- قد عفوتُ عن الخيلِ والرَّقيقِ فهاتوا صدقةَ الرِّقَّةِ من كلِّ أربعينَ درهمًا درهمٌ وليس في تسعينَ ومئةٍ شيءٌ فإذا بلغَت مئتينِ ففيها خمسةُ دراهمَ فما زاد فعلى حسابِ ذلك وفي الغنَمِ في أربعينَ شاةً شاةٌ إلى عشرينَ ومئةٍ فإذا زادتْ واحدةً فشاتانِ إلى مئتينِ فإن زادتْ فثلاثُ شياهٍ إلى ثلاثمئةٍ فإذا زادتْ على ثلاثمئةٍ ففي كلِّ مئةٍ شاةٌ فإن لم تكنْ إلَّا تسعًا وثلاثينَ فليسَ عليك فيها شيءٌ وفي البقرِ في كلِّ ثلاثينَ تَبيعٌ وفي الأربعين مُسنَّةٌ وليس على العواملِ شيءٌ
الراوي :
علي بن أبي طالب
| المحدث :
ابن حجر العسقلاني
| المصدر :
هداية الرواة
| الصفحة أو الرقم :
2/257
| خلاصة حكم المحدث :
[حسن كما قال في المقدمة]
| التخريج :
أخرجه أبو داود (1574، 1572) مفرقاً واللفظ له، والترمذي (620)، والنسائي (2477)، وابن ماجه (1790)، وأحمد (711).
الزَّكاةُ مِن مَحاسِنِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ؛ لأنَّها تُحقِّقُ التَّكافُلَ الاجتماعيَّ بينَ أفرادِ المُجتمَعِ المُسلِمِ، فلا يَحقِدُ فَقيرٌ على غَنيٍّ، ولا يَظلِمُ غَنيٌّ فقيرًا؛ فيَسُودُ العدْلُ والرَّحمةُ بينَ النَّاسِ جميعًا.
وهذا الحديثُ اشتَمَلَ على كثيرٍ مِن أحكامِ الزَّكاةِ، وفيه يَقولُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ علَيْه وسلَّمَ: "قَدْ عفَوْتُ عنِ الخَيلِ والرَّقِيقِ" والمُرادُ بالعفْوِ: أنَّه لا زَكاةَ في الخَيلِ والمماليكِ.
"فهاتُوا صَدقَة الرِّقَةِ: مِن كلِّ أربعينَ دِرْهمًا دِرْهَمٌ" والرِّقَةُ: ما ضُرِبَ مِن الفِضَّةِ لِيكُونَ دَراهمَ وعُمْلةً، والمقصودُ: أنَّ الزكَّاةَ تُساوي رُبُعَ العُشرِ مِنَ الفِضَّةِ المضروبَةِ والمَسكوكةِ للعُملةِ، ورُبعُ العُشرِ يُساوي نِسبةَ (2.5%) اثنَينِ ونصفٍ في المائةِ، وقولُه: "مِن كلِّ أربعينَ دِرهمًا دِرْهَمٌ" لِبَيانِ النِّسبةِ فقَطْ، ولا يُؤخَذُ على ما دُونَ المائتينِ شَيءٌ، كما قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وليس في تِسعينَ ومائةٍ شَيءٌ، فإذا بلَغَتْ مائتينِ ففيها خَمْسةُ دَراهمَ، فما زاد فعلى حِسابِ ذلك"، أي: فإذا بلَغَتِ الدَّراهمُ مائتَي دِرْهَمٍ وحال عليها الحَولُ، فيَكونُ فيهَا رُبعُ العُشرِ ويُساوي خَمسةَ دَراهِمَ، وهكذا إذا زادَ على المائتَينِ يُؤخَذُ زَكاتُه بنِسبَةِ رُبعِ العُشرِ، ومِائتا دِرْهمٍ تُساوي 595 جِرامًا مِن الفِضَّةِ في عَصرِنا.
ثمَّ انتَقَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى بَيانِ زَكاةِ الغنَمِ، فقال: "وفي الغَنمِ في أربعينَ شاةً شاةٌ، إلى عِشرينَ ومائةٍ"، أي: إنَّ نِصابَ زَكاةِ الغَنمِ يَبدَأُ مِن أربَعينَ حتَّى عِشرينَ ومائةٍ، ويَكونُ المِقْدارُ المُخْرَجُ على هذا العدَدِ شاةً واحدةً.
"فإذا زادتْ واحدةً فَشاتَانِ إلى مائتينِ"، أي: فإذا بلَغَتِ الأغنامُ (121) مِئةً وواحدًا وعِشرينَ رأسًا، فَيُخرَجُ عنها شَاتانِ إلى أنْ تَبلُغَ مِائتينِ، "فإنْ زادت" الأغنامُ عن مائتينِ، "فثلاثُ شِياهٍ إلى ثلاثِ مائةٍ"، أي: تُخْرَجُ ثَلاثُ شِياهٍ زكاةً عن الأغنامِ إذا زادتْ عَن مائتينِ حتَّى تَبلُغَ ثلاثَ مائةِ شاةٍ، "فإذا زادَتْ على ثلاثِ مائةٍ"، أي: وبَلَغَتْ أرْبَعَ مِائةٍ، "ففِي كلِّ مائةٍ شاةٌ"، أي: فتُخرَجُ عَنْ كلِّ مائةٍ زادتْ بَعدَ ذلكَ شاةٌ، "فإنْ لم تكُنْ إلَّا تِسعًا وثلاثينَ، فليس عليك فيها شَيءٌ"، فإنْ نقَصَت عن أربَعينَ فلا زَكاةَ عليها؛ لأنَّها لم تَبلُغِ النِّصابَ.
ثمَّ انتَقَل النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى زَكاةِ البقَرِ، فقال: "وفي البقَرِ في كلِّ ثَلاثينَ تَبِيعٌ، وفي الأربَعينَ مُسِنَّةٌ، وليس على العَوامِلِ شَيءٌ"، أي: إنَّ نِصابَ زَكاةِ البقَرِ يَكونُ في كلِّ ثلاثينَ بقَرةً يُخْرَجُ تَبيعٌ، وهو ما له سَنَةٌ مِن البقَرِ، فإذا وصَلَ عدَدُها إلى أربَعينَ فزَكاتُها مُسِنَّةٌ، وهي الَّتي لها سَنَتانِ ودخَلَتْ في الثَّالثةِ، والعوامِلُ هي: البقَرُ الَتي تَعمَلُ في الحَرْثِ والسَّقْيِ، لَيسَ فيها زَكاةٌ.