الموسوعة الحديثية


- أنَّهُ نَهَى أنْ يُقَامَ الرَّجُلُ مِن مَجْلِسِهِ ويَجْلِسَ فيه آخَرُ، ولَكِنْ تَفَسَّحُوا وتَوَسَّعُوا. وكانَ ابنُ عُمَرَ يَكْرَهُ أنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مِن مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسَ مَكَانَهُ.
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 6270 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه مسلم (2177) باختلاف يسير
حَرَص الإسلامُ على نَشْرِ أسْبابِ التَّآلُفِ واستِجْلابِ المَودَّةِ فيمَا بيْننا، وحَرَص على الابتعادِ عمَّا يُورِثُ التَّنافُرَ والتَّشاحُنَ، ومِن مَبادِئِ الإسلامِ العظيمِ التي تُورِثُ المحبَّةَ: العَدْلُ بينَ النَّاسِ، ومن هذا ما رواه عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عن أن يُقامَ الرَّجُلُ مِن مَجلِسِه ومكانِه (وهذا عامٌّ في كلِّ مَجلِسٍ)؛ لأجْلِ أنْ يَجلِسَ فيه غيْرُه مِمَّن يُعَدُّون مِن عِلْيةِ النَّاسِ أو غيرِهم؛ وذلك لأنَّ السَّابِقَ لمجلِسٍ قد اختَصَّ به إلى أن يقومَ باختيارِه عند فراغِ غَرَضِه، فكأنَّه قد ملك مَنفعةَ ما اختَصَّ به من ذلك، فلا يجوزُ أن يحالَ بينه وبين ما يَملِكُه.
ثُمَّ دلَّهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أدبٍ آخَرَ مِن آدابِ المجلِس، وهو التَّوسيعُ والإفساحُ لِمَن أتَى ولم يَجِدْ مَكانًا للجُلوسِ؛ وذلك أنَّه لَمَّا نهى عن أن يقامَ أحدٌ مِن مَوضِعِه تعَيَّنَ على الجالِسين أن يُوسِّعوا له، ولا يتركوه قائمًا؛ فإنَّ ذلك يؤذيه، وربما يُخجِلُه، وفي الإفساحِ: إظهارُ التَّقديرِ والاحتِرام للقادِم مِمَّا يَزرَعُ المحبَّةَ بيْنَ النَّاسِ.
ولهذا كان ابنُ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنهُما يَرَى أنَّ الإنسانَ أحقُّ بمَجْلِسِه، فإذا قام له رجلٌ مِن مجلِسِه لم يجلِسْ فيه؛ ممتَثِلًا في ذلك نَهْيَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحديثِ.
تم نسخ الصورة