المطلب الثاني: شروطُ المُؤذِّنِ
الفَرْعُ الأَوَّلُ: الإسلامُيُشترَطُ في المؤذِّنِ أن يكونَ مسلمًا؛ فلا يصحُّ الأذانُ من كافرٍ.
الأدلَّة:أوَّلًا: من الإجماعنقَلَ الإجماعَ على ذلك:
ابنُ قُدامةَ
قال ابنُ قدامة: (ولا يصحُّ الأذان إلَّا مِن مسلمٍ، عاقلٍ، ذَكَر، فأمَّا الكافر والمجنون، فلا يصحُّ منهما؛ لأنَّهما ليسا من أهل العبادات. ولا يُعتدُّ بأذان المرأة؛ لأنَّها ليستْ ممَّن يُشرَع له الأذان، فأشبهتِ المجنون، ولا الخُنثى؛ لأنَّه لا يُعلم كونه رجلًا، وهذا كلُّه مذهبُ الشافعي، ولا نعلم فيه خلافًا). ((المغني)) (1/300). ثانيًا: لاشتراطِ النيَّةِ في الأذانِ؛ وهي لا تصحُّ من كافرٍ
((كشاف القناع)) للبهوتي (1/236). ثالثًا: لأنَّ الكافرَ ليس من أهلِ العِباداتِ
((المغني)) لابن قدامة (1/300)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/414). الفَرْعُ الثَّاني: العقلُيُشترَطُ في المؤذِّنِ أن يَكونَ عاقلًا.
الأَدِلَّةُ:أوَّلًا: من الإجماعنقَل الإجماعَ على ذلك:
ابنُ قُدامة قال ابنُ قدامة: (ولا يصحُّ الأذان إلَّا مِن مسلمٍ، عاقلٍ، ذَكَر، فأمَّا الكافر والمجنون، فلا يصحُّ منهما؛ لأنَّهما ليسا من أهل العبادات. ولا يُعتدُّ بأذان المرأة؛ لأنَّها ليستْ ممَّن يُشرَع له الأذان، فأشبهتِ المجنون، ولا الخُنثى؛ لأنَّه لا يُعلم كونه رجلًا، وهذا كلُّه مذهبُ الشافعي، ولا نعلم فيه خلافًا). ((المغني)) (1/300). ثانيًا: أنَّ غيرَ العاقلِ كلامُه لغوٌ، وليس في الحالِ من أهلِ العِبادةِ
((المجموع)) للنووي (3/99). ثالثًا: أنَّ المقصودَ - وهو الإعلامُ - لا يحصُلُ بأذانِ المجنونِ؛ لأنَّ الناس لا يَعتبِرونَ كلامَ غيرِ العاقلِ، فهو وصوتُ الطيرِ سواءٌ
((المحيط البرهاني)) لابن مازة (1/345). رابعًا: أنَّه لا يُلتفَتُ إلى أذانِ غيرِ العاقلِ فربَّما يَنتظر الناسُ الأذانَ المعتبَرَ، والحال أنَّه مُعتبَر في نفْس الأمْر؛ فيَخرُج الوقتُ وهم ينتظرون، فيؤدِّي إلى تفويتِ الصَّلاةِ، وفسادِ الصومِ إذا كان في الفَجرِ، أو الشكِّ في صِحَّةِ المؤدِّي، أو إيقاعِها في وقتٍ مكروهٍ
((حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح)) (ص: 133). خامسًا: أنَّ الأذانَ ذِكْرٌ مُعظَّمٌ، وتأذينُ غيرِ العاقلِ ترْكٌ لتعظيمِه
((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/150). الفَرْعُ الثَّالِثُ: الذُّكوريَّةيُشترَطُ في المؤذِّنِ لجماعةِ الرجالِ أن يكون ذَكرًا، وهذا مذهبُ الجمهور: المالكيَّة
((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (1/195)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/231). ، والشافعيَّة
((المجموع)) للنووي (3/100)، ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/472). ، والحنابلة
((الإقناع)) للحجاوي (1/81)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/137). الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن
ابنِ عُمرَ رضِي الله عنه أنَّه كان يقولُ:
((كان المسلمونَ حين قدِموا المدينةَ، يَجتمعونَ فيتحيَّنونَ الصَّلاةَ، ليس يُنادَى لها، فتكلَّموا يومًا في ذلِك، فقال بعضُهم: اتِّخِذوا ناقوسًا مِثل ناقوس النَّصارى، وقال بعضهم: بل بُوقًا مثل قَرْن اليهودِ، فقال عمرُ: أوَلَا تبعثونَ رجلًا يُنادِي بالصَّلاةِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا بلالُ، قمْ فنادِ بالصَّلاةِ )) [319] رواه البخاري (604)، ومسلم (377) وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْه قال: (أوَلَا تَبعَثون رجلًا...) وأمَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بلالًا أن يُؤذِّنَ ممَّا دلَّ على اشتراطِ الذُّكوريَّة في الأذانِ
لذا بوَّب البيهقيُّ على هذا الحديث (باب المرأة لا تُؤذِّن للرِّجالِ) ((السنن الكبرى)) (1/394). ثانيًا: أنَّ المرأةَ منهيَّةٌ عن رفْع صوتِها؛ لأنَّه يُؤدِّي إلى الفِتنةِ
