- ليسَ مِن رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أبِيهِ - وهو يَعْلَمُهُ - إلَّا كَفَرَ، ومَنِ ادَّعَى قَوْمًا ليسَ له فيهم، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.
الراوي :
أبو ذر الغفاري
| المحدث :
البخاري
| المصدر :
صحيح البخاري
| الصفحة أو الرقم :
3508
| خلاصة حكم المحدث :
[صحيح]
| التخريج :
أخرجه البخاري (3508)، ومسلم (61)
حِفظُ الأنْسابِ مِن الاخْتِلاطِ والضَّياعِ مَقصِدٌ جَليلٌ مِن مَقاصِدِ الشَّرعِ.
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي أبو ذرٍّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه سَمِع النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: «ليس مِن رَجلٍ ادَّعى»، أيِ: انتَسَبَ لغَيرِ أبيه الحَقيقيِّ، واتَّخَذه أبًا رَغبةً عن أبيه، وهو يَعلَمُ أنَّه ليس أباهُ؛ إلَّا كَفَر بالنِّعمةِ الَّتي كانت لأبيه عليه، وفعَل ما يُشبِهُ أفْعالَ أهلِ الكُفرِ، وإنِ استحَلَّ ذلك خرَج عنِ الإسْلامِ، أو ورَد هذا القَولُ على سَبيلِ التَّغْليظِ لزَجرِ فاعلِه، وقد يُعْفى عنه، أو يَتوبُ فيَسقُطُ عنه العِقابُ.
وقُيِّدَ بالعِلمِ؛ لأنَّ الإثمَ إنَّما يَترتَّبُ على العالِمِ بالشَّيءِ، المُتعمِّدِ له، فلا بدَّ منه في الحالَتَينِ إثْباتًا ونَفيًا، وقيلَ: أتى هذا الشَّرطُ؛ لأنَّ الأنْسابَ قد تَتَراخى فيها مُدَدُ الآباءِ والأجْدادِ، ويَتعذَّرُ العِلمُ بحَقيقتِها، وقد يقَعُ اخْتِلالٌ في النَّسبِ في الباطِنِ من جِهةِ النِّساءِ، ولا يَشعُرُ به. وهذا الفِعلُ الدَّنيءُ إنَّما يَفعَلُه أهلُ الجَفاءِ والجَهلِ والكِبرِ؛ لخِسَّةِ مَنصِبِ الأبِ ودَناءَتِه، فيَرى الانتِسابَ إليه عارًا ونَقصًا في حقِّه.
ثمَّ أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَنِ ادَّعى قَومًا، فانتسَبَ إليهم، وليس له فيهم نسَبُ قَرابةٍ، أو نَحوِها؛ فلْيتَبوَّأْ مَقعَدَه مِنَ النَّارِ، أي: هذا جَزاؤُه، فلْيَنزِلْ مَنزِلَه منها، أو فلْيتَّخِذْ مَنزِلًا بها.
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عنِ انْتِسابِ الإنْسانِ إلى غيرِ أبيه.
وفيه: أنَّ انْتِسابَ الإنْسانِ لقَومٍ لا يُوجَدُ نسَبٌ له فيهم سَببٌ مِن أسْبابِ العَذابِ.
وفيه: إطْلاقُ الكُفرِ على المَعاصي، وأنَّها تُنافي كَمالَ الإيمانِ.