المَطلبُ الخامِسُ: التَّشابُه بَيْنَ اليهودِ والشِّيعةِ الإماميَّةِ في تَكفيرِ غَيرِهم واستِباحةِ دِمائِهم وأموالِهم
يتَشابَهُ الشِّيعةُ واليهودُ في تَكفيرِ غَيرِهم واستِباحةِ دِمائِهم وأموالِهم، فاليهودُ يعتَقِدونَ أنَّهم هم المُؤمِنونَ فقَط، ومَن سِواهم كَفَرةٌ وثَنيُّونَ!
جاءَ في التُّلمودِ: (كُلُّ الشُّعوبِ ما عَدا اليهودَ وثَنيُّونَ، وتَعاليمُ الحاخاماتِ مُطابقةٌ لذلك)
[1965] ((فضح التلمود)) للقسيس برانايتس، ترجمة زهدي الفاتح (ص: 100). .
وجاءَ في التُّلمودِ أيضًا: (النَّعيمُ مَأوى أرواحِ اليهودِ، ولا يدخُلُ الجَنَّةَ إلَّا اليهودُ، أمَّا الجَحيمُ فمَأوى الكُفَّارِ مِنَ المَسيحيِّينَ والمُسلمينَ، ولا نَصيبَ لهم فيها سِوى البُكاءِ لِما فيها مِنَ الظَّلامِ والعُفونةِ)
[1966] ((فضح التلمود)) للقسيس برانايتس، ترجمة زهدي الفاتح (ص: 67). .
واليهودُ يعتَقِدونَ أنَّه ليس لغَيرِهم أيُّ حُرمةٍ، فحُقوقُهم جَميعُها مُهدَرةٌ، ودِماؤُهم وأموالُهم وأعراضُهم مُباحةٌ لليهودِ، وجاءَتِ النُّصوصُ في أسفارِهم المُقدَّسةِ -وفي كِتابِ التُّلمودِ على وجهِ الخُصوصِ- بالحَثِّ والتَّرغيبِ على قَتلِ كُلِّ مَن كان غَيرَ يهوديٍّ، وأخذِ أموالِه بأيِّ وسيلةٍ كانت، ومِنَ النُّصوصِ الدَّالةِ على استِباحَتِهم دِماءَ غَيرِهم: (حتَّى أفضَلُ القويمِ يجِبُ قَتلُه)
[1967] ((فضح التلمود)) للقسيس برانايتس، ترجمة زهدي الفاتح (ص: 146). .
وقال إلْكُوت سيموني أحَدُ عُلماءِ التُّلمودِ: (كُلُّ مَن يسفِكُ دَمَ شَخصٍ غَيرِ تَقيٍّ يعني غَيرَ يهوديٍّ عَمَلُه مَقبولٌ عِندَ اللهِ، كمَن يُقدِّمُ قرُبانًا إليه)
[1968] ((فضح التلمود)) للقسيس برانايتس، ترجمة زهدي الفاتح (ص: 146). .
أمَّا عن الرِّبا فهو مُحَرَّمٌ عِندَ اليهودِ فيما بَينَهم، أمَّا مَعَ غَيرِ اليهودِ فيجوزُ عِندَهم الإقراضُ بالرِّبا؛ وذلك لأنَّهم يرَونَ أنَّه وسيلةٌ مِن وسائِلِ استِرجاعِ أموالِ الأجانِبِ التي هي في الأصلِ مِلكٌ لليهودِ كما زَعَموا؛ فقد جاءَ عِندَهم: (غَيرُ مُصَرَّحٍ لليهوديِّ أن يُقرِضَ الأجنَبيَّ إلَّا بالرِّبا)
[1969] ((فضح التلمود)) للقسيس برانايتس، ترجمة زهدي الفاتح (ص: 81). .
