تم اعتماد المنهجية من الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)
لا زكاةَ في غيرِ بهيمةِ الأنعامِ إلَّا أن تكونَ مُعَدَّةً للتِّجارة، والخيلُ وغيرُها في ذلك سواءٌ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/488)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/94). ، والشافعيَّة ((الشرح الكبير)) للرافعي (5/315)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/369). ، والحَنابِلَة ((الفروع)) لابن مفلح (4/35)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/463). ، والظَّاهِريَّة ((المحلى)) لابن حزم (5/209، 229 رقم 641). ، وهو قولُ أبي يوسف، ومحمَّدِ بنِ الحسن ((شرح معاني)) الآثار للطحاوي (2/27)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/266). ، وبه قال أكثَرُ أهلِ العِلمِ قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (لا أعلم أحدًا مِن فقهاء الأمصارِ أوجَبَ الزَّكاةَ في الخيل إلَّا أبا حنيفةَ؛ فإنَّه أوجبها في الخيل السائمة... وقد جاء بعده صاحباه في ذلك أبو يوسف ومحمَّد فقالا: لا زكاةَ في الخيل سائمةً وغيرَها، وهو قول مالك والثوري والأوزاعي والليث والشافعي، وسائِرِ العلماء) ((الاستذكار)) (3/237، 239). وقال ابنُ قدامة: (لا زكاة في غير بهيمة الأنعام من الماشية، في قول أكثَرِ أهلِ العِلم. وقال أبو حنيفة: في الخَيلِ الزَّكاة، إذا كانت ذكورًا وإناثًا، وإن كانت ذكورًا مفردةً، أو إناثًا مفردة، ففيها روايتان، وزكاتها دينارٌ عن كلِّ فرسٍ، أو ربع عُشرِ قيمتها، والخِيَرة في ذلك إلى صاحِبِها، أيُّهما شاء أخرَجَ). ((المغني)) (2/463). الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّة 1- عن أبي هُريرَة رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((ليس على المُسلِمِ في عبْدِه ولا فرَسِه صدقةٌ )) رواه البخاري (1463)، ومسلم (982) واللفظ له. 2- عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((قد عفوتُ لكم عن صَدقةِ الخيْلِ والرَّقيقِ )) رواه أبو داود (1574)، والترمذي (620)، والنسائي (5/37)، وأحمد (1/92) صحَّحه البخاري كما في ((سنن الترمذي)) (3/16)، وصحَّح إسناده ابن جرير الطبري في ((مسند عمر)) (2/945)، وأحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (2/93)، وحسَّنه البغوي في ((شرح السنة)) (3/347)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (620). ثانيًا: مِنَ الآثارِ عن حارثةَ بن مُضرِّب، قال: (جاء ناسٌ من أهل الشَّامِ إلى عُمَرَ، فقالوا: إنَّا قد أصبْنا مالًا وخيلًا ورقيقًا، نُحِبُّ أن يكون لنا فيها زكاةٌ وطهورٌ. قال: ما فعله صاحباي قبلي فأفعلُه، فاستشار أصحابَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وفيهم عليٌّ، فقال: هو حَسَنٌ إن لم يكن جزيةً يُؤخَذون بها مِن بعدِك. قال أحمد: فكان عُمَرُ يأخُذُ منهم، ثم يَرزُقُ عبيدَهم) رواه أحمد (1/14) (82)، وابن خزيمة (4/30) (2290)، والدارقطني (2/126)، والحاكم (1/557)، والبيهقي (4/118) (7664). صحَّح إسناده ابن جرير الطبري في ((مسند عمر)) (2/939)، وجوَّد إسناده وقواه ابن كثير في ((مسند الفاروق)) (1/248)، والبُوصِيريُّ في ((إتحاف الخِيَرة المهرة)) (3/13)، وصحَّح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (1/57). أوجه الدَّلالة: الوجه الأوَّل: أنَّ قوله: (ما فعله صاحباي) يعني: النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأبا بكرٍ، ولو كان واجبًا لَمَا تركَا فِعلَه. الوجه الثَّاني: أنَّ عُمَرَ امتنع مِن أخْذها، ولا يجوز له أن يمتَنِعَ مِنَ الواجِبِ. الوجه الثالث: قول عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه: (هو حَسَنٌ إن لم يكن جزيةً يُؤخذون بها مِن بعدك)، فسمَّاها جزيةً إن أُخِذوا بها، وجعَل حُسنَها مشروطًا بعدَمِ أخذِهم بها مِن بَعدِه، فيدلُّ على أنَّ أخْذَهم بذلك غيرُ جائزٍ. الوجه الرَّابع: استشارةُ عُمَرَ أصحابَه في أخْذه، ولو كان واجبًا لَمَا احتاج إلى الاستشارة. الوجه الخامس: أنَّه لم يُشِر عليه بأخْذه أحدٌ سوى عليٍّ، بهذا الشَّرطِ الذي ذكره، ولو كان واجبًا لأشاروا به. الوجه السَّادس: أنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه عوَّضَهم عنه رِزقَ عبيدِهم، والزَّكاةُ لا يُؤخَذُ عنها عِوَضٌ ((المغني)) لابن قدامة (2/464). ثالثًا: أنَّ عدمَ تحديد نِصابٍ في الخيلِ ونحوه من قِبل الشَّارِعِ؛ دليلٌ على أنَّه ليس فيه الزَّكاة، ولو كانت الزَّكاةُ واجبةً فيه لبيَّنَ أنصِبَتَها كما بيَّنه في بقيَّةِ أنواع المواشي ((المحلى)) لابن حزم (5/227- 229 رقم 641). رابعًا: أنَّ الأصلَ عدمُ الوجوب إلَّا بدليلٍ، ولا دليلَ فيها ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/168).