((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/277). ثالثًا: أنَّه من مناصِبِ الرِّجالِ كالإمامةِ والقضاءِ
((الشرح الكبير)) للدردير (1/195). رابعًا: أنَّه لا يصحُّ أذانُها للرِّجالِ؛ قياسًا على عدم صحَّةِ إمامتِها لهم
((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/472). خامسًا: أنَّه يُفتتَنُ بصوتِها كما يُفتتَنُ بوجهِها
((المجموع)) للنووي (3/100). سادسًا: للنَّهي عن رفْعِ صوتِها، فيخرُجُ عن كونِه قُربةً، فيصيرُ كالحكايةِ
((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/137). سابعًا: ولأنَّ أذانَ النِّساءِ لم يكُنْ في السَّلَفِ، فكان من المُحدَثاتِ
((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/150). مسألة: حُكمُ أذانِ النِّساءِاختَلَف العلماءُ في أذانِ النِّساءِ لجماعةِ النِّساءِ أو بمفردهنَّ على أقوال، منها:
القول الأوّل: أنَّه لا يُستحَبُّ لهنَّ الأذانُ، وإنَّما المستحبُّ لهنَّ الإقامةُ، وهذا مذهبُ المالكيَّة
((مواهب الجليل)) للحطاب (2/128)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/236)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/451). ، والشافعيَّة
((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/466)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/406). ، ورواية عن
أحمدَ قال ابنُ قُدامة: (قال القاضي: هل يُستحبُّ لها الإقامة؟ على رِوايتين). ((المغني)) (1/306). ، وهو قولُ
داود قال النوويُّ: (وقال مالكٌ، وأحمدُ، وداود: يُسنُّ للمرأة وللنِّساء الإقامةُ دون الأذان). ((المجموع)) (3/100). ، وبه قال بعضُ السَّلَفِ
قال ابنُ قُدامة: (وعن جابر: أنَّها تُقيم، وبه قال عطاءٌ، ومجاهدٌ، والأوزاعيُّ). ((المغني)) (1/306). وذلك لأنَّ الأذانَ يُخشَى من رفْع المرأةِ صوتَها به الفتنةُ، والإقامةُ لاستنهاضِ الحاضرين، وليس فيها رفْعٌ كالأذانِ
((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/466)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/406). القول الثاني: يُكرَه لهنَّ الأذانُ والإقامةُ، وهذا مذهبُ الحنفيَّة
((البناية)) للعيني (2/112)، وينظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (1/345). ، والحنابلة
((الإقناع)) للحجاوي (1/75)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/232). ، وقول عند الشافعيَّة
((المجموع)) للنووي (3/100)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/406). ، واختاره
ابنُ باز قال ابن باز: (لا يُشرَع للمرأة أن تؤذِّن أو تُقيم في صلاتها، إنما هذا من شأن الرِّجال، أمَّا النِّساء فلا يُشرع لهنَّ أذان ولا إقامة، بل يُصلِّين بلا أذانٍ ولا إقامةٍ). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/356). ، و
ابنُ عُثَيمين قال ابن عثيمين: (المرأةُ ليس عليها أذانٌ ولا إقامةٌ؛ لأنَّ الأذان والإقامة لا بدَّ فيهما من جهْرٍ، والمرأة مأمورةٌ بالتستُّر وإخفاءِ الصوتِ، حتى إنَّ الإمامَ إذا أخطأ فإنَّ المرأةَ لا تردُّ عليه باللِّسانِ، بل بالتصفيقِ؛ لقولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إذا نابَكم شيءٌ في صلاتِكم، فلْيُسبِّحِ الرِّجالُ، ولتُصفِّقِ النساءُ»). ((الموقع الرسمي للشيخ محمد بن صالح العثيمين)). ، وعليه فتوى اللَّجنة الدَّائمة
قالت اللجنة الدائمة: (لا تُسنُّ في حقِّهنَّ الإقامةُ للصلاة، سواء صلَّينَ منفرداتٍ أم صلت بهنَّ إحداهن، كما لا يُشرَعُ لهنَّ أذانٌ). ((فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى)) (6/87). لأنَّ الأذانَ يُشرَعُ له رفْعُ الصوتِ، ولا يُشرَع ذلك للمرأةِ، ولا تُشرَع لها الإقامةُ؛ لأنَّ مَن لا يُشرَعُ له الأذانُ لا تُشرَعُ له الإقامةُ، كغير المصلِّي وكالمسبوقِ
((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/390).