وقد وافقَهم في ذلك الشِّيعةُ الإماميَّةُ؛ إذ يعتَقِدونَ أنَّهم المُؤمِنونَ حَقًّا، ومَن عَداهم مِنَ المُسلمينَ إمَّا كُفَّارٌ أو فسَقةٌ؛ لأنَّهم لم يأتوا بالوِلايةِ التي يعتَقِدُ الشِّيعةُ أنَّها رُكنٌ مِن أركانِ الإسلامِ، أي وِلايةِ عَليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه والأئِمَّةِ مِن بَعدِه، وعَدَمِ الاعتِرافِ بإمامةِ
أبي بَكرٍ ولا عُمَرَ ولا عُثمانَ، ولا غَيرِهم مِن مُلوكِ المُسلمينَ سَواءٌ كانوا عادِلينَ أو ظالمينَ، ولمَّا كانت جَميعُ الفِرَقِ الإسلاميَّةِ لا توافِقُ الشِّيعةَ على هذه العَقيدةِ حَكَم الشِّيعةُ عليهم بأنَّهم نَواصِبُ، يُناصِبونَهم وأهلَ البَيتِ العَداوةَ والبَغضاءَ.
وقد جاءت رِواياتٌ عَديدةٌ في أهَمِّ كُتُبِ الشِّيعة في ظاهرِها تَكفيرُ غَيرِهم مِنَ المُسلمينَ، ومِن ذلك ما رَووه عن
أبي عَبدِ اللهِ جَعفرٍ الصَّادِقِ أنَّه قال: (ما أحَدٌ على مِلَّةِ إبراهيمَ إلَّا نحن وشيعَتُنا، وسائِرُ النَّاسِ منها بَراءٌ)
[1970] يُنظر: ((المحاسن)) للبرقي (ص: 147). .
وعن عَليِّ بنِ الحُسَينِ أنَّه قال: (ليسَ على فِطرةِ الإسلامِ غَيرُنا -يعني أهلَ البَيتِ- وغَيرُ شيعَتِنا، وسائِرُ النَّاسِ مِن ذلك بَراءٌ)
[1971] يُنظر: ((الكافي)) للكليني (8/ 145). .
وجاءَ في تَفسيرِ العَيَّاشيِّ عن حمرانَ قال: سَمِعتُ أبا عَبدِ اللهِ عليه السَّلامُ يقولُ في ذَبيحةِ النَّاصبيِّ واليهوديِّ: (لا تَأكُلْ ذَبيحَتَه حتَّى تَسمعَه يَذكُرُ اسمَ اللهِ)
[1972] يُنظر: ((تفسير العياشي)) (1/ 375). .
وعن الفُضَيلِ بنِ يَسارٍ قال: سَألتُ
أبا عَبدِ اللهِ جَعفرًا الصَّادِقَ عليه السَّلامُ عن نِكاحِ النَّاصِبِ؟ قال: (لا واللهِ، ما يحِلُّ)
[1973] يُنظر: ((الكافي)) للكليني (5/350). .
وعن أبي جَعفرٍ الباقِرِ أنَّه ذَكرَ النَّاصِبَ فقال: (لا تناكِحْهم، ولا تَأكُلْ ذَبيحَتَهم، ولا تَسكُنْ مَعَهم)
[1974] يُنظر: ((الاستبصار)) للطوسي (3/ 184). .
وقد صَرَّحَ الخُمينيُّ بتَحريمِ نِكاحِ أهلِ السُّنَّةِ فقال: (لا يجوزُ للمُؤمِنةِ -أي الشِّيعيَّةِ- أن تَنكِحَ النَّاصِبَ -يعني السُّنِّيَّ- المُعلِنَ بعَداوةِ أهلِ البَيتِ عليه السَّلامُ، ولا الغاليَ المُعتَقِدَ بأُلوهيَّتِهم أو نَبُّوتِهم، وكذا لا يجوزُ للمُؤمِنِ أن ينكِحَ النَّاصبيَّةَ والغاليةَ؛ لأنَّهما بحُكمِ الكُفَّارِ، وإن انتَحَلا دينَ الإسلامِ)
[1975] يُنظر: ((تحرير الوسيلة)) (2/ 260). .
أمَّا الصَّلاةُ فالرَّافِضةُ لا يُجيزونَها خَلفَ أهلِ السُّنَّةِ، فيرَونَ الصَّلاةَ خَلفَهم باطِلةً إلَّا إذا كانت للمُداراةِ والتَّقيَّةِ؛ فعن الفُضَيلِ بنِ يَسارٍ قال: سَألتُ أبا جَعفرٍ عليه السَّلامُ عن مُناكحةِ النَّاصِبِ والصَّلاةِ خَلْفَه؟ فقال: (لا تُناكِحْه، ولا تُصَلِّ خَلفَه)
[1976] يُنظر: ((المحاسن النفسانية في أجوبة المسائل الخراسانية)) لآل عصفور البحراني (ص: 161). .
