الموسوعة الفقهية

المبحث الثاني عشر: حُكمُ الحُقنة الشَّرْجِيَّة


مَن احتقَنَ وهو صائِمٌ بحُقنةٍ في الشَّرْجِ؛ فقد اختلف فيه أهلُ العِلم على قولينِ:
القول الأوّل: أنَّ صومَه يَفسُد، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (3/62). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/425)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/258). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/320). ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/318)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/121). ؛ وذلك لأنَّ المادَّةَ التي يُحقَنُ بها واصلةٌ إلى جَوفِه باختيارِه، فأشبَهَ الأكْلَ ((المغني)) لابن قدامة (3/121).
القول الثاني: مَن احتقَنَ وهو صائِمٌ بحُقنةٍ في الشَّرْجِ لا يَفسُدُ صَومُه، وهو مَذهبُ الظَّاهريةِ ((المحلى)) لابن حزم (6/203)، ((المجموع)) للنووي (6/320)., وقولُ طائفةٍ من المالكيَّةِ ((الذخيرة)) للقرافي (2/505)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/346)., ومنهم ابنُ عبدِ البرِّ ((الكافي)) لابن عبد البر (1/345)., وهو قولُ القاضي حُسينٍ منَ الشَّافِعيَّةِ ((المجموع)) للنووي (6/313)., وبه قال الحَسَنُ بنُ صالحٍ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/456)، ((المجموع)) للنووي (6/313، 320)., وابنُ تَيميَّةَ ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (25/245)., وابنُ بازٍسُئِلَ ابنُ بازٍ عن حُكمِ أخذِ الحُقنةِ الشَّرْجيَّةِ للصَّائِمِ، فأجاب: (حكمُها عدَمُ الحَرَجِ في ذلك إذا احتاجَ إليها المريضُ في أصحِّ قَولَي العُلَماءِ، وهو اختيارُ شَيخِ الإسلامِ ابنِ تيميَّةَ- رحمه اللهُ- وجمعٍ كثيرٍ مِن أهلِ العِلمِ؛ لعَدَمِ مشابهَتِها للأكلِ والشُّربِ). ((تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام)) (ص: 182). وابنُ عُثَيمين قال ابنُ عثيمين: (إنَّ الحُقنةَ لا تُفَطِّرُ مُطلقًا، ولو كان الجِسمُ يتغَذَّى بها عن طريقِ الأمعاءِ الدَّقيقةِ، فيكونُ القولُ الرَّاجِحُ في هذه المسألةِ قَولَ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميَّةَ مُطلقًا، ولا التفاتَ إلى ما قاله بعضُ المعاصِرين. ومِن الحُقَنِ المعروفةِ الآن ما يوضَعُ في الدُّبُرِ عندَ شِدَّةِ الحمَّى، ومنها أيضًا ما يدخُلُ في الدُّبُرِ مِن أجلِ العِلمِ بحرارةِ المريضِ، وما أشبَهَ ذلك، فكلُّ هذا لا يُفَطِّرُ). ((الشرح الممتع)) (6/369).
( ) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (25/ 245).
.
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الحُقنةَ لا تُغَذِّي، بل تَستفرِغُ ما في البَدنِ ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (25/ 245).
ثانيًا:لأنَّ الصِّيامَ أحدُ أركانِ الإسلام، ويحتاجُ إلى مَعرِفَتِه المُسلِمون، فلو كانت هذه الأمورُ مِن المُفَطِّراتِ لذَكَرَها الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولو ذكر ذلك لَعَلِمَه الصَّحابةُ، ونُقِلَ إلينا ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (25/ 234)..
ثالثًا: أنَّ الأصلَ صِحَّةُ الصِّيامِ حتى يقومَ دليلٌ على فَسادِه ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (25/245)..


انظر أيضا: