تم اعتماد المنهجية من الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)
الفَرْعُ الأَوَّلُ: حُكمُ الأذانِ الأذانُ فَرْضُ كِفايةٍ، وهذا مذهبُ الحنابلةِ ((الإقناع)) للحجاوي (1/75)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (1/287). ، وهو قولُ محمَّدٍ منَ الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي، مع ((حاشية الشلبي)) (1/90). ، وقولٌ عندَ المالكيَّة ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/21). ، وقولُ بعضِ الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (3/89)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/134). ، واختيارُ ابنِ عبد البرِّ قال ابنُ عبد البرِّ: (والذي يصحُّ عندي في هذه المسألة: أنَّ الأذان واجبٌ فَرْضًا على الدار، أعني: المِصر، أو القرية، فإذا قام فيها قائمٌ واحد أو أكثرُ بالأذان، سقَطَ فرْضُه عن سائرهم، ومن الفَرْق بين دار الكفر ودار الإسلام لِمَن لم يَعرِفْها الأذانُ الدالُّ على الدار، وكل قرية أو مصر لا يُؤذَّن فيه بالصلاة، فأهلُه لِلهِ عزَّ وجلَّ عصاةٌ، ومَن صلَّى منهم فلا إعادةَ عليه؛ لأنَّ الأذان غيرُ الصلاة، ووجوبه على الكِفاية). ((التمهيد)) (13/280). ، وابنِ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (والصَّحيحُ أنَّهما فرضُ كفاية). ((الاختيارات الفقهية)) (1/405). ، وداود قال ابنُ رجب: (وهي مبنيَّة على أنَّ الأذانَ على أهل الأمصار والقُرى: هل هو فرْض كِفاية، أو سُنَّة مؤكَّدة؟ وفيه قولان: أحدهما: أنَّه فرْض كِفاية، وهو ظاهرُ مذهبِ الإمامِ أحمد، وقولُ داود، ووافَقهم جماعاتٌ من أصحاب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي). ((فتح الباري)) (3/444). ، وأبي الوليد الباجِي قال أبو الوليدِ الباجيُّ: (وحمْل لفظ مالكٍ على ظاهرِه عندي أَوْلى، وأنَّ الأذان واجبٌ، وليس بشرط في صحَّة الصَّلاة، ووجوبه على الكفاية، ولو أنَّ أهل مصرٍ اتَّفقوا على ترْك الأذان لأثِموا بذلك، ولوجب جبرُهم عليه وأخذُهم به). ((المنتقى)) (1/136). ، وابنِ باز قال ابنُ باز: (الأذانُ فرضُ كفايةٍ للصلاة، يجب على الجماعة في الحضَر وفي السفر أن يُؤذِّن واحدٌ منهم ويُقيم الأذانَ، هذا هو الصَّواب؛ أنهما فرضُ كفاية إذا قام به واحدٌ من الجماعة في قريةٍ أو في سفرٍ، كفَى عن الباقين). ((مجموع فتاوى ابن باز)). (6/308). ، والألبانيِّ قال الألبانيُّ: (وهو فَرضُ كِفاية؛ قال عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لمالكِ بن الحُوَيرثِ: ((ارْجِعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم وعلِّموهم ومُروهم، وصلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي، فإذا حضرتِ الصلاةُ فليؤذِّن أحدُكم، ولْيؤمَّكم أكبرُكم)). ((الثمر المستطاب)) (1/116). ، وابنِ عُثَيمين قال ابن عثيمين: (دليلُ كونه فرضَ كفاية - أي الأذان -: قولُ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمالكِ بن الحُوَيرثِ: ((إذا حضرتِ الصلاةُ فليؤذِّن لكم أحدُكم))، وهذا يدلُّ على أنَّه يُكتفَى بأذان الواحد، ولا يجب الأذانُ على كلِّ واحد). ((الشرح الممتع)) (2/43). ، واختيارُ اللَّجنةِ الدَّائمة جاء في فتوى اللجنة الدائمة: (الأذان فرضُ كِفايةٍ في البلد، وهكذا الإقامة، وعند إرادة الصَّلاة يُقيم قبل أن يدخُل فيها، وإذا دخل في الصَّلاة بدون أذان ولا إقامةٍ؛ نِسيانًا أو جهلًا، أو لغير ذلك، فصلاتُه صحيحةٌ). ((فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى)) (6/56). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابنُ عبد البر: (ولا أعلم خلافًا في وجوب الأذان جملةً على أهل الأمصار؛ لأنَّه من العلامة الدالَّة المفرِّقة بين دار الإسلام ودار الكفر، كان رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا بعَثَ سريَّةً يقول لهم: (إذا سمعتُم الأذانَ فأمسِكوا وكفُّوا، وإنْ لم تَسمَعوا الأذانَ فأغيروا)، أو قال «فشنُّوا الغارةَ»). ((الاستذكار)) (1/371). لكن قال ابنُ حجر - في ردِّ حِكاية الإجماع -: (... وأَغرَبَ ابنُ عبد البرِّ فقال: لا أعلم فيه خلافًا). ((فتح الباري)) (2/90). الأدلَّة: أولًا من السُّنَّة: 1- عن مالكِ بنِ الحُويرثِ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لهم: ((وإذا حضَرتِ الصَّلاةُ فلْيُؤذِّنْ لكم أحدُكم، ولْيؤمَّكُم أكبرُكم )) [101] رواه البخاري (628)، ومسلم (674). وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ هذا أمرٌ مِنَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والأصل في الأمْرِ الوجوبُ، وقد اكتَفَى بأذانِ الواحدِ؛ ممَّا دلَّ على أنَّه فَرْضُ كِفايةٍ ((سبل السلام)) للصنعاني (1/128)، ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (2/574)، ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (4/148). 