ويُطلقُ الشِّيعةُ لفظَ النَّاصبيِّ حتَّى على
أحمَدَ بنِ حَنبَلٍ، قال النباطيُّ -وهو مِن عُلماءِ الشِّيعةِ المَشهورينَ في القَرنِ التَّاسِعِ- عن
أحمَدَ: (هو مِن أولادِ ذي الثُّدَيَّةِ، جاهِلٌ، شَديدُ النَّصبِ)
[1977] ((الصراط المستقيم إلى مستحق التقديم)) (3/ 223). ، وذو الثُّدَيَّةِ هو رَئيسُ الخَوارِج في زَمَنِ عَليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، ولا يُعرَفُ عن أحَدٍ مِن أهلِ العِلمِ بالأنسابِ ولا غَيرِهم مِنَ المُؤَرِّخينَ أنَّه ذَكرَ هذا عن
أحمَدَ بنِ حَنبَلٍ.
وهم يستَبيحونَ دِماءَ المُسلمينَ وأموالَهم، لا سيَّما مَن كان منهم مِن أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ؛ فقد جاءت رِواياتٌ في كُتُبهم فيها الحَثُّ على قَتلِ أهلِ السُّنَّةِ، وأخذِ أموالِهم أينَما وُجِدت، فعن ابنٍ فرَقدٍ قال: قُلتُ لأبي عَبدِ اللهِ عليه السَّلامُ: ما تَقولُ في قَتلِ النَّاصبيِّ؟ قال: (حَلالُ الدَّمِ،... فإن قدَرتَ أن تَقلِبَ عليه حائطًا أو تُغرِقَه في ماءٍ لكي لا يشهَدَ به عليك فافعَلْ، قُلتُ: فما تَرى في مالِه؟ قال: تَوِّهِ ما قدَرْتَ عليه)
[1978] يُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (27/231). .
وقال الخُمَينيُّ عِندَ حَديثِه عن الخُمُسِ: (والأقوى إلحاقُ النَّاصبيِّ بأهلِ الحَرب في إباحةِ ما غَنِمتُم منهم، وتَعَلُّقِ الخُمُسِ به، بل الظَّاهِرُ جَوازُ أخذِ مالِه أينَ وُجِدَ، وبأيِّ نَحوٍ كان، ووُجوبُ إخراجِ خُمُسِه)
[1979] ((تحرير الوسيلة)) (1/ 318). .
أمَّا ما يتَعَلَّقُ بنَظرةِ الشِّيعةِ لأهلِ السُّنَّةِ في الحَياةِ الآخِرةِ فإنَّ الشِّيعةَ يعتَقِدونَ أنَّ أهلَ السُّنَّةِ وكُلَّ مَن خالفهم في النَّارِ، وأنَّهم مَهما تَعَبَّدوا واجتَهَدوا فإنَّ ذلك لا يُنجيهم مِن عَذابِ اللهِ يومَ القيامةِ؛ فعن
جَعفرٍ الصَّادِقِ أنَّه قال: (إنَّ النَّاصِبَ لنا أهلَ البَيتِ لا يُبالي صامَ أم صَلَّى، زَنا أم سَرَقَ، إنَّه في النَّارِ، إنَّه في النَّارِ)
[1980] يُنظر: ((ثواب الأعمال وعقاب الأعمال)) للصدوق (ص: 215). .
وعن أبانَ بنِ تَغلِبَ قال: قال أبو عَبدِ اللهِ عليه السَّلامُ: (كُلُّ ناصِبٍ وإن تَعَبَّدَ واجتَهَدَ يصيرُ إلى هذه الآيةِ:
عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً [الغاشية: 3 - 4] )
[1981] يُنظر: ((ثواب الأعمال وعقاب الأعمال)) للصدوق (ص: 247). .
وعن عَليٍّ الخَدميِّ قال: قال أبو عَبدِ اللهِ عليه السَّلامُ: (إنَّ الجارَ يشفَعُ لجارِه، والحَميمُ لحميمِه، ولو أنَّ المَلائِكةَ المُقَرَّبينَ والأنبياءَ المُرسَلينَ شَفعوا في ناصِبٍ ما شُفِّعوا)
[1982] يُنظر: ((المحاسن)) للبرقي (ص: 184). .