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه قال: «مَن سمع النداء فلم يُجِبْ من غير عذرٍ فلا صلاةَ له») ((مجموع الفتاوى)) (11/615). وقال أيضًا: (والجماعة شرطٌ للصلاة المكتوبة، هو إحدى الروايتين عن أحمد، واختارها ابن أبي موسى، وأبو الوفاء بن عَقيل، ولو لم يُمكنه الذهاب إلَّا بمشيه في مِلك غيره فعَلَ، فإذا صلى وحده لغير عُذر لم تصحَّ صلاته) (الفتاوى الكبرى)) (5/345). ، و
ابنُ باز [4084] قال ابنُ باز: (فهذه الأحاديثُ وما جاء في معناها دليلٌ على وجوب حضور الجماعة حيث يُنادَى بالصلاة، وفي امتثال ذلك طاعةُ الله ورسوله، وسعادةُ الدارين، والبُعد عن مشابهة أهل النفاق وصِفاتهم) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (12/13). ، و
ابن عُثَيمين [4085] قال ابنُ عُثيمين: (الصَّحيح: أنَّها- أي: صلاة الجماعة- واجبة للصَّلاة, وليستْ شرطًا في صحتها, لكن مَن تركها فهو آثم إلَّا أن يكون له عُذر شرعي) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (15/18). الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب1- قال اللهُ تعالى:
وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ [النساء: 102] والدَّلالةُ مِن وَجْهَينِ:الوجه الأوَّل: أنه تعالى أمرَهم بصلاةِ الجماعة معه في صلاةِ الخوفِ، وذلك دليلٌ على وجوبها حالَ الخوفِ، وهو يدلُّ بطريقِ الأَوْلى على وجوبِها حالَ الأمنِ
[4086] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيميَّة (23/227)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/454). الوجه الثَّاني: أنَّه سنَّ صلاةَ الخوفِ جماعةً، وسوَّغَ فيها ما لا يجوزُ لغيرِ عُذرٍ، كاستدبارِ القِبلةِ، والعملِ الكثيرِ، ومفارقةِ الإمامِ قبلَ السَّلامِ، والتخلُّفِ عن متابعةِ الإمام، وهذه الأمورُ تُبطِلُ الصَّلاةَ لو فُعِلتْ لغيرِ عُذرٍ، فلو لم تكُنِ الجماعةُ واجبةً، لكانَ قدْ التزم فِعل محظورٍ مُبطِلٍ للصلاةِ؛ لأجْل فِعل مُستحبٍّ مع أنَّه قد كان من الممكنِ أن يُصلُّوا وُحدانًا صلاةً تامَّةً؛ فعُلِمَ أنَّها واجبةٌ
((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (23/227). 2- قال الله تعالى:
وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة: 43] وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ الله تعالى أمَرَ بالركوعِ مع الراكعينَ، وذلك يكونُ في حالِ المشاركةِ في الركوع؛ فكان أمرًا بإقامةِ الصَّلاة بالجماعةِ
((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/155). ثانيًا: من السُّنَّة1- عن أبي هُرَيرَةَ، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((أثقلُ صلاةٍ على المنافقينَ صلاةُ العِشاءِ وصلاةُ الفجرِ، ولو يَعلمُونَ ما فيهما لأَتوهُما ولو حبوًا، ولقد هممتُ بالصَّلاةِ فتُقام، ثم آمُرُ رجلًا يُصلِّي بالناس، ثم أنطلقُ معي برِجالٍ معهم حُزمٌ من حطَبٍ إلى قومٍ لا يَشهدونَ الصَّلاةَ، فأُحرِّقُ عليهم بُيوتُهم بالنارِ )) رواه البخاري (657)، ومسلم (651). قال ابنُ رجب: (وهذا الحَدِيْث ظاهرٌ في وجوب شهود الجماعة فِي المساجد، وإجابة المنادي بالصلاة؛ فإنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخبر أنَّه همَّ بتحريق بيوت المتخلِّفين عَن الجماعة، ومثل هذه العقوبة الشديدة لا تكون إلَّا على ترْك واجبٍ) ((فتح الباري)) (4/14). 2- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال:
((أتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجلٌ أعمى، فقال: يا رسولَ الله، إنَّه ليس لي قائدٌ يقودني إلى المسجِدِ، فسألَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يرخِّصَ له، فيُصلِّيَ في بيتِه، فرخَّص له، فلمَّا ولَّى دعاه، فقال: هلْ تَسمعُ النِّداءَ بالصَّلاةِ؟ قال: نعَم، قال: فأجِبْ )) رواه مسلم (653). قال ابنُ المنذر: (ذِكر إيجاب حضور الجماعة على العميان، وإنْ بعُدت منازلهم عن المسجد، ويدلُّ ذلك على أنَّ شهود الجماعة فرضٌ لا ندب) ((الأوسط)) (4/146) وقال ابن خزيمة: (باب أمْر العميان بشهود صلاة الجماعة، وإنْ كانت منازلهم نائيةً عن المسجد، لا يطاوعهم قائدوهم بإتيانهم إيَّاهم المساجد، والدليلُ على أنَّ شهود الجماعة فريضةٌ لا فضيلة؛ إذ غيرُ جائز أن يقال: لا رُخصةَ للمرء في ترْك الفضيلة) ((صحيح ابن خزيمة)) (2/368). 3- عن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول:
((ما مِن ثلاثةٍ في قريةٍ، ولا بدوٍ، لا تُقامُ فيهم الصَّلاةُ، إلا استحوذَ عليهم الشيطانُ؛ فعليكم بالجماعةِ؛ فإنَّما يأكُلُ الذئبُ القاصيةَ )) [4091] أخرجه أبو داود (547)، والنسائي (847)، وأحمد (21758) صحَّح إسنادَه النوويُّ في ((المجموع)) (4/182)، وصحَّحه ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (4/386)، وقال العينيُّ في ((عمدة القاري)) (5/239): إسناده لا بأسَ به، وحسَّنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (547). ثالثًا:من الآثارعن
عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ، قال: (مَن سرَّه أن يَلْقَى الله غدًا مسلمًا، فليحافظْ على هؤلاءِ الصلواتِ حيث يُنادَى بهنَّ
قال ابنُ عُثيمين: (حيث يُنادَى بهنَّ، أي: في المكان الذي نادى به عليهن، أي: المسجد؛ وذلك لوجوب صلاة الجماعة في المسجد، فلا يجوز لأحدٍ يقدِر على أن يصلي في المسجد إلَّا وجب عليه إذا كان من أهل وجوبِ الجماعة كالرِّجال) ((شرح رياض الصالحين)) (5/75). ؛ فإنَّ اللهَ شرَع لنبيِّكم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سُننَ الهدى، وإنهنَّ مِن سُنَن الهدى، ولو أنَّكم صليتُم في بُيوتِكم كما يُصلِّي هذا المتخلِّفُ في بيته، لتركتُم سُنَّةَ نبيِّكم، ولو تركتُم سُنَّةَ نبيِّكم لضَلَلتُم، وما من رجلٍ يتطهَّرُ فيُحسِنُ الطُّهورَ، ثم يَعمِدُ إلى مسجدٍ من هذه المساجدِ، إلَّا كتَبَ الله له بكلِّ خُطوةٍ يخطوها حسنةً، ويرفعه بها درجةً، ويحطُّ عنه بها سيِّئةً، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلَّا منافقٌ معلومُ النِّفاق، ولقد كان الرجلُ يُؤتَى به يُهادَى
[4093] يُهادَى بين الرَّجُلينِ: يَمشي بينهما معتمدًا عليهما؛ مِن ضَعفِه وتمايُلِه، أو يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما. ((النهاية)) لابن الأثير (5/255)، ((شرح النووي على مسلم)) (5/156). ) بين الرَّجُلينِ حتى يُقامَ في الصفِّ)
رواه مسلم (654). وَجْهُ الدَّلالَةِ: إخبارُ
ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه لم يكُن يتخلَّفُ عنها إلَّا منافقٌ معلومُ النِّفاق، وهذا دليلٌ على استقرارِ وجوبِها عندَ المؤمنين، ولم يَعلَموا ذلك إلَّا مِن جِهةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومعلومٌ أنَّ كلَّ أمرٍ كان لا يتخلَّفُ عنه إلَّا منافقٌ كان واجبًا على الأعيانِ
((مجموع الفتاوى)) لابن تيميَّة (23/230). رابعًا: توارثُ الأمَّةِ على صلاتِها جماعةً؛ فالأمَّة من لَدُن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى يومِنا هذا واظبتْ عليها وعلى النَّكيرِ على تاركِها، والمواظبةُ على هذا الوجهِ دليلُ الوجوبِ
[4096] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/155). الفرعُ الثَّاني: حُكمُ صلاةِ الجَماعةِ للنِّساءِيُستحبُّ للنِّساءِ أن يُصلِّينَ جماعةً
وإنْ كانت الجماعة لا تتأكَّد في حقِّ النساء كتأكُّدها في حقِّ الرجال. يُنظر: ((المجموع)) للنووي (4/188). مع بعضهنَّ البعض، وهذا مذهبُ الشافعيَّة
[4098] ((المجموع)) للنووي (4/188)، ((روضة الطالبين)) للنووي (1/340). ، والحَنابِلَة
[4099] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/150)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/456). ، وبه قالت طائفةٌ من السَّلف
قال النوويُّ: (في مذاهب العلماء في الجماعة للنِّساء: قد ذكرنا أنَّ مذهبنا استحبابها لهنَّ، قال الشيخ أبو حامد: كل صلاة استحبَّ للرجال الجماعة فيها استحبَّ الجماعة فيها للنساء، فريضةً كانت أو نافلة، وحكاه ابنُ المنذر عن عائشةَ وأمِّ سلمة، وعطاء، والثوريِّ، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور؛ قال: وقال سليمان بن يسار والحسن البصري ومالك: لا تؤمُّ المرأةُ أحدًا في فرض ولا نفل، قال: وقال أصحابُ الرأي: يُكره ويجزيهن، قال: وقال الشعبيُّ والنَّخَعي وقتادة: تؤمهنَّ في النَّفْل دون الفرض). ((المجموع)) (4/199). ، واختاره
ابنُ حَزمٍ قال ابنُ حزم: (فإنْ صلَّينَ جماعةً، وأمَّتهنَّ امرأةٌ منهنَّ فحسن؛ لأنه لم يأتِ نصٌّ يمنعهن من ذلك، ولا يقطع بعضهن صلاة بعض...) ((المحلى)) (2/167). ، و
ابنُ القيِّم قال ابنُ القيِّم: (استحبابُ صلاة النِّساء جماعةً لا منفردات... ولو لم يكن في المسألة إلَّا عموم قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «تفضُل صلاة الجماعة على صلاة الفذِّ بسبع وعشرين درجة» لكفى) ((إعلام الموقعين)) (2/376، 377). ، واختارَه
ابنُ باز قال ابنُ باز: (صلاة الجماعة على النِّساء غير واجبة، لكن إذا صلَّينَ جماعةً فلا بأس؛ حتى يتعلَّم بعضُهنَّ من بعض، ويستفيد بعضُهنَّ من بعض، وقد جاء عن أمِّ سلمةَ وعائشةَ رضي الله عنهما أنَّهما أمَّتَا بعض النساء، ومعلوم ما في هذا من الفضل والمصلحة إذا كان بينهنَّ امرأة ذات عِلم تؤمُّهنَّ ويستفدنَ منها كثيرًا، ويتعلمنَ منها كيف يؤدِّين الصلاة، وهي تقف وسْطهنَّ لا أمامهن، وتجهر في الجهريَّة، فهذا مستحبٌّ إذا تيسَّر، وليس بواجب، إنما تجب الجماعةُ على الرجال في بيوت الله) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (12/77). الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة 1- عن
عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ صلاةَ الفذِّ بسَبعٍ وعِشرينَ دَرجةً )) رواه البخاري (645)، ومسلم (650). وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ الحديثَ عامٌّ، فيدخل النِّساءُ في عُمومِه
((المحلى)) لابن حزم (2/169). 2- عن أمِّ ورقةَ بنتِ نوفلٍ رَضِيَ اللهُ عنها:
((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَزورُها في بيتِها، وجعَل لها مؤذِّنًا يؤذِّنُ لها، وأمَرَها أن تؤمَّ أهلَ دارِها )) أخرجه أبو داود (592)، وأحمد (27324)، وابن خزيمة (1676) بنحوه صحَّحه ابن القيِّم في ((إعلام الموقعين)) (2/274)، وحسَّنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (592). ثانيًا: من الآثارِ1- عن
عائشةَ أمِّ المؤمنينَ رَضِيَ اللهُ عنها: (أنَّها أمَّتِ النِّساءَ في صلاةِ المغربِ، فقامتْ وسْطهنَّ وجهَرَتْ بالقِراءةِ)
[4107] أخرجه ابن حزم في ((المحلى)) (4/219) صحَّح إسنادَه ابنُ الملقِّن في ((خلاصة البدر المنير)) (1/198). 2- عن حُجيرةَ بنتِ حُصينٍ، قالت: (أَمَّتْنا
أمُّ سَلمةَ أمُّ المؤمنينَ في صلاةِ العَصر، وقامتْ بيننا)
[4108] أخرجه عبدالرزاق في ((المصنف)) (5082)، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (10966)، والدارقطني (1/405). صحَّح إسناده النووي في ((المجموع)) (4/199)، وقال البُوصِيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (2/96): له شاهدٌ موقوف. وقال الألبانيُّ في ((تمام المنة)) (154): رجاله ثقات غير حُجيرة، لكن له ما يقويه. وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ
عائشةَ و
أمَّ سَلمةَ رَضِيَ اللهُ عنهما أَمَّتَا جماعة من النساء؛ فدلَّ ذلك على استحبابِ الجماعةِ للنِّساءِ
((كشاف القناع)) للبهوتي (1/456). ثالثًا: أنهنَّ مِن أهلِ الفَرضِ، فأشبهْنَ الرِّجالَ
((المغني)) لابن قدامة (2/149).