الموسوعة الحديثية


-  سُئِلَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قالَ: أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ. قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فأكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ. قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فَعَنْ معادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي؟ النَّاسُ مَعادِنُ، خِيَارُهُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الإسْلَامِ إذَا فَقُهُوا.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 3383 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه البخاري (3383)، ومسلم (2378)
كانَ أصحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحرِصونَ على تَحصيلِ أفضَلِ المَكارمِ وأحسَنِ الأخلاقِ، وكانوا يَسأَلونَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَن المتَّصِفينَ بهذه الصِّفاتِ؛ لِيَسلُكوا مَسْلَكَهم ويَعرِفوا قدْرَهم.
وفي هذا الحَديثِ يَسأَلُ الصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَن أكْرمِ النَّاسِ، وأصْلُ الكرَمِ: كَثرةُ الخَيرِ، فقال لهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أَتْقاهُم للهِ»؛ وذلك لِقولِه تعالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، فقالوا له: «ليس عَن هذا نَسألُك»، أي: لا نَقصِدُ ذلِكَ يا رسولَ اللهِ، فقال لهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «فَأكرَمُ النَّاسِ يُوسفُ نَبِيُّ اللهِ»؛ وذلك لأنَّه عليه السَّلامُ جمَعَ بيْن مَكارمِ الأخلاقِ مع شَرَفِ النُّبوَّةِ مع شَرَفِ النَّسبِ؛ فهو ابنُ نَبيِّ اللهِ يَعقوبَ ابنِ نَبيِّ اللهِ إسحاقَ ابنِ خَليلِ الرَّحمنِ إبراهيمَ عليهم وعلى نَبيِّنا الصَّلاةُ والسَّلامُ، وانضَمَّ إليه شَرَفُ عِلمِ الرُّؤيا وتَمكُّنُه فيه، وسِياسةُ الدُّنيا ومِلْكُها بالسِّيرةِ الجَميلةِ، وحِياطتُه للرَّعيَّةِ وعُمومُ نفْعِه إيَّاهم، وشَفقتُه عليهم، وإنقاذُه إيَّاهم مِن تلك السِّنينَ العِجافِ. فقالوا: «ليس عَن هذا نَسأَلُك، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فعَن مَعادِنِ العرَبِ تَسأَلونِي؟» ومَعادِنُ النَّاسِ: أصولُهمُ الَّتي يُنْسَبونَ إليها ويَتَفاخَرُون بها، فقال: «النَّاسُ مَعادِنُ»، أي: أُصولٌ مُختلِفةٌ ما بيْن نَفِيسٍ وخَسيسٍ، كما أنَّ المَعدِنَ كذلك، والمعادنُ جمْعُ مَعدِنٍ؛ وهو الشَّيءُ المُستقِرُّ في الأرضِ، وكلُّ مَعدِنٍ يَخرُجُ منه ما في أصْلِه، وكَذا كُلُّ إنسانٍ يَظهَرُ مِنه ما في أصْلِه مِن شَرَفٍ أو خِسَّةٍ، «خِيارُهم في الجاهليَّةِ خِيارُهم في الإسلامِ إذا فَقُهُوا»، أي: إنَّ مَن كانَ له أصلٌ شَريفٌ في الجاهليَّةِ ثُمَّ أسلَمَ، فإنَّه يَبْقى على هذا الشَّرفِ إذا صار فَقِيهًا في دِينِه؛ فإنَّ الأفضَلَ مِن جمَعَ بيْن الشَّرَفِ في الجاهليَّةِ والشَّرَفِ في الإسلامِ، ثمَّ أضاف إلى ذلك التَّفقُّهَ في الدِّينِ، والجاهليَّةُ: فَتْرةُ ما قبْلَ الإسلامِ؛ سُمُّوا بِه لكَثرةِ جَهالاتِهم.
وفي الحديثِ: فضْلُ التَّقْوى والعمَلِ الصَّالحِ والفِقهِ في الدِّينِ.
وفيه: أنَّ طِيبَ النَّسَبِ مُعتبَرٌ في رفْعِ مَنزِلةِ الرَّجلِ إذا كان مُؤمِنًا تَقيًّا فَقيهًا.
وفيه: فضْلُ نَبيِّ اللهِ يُوسفَ عليه السَّلامُ.
تم نسخ الصورة