2- عن أنسِ بنِ مالكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْه: أن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا غزَا بِنَا قومًا لم يكن يغْزُو بنا حتى يُصْبِحَ وينظرَ؛ فإنْ سَمِعَ أذانًا كَفَّ عنهم، وإنْ لم يسمعْ أذانًا أغارَ عليهِم أخرجه البخاري (610) واللفظ له ومسلم (382). وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان عَلَّق استحلالَ أهلِ الدارِ بترْكِ الأذان؛ فهو شعارُ دارِ الإسلامِ ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (22/65)، ((المنتقى)) للباجي (1/136). ، والعلامَةُ الدالَّةُ المفرِّقةُ بين دار الإسلامِ ودارِ الكُفرِ ((الاستذكار)) لابن عبد البر (1/371). ، ولا يكونُ ذلك إلَّا لواجبٍ. ثانيًا: لأنَّه من الشَّعائرِ الظَّاهرةِ ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/90)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/134). الفَرْعُ الثاني: حُكمُ الصَّلاةِ بغَيرِ أذانٍ تصحُّ الصلاةُ بغير أذانٍ ولا إقامةٍ قال ابن قُدامة: (وإنْ صلَّى مصلٍّ بغير أذان ولا إقامة، فالصَّلاة صحيحةٌ على القولينِ؛ لِمَا رُوِيَ عن علقمةَ والأسود، أنَّهما قالا: دخلْنا على عبد الله فصلَّى بنا، بلا أذانٍ ولا إقامة، رواه الأثرم، ولا أعلم أحدًا خالَف في ذلك إلَّا عطاء). ((المغني)) (1/303). لكنْ قال النوويُّ: (مذهبنا المشهور أنَّهما سُنَّة لكلِّ الصلوات في الحَضَر والسَّفَر، للجماعَةِ والمُنفَرِد، لا يَجبانِ بحالٍ، فإنْ ترَكَهما صحَّتْ صلاةُ المنفَرِد والجماعة، وبه قال أبو حنيفةَ وأصحابُه، وإسحاقُ بن راهويه، ونقَلَه السرخسيُّ عن جُمهورِ العلماءِ). ((المجموع)) (3/82). ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي، مع ((حاشية الشلبي)) (1/90)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/152). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/125)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (3/149). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (3/82)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/107). ، والحنابلة ((الإقناع)) للحجاوي (1/76)، وينظر: ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (1/514). الأَدِلَّةُ: أوَّلًا: مِن الآثارِ عن الأسودِ وعَلقمةَ، قالَا: أتينا عبدَ اللهِ بنَ مسعودٍ في دارِه، فقال: أَصَلَّى هؤلاءِ خَلفَكم؟ فقلنا: لا، قال: فقُوموا فصلُّوا، فلمْ يأمرْنا بأذانٍ ولا إقامةٍ أخرجه مسلم (534). ثانيًا: أنَّ الأذانَ والإقامةَ ليسا من أركانِ الصلاةِ ((المبسوط)) للسرخسي (1/242). ، وهما خارجانِ عنها ((الموقع الرسمي للشيخ محمد بن صالح العثيمين)). الفَرْعُ الثَّالِثُ: اتِّفاقُ أهلِ بلدٍ على ترْكِ الأذانِ إذا اتَّفقَ أهلُ بلدٍ على ترْكِ الأذانِ، فإنَّهم يُقاتَلون قال ابنُ عُثَيمين: (قوله: (يُقاتَل أهلُ بلدٍ ترَكوهما)، والذي يُقاتِلهم الإمام إلى أنْ يُؤذِّنوا، وهذا من باب التعزير لإقامةِ هذا الفَرْض، وليس من باب استباحة دِمائهم؛ ولهذا لا يُتَّبَع مُدبِرُهم، ولا يُجهَز على جريحِهم، ولا يُغنَم لهم مالٌ، ولا تُسبَى لهم ذريَّة؛ لأنَّهم مسلمون، وإنما قُوتِلوا تعزيرًا). ((الشرح الممتع)) (2/47). ، وهو مذهبُ الجمهور: الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (1/384). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير (1/192)، وينظر: ((حاشية العدوي على شرح مختصر خليل للخرشي)) (1/228). ، والحنابلة ((الإقناع)) للحجاوي (1/76)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/234). ، وقولُ بعضِ الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (3/80)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/134). الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّة عن أنسٍ رضي اللهُ عنه قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا غزَا قومًا لم يُغِرْ حتَّى يُصبِحَ، فإنْ سمِعَ أذانًا أمْسَكَ، وإنْ لم يَسْمَعْ أذانًا أغارَ بعدَما يُصبِحُ )) [120] رواه البخاري (2943)، ومسلم (1365). ثانيًا: أنَّه من أعلامِ الدِّين، وفي ترْكِه استخفافٌ ظاهرٌ به ((حاشية ابن عابدين)) (1/384). ثالثًا: أنَّه من شعائرِ الإسلامِ الظاهرةِ؛ فقُوتِلوا عليه كصَلاةِ العِيدينِ ